كما أشرت في الأمس، فقد صدرت لائحة صناديق الاستثمار في عشرة أبواب مقسمة إلى 52 مادة لتنظيم تأسيس وعمل صناديق الاستثمار وإدارتها وطرح وحداتها، إضافة إلى جميع الأنشطة المتعلقة بها، وبذلك تكون المرجعية الرئيسة لجميع الأطراف ذات العلاقة بالصناديق. وفي بيانها الرسمي، أشارت هيئة السوق المالية إلى أهمية اللائحة الجديدة التي هدفت إلى (وضع أسس ومعايير سليمة لتطوير أداء صناديق الاستثمار)، ولعلنا نجد في مثل هذا القول نوعا من الاعتراف المبطن بقصور الأنظمة السابقة، وعدم مطابقتها للمعايير السليمة، أو أنها كانت خاضعة لمعايير منقوصة لا ترقى إلى مستوى الدقة التي يفترض أن تكون متوافرة للصناديق منذ يوم إشهارها الأول، خصوصا صناديق الاستثمار في الأسهم المحلية. وأشار البيان أيضاً إلى (حرص الهيئة على استكمال المنظومة التشريعية للسوق المالية)، ولا جدال في ذلك على اعتبار أن اللائحة الجديدة تمثل الدليل القاطع على حرص الهيئة بإنهاء جميع ملفات المنظومة التشريعية العالقة التي كان من المفترض أن تنجز في مرحلة متقدمة جدا من هذا التاريخ، ولعلنا نجد للهيئة بعض العذر إذا ما أخذنا في الاعتبار حرصها، كما جاء في البيان، على استكمال اللائحة على أسس علمية دقيقة، مستفيدة من التجارب المحلية والدولية، ومستنيرة بآراء المختصين والمهتمين وجميع الجهات والأطراف ذات العلاقة بالأسواق المالية، وصناديق الاستثمار على وجه الخصوص. في البيان نفسه، توقعت هيئة السوق المالية (أن يؤدي تطبيق هذه اللائحة إلى الرفع من نسبة إسهام المؤسسات الاستثمارية في السوق والمساهمة في الحد من المخاطر) وهو توقع يرقى إلى مستوى التأكيد بإذنه تعالى، شريطة أن تطبق مواد اللائحة بدقة متناهية، وأن لا يسمح بتجاوزها أو الالتفاف على موادها الأساسية، وأن يشرع في التأكد من نفاذها والالتزام بها، واعتبارها المرجع الفصل في جميع القضايا ذات العلاقة بصناديق الاستثمار. وقبل أن نبدأ في طرح أهم أبواب اللائحة وموادها الأساسية نعود إلى بيان الهيئة الذي أوجز فيه محتويات اللائحة التي اشتملت، كما نص البيان، على (جميع الأحكام المتعلقة بالترخيص لتأسيس وطرح وحدات صناديق الاستثمار ورفع التقارير المتعلقة بها للهيئة ولمالكي الوحدات، ومتطلبات الإفصاح من قبل مديري الصناديق، ومتطلبات شروط وأحكام صناديق الاستثمار، والإعلانات الخاصة بالصناديق، والأحكام المتعلقة بمديري الصناديق والإشراف على الصناديق من قبل مجالس إدارات الصناديق، وكذلك الأحكام المتعلقة بطرح الوحدات واستردادها وفئات صناديق الاستثمار). اشتمل الباب الأول للائحة صناديق الاستثمار على الأحكام التمهيدية، ومن أهم ما ورد فيها توضيح هدف اللائحة، والتأكيد على أن لائحة صناديق الاستثمار يجب أن لا تخُل (بما ورد في لائحة الأشخاص المرخص لهم ولائحة أعمال الأوراق المالية من أحكام) وهو ربط مباشر بلوائح تنظيمية أخرى على علاقة بالسوق المالية. الترخيص في الباب الثاني ربطت اللائحة بين طرح وحدات صناديق الاستثمار وبين أحكامها، وميزت بين الطرح العام والخاص، ثم حددت المادة الرابعة من النظام متطلبات الطرح الخاص الذي يجب أن لا يقل المبلغ المطلوب دفعه من كل مطروح عليه عن مليون ريال سعودي، أو ما يعادله من العملات الأخرى، ثم حددت الأشخاص الذين يوجه لهم الطرح ب: حكومة المملكة، مؤسسة النقد، أي هيئة دولية تعترف بها هيئة السوق المالية، السوق وأي سوق مالية أخرى تعترف بها الهيئة، مركز الإيداع، أشخاص مرخص لهم يتصرفون لحسابهم الخاص، شركات استثمارية تتصرف لحسابها الخاص، وأي أشخاص آخرين تعدهم الهيئة مستثنين؛ أو أن تكون الوحدات صادرة عن حكومة المملكة، أو عن هيئة دولية معترفا بها من قبل الهيئة، أو في حالة ألا يزيد عدد الأشخاص (الأطراف) المشتركة على 200 شخص (مطروح عليه) وألا يقل المبلغ المستثمر عن مليون ريال سعودي وبشروط محددة. واحتفظت الهيئة لنفسها بحق الاستثناء من شروط الطرح الخاص وفق ضوابط محددة، وحق رفض الطرح، أو إيقافه إذا ثبت لها أن الطرح الخاص (قد لا يكون في مصلحة المستثمرين في المملكة)، وفي هذا حماية تشريعية مميزة للمستثمرين. ومن المواد المهمة أيضاً في هذا الباب المادة التاسعة التي تشترط موافقة الهيئة على التغييرات الجوهرية التي تجرى على شروط وأحكام، ومستندات التأييد الخاصة بالصندوق، إضافة إلى المادة العاشرة ذات العلاقة بالتقارير التي تشترط على مدير الصندوق تقديم قوائم الصندوق المالية السنوية المدققة خلال 90 يوما من نهاية السنة المالية لصندوق الاستثمار، والقوائم المالية الأولية كل ستة أشهر، وخلال مدة لا تتجاوز 45 يوما من نهاية الفترة. وبهذا تكون الهيئة قد قضت على مشكلة التقارير الأزلية التي تعاني منها السوق والمستثمرين. ونكمل غدا - بإذن الله -. ملاحظة: يبدو أن جهاز الكومبيوتر قد اقتطع جملة من مقالة الأمس وكررها في موضع آخر لا علاقة له بها، فأصبحت كالجملة الإعتراضية، وهي كذلك، لذا وجب التنويه والاعتذار.