هذه بعض إحصاءاتهم الدقيقة الصادرة من مؤسساتهم المتخصِّصة المعتبرة، تؤكد أنَّ إخراج الإنسان من دائرة شرع الله تحوِّله إلى حياة حيوانيةٍ بائسة، بل تجعل حياة الحيوان أكثر انضباطاً من حياته، ومع ذلك فلا يزال بعض رجال المسلمين ونسائهم ينادون دون خجلٍ ودون حياءٍ بسلوك طريق أولئك البائسين نداءً واضحاً أحياناً، ونداءً مغلَّفاً بغلاف دعاوى الحرية والمصالح الاقتصادية وحقوق الإنسان أحياناً أخرى، إحصاءات الغرب في مجال الأسرة والمجتمع تؤكد أنَّ هبوط القوم إلى ما دون مستوى الحيوان قد أصبح واقعاً معاشاً وأنَّ انفلاتهم من تعاليم الدين، ونظام الأسرة، وخروجهم على سنن الله سبحانه وتعالى في كونه قد فتح عليهم باب الضياع والانحلال الخلقي على ألف مصراعٍ ومصراع، وأنَّ أحسن مظهر خارجي عندهم لرجلٍ أو امرأة يخفي وراءه من انحراف الفطرة، واختلاط الإنسان، وضياع الأخلاق الفاضلة ما لا يكاد يحيط به وصف. هنالك إحصاءات مخيفة، أصبح عقلاؤهم يصرخون بأصواتهم العالية: أنقذونا وأنقذوا مجتمعاتنا من هذا الانهيار والضياع، أخرجونا من أنفاق الفساد، والأمراض الخطيرة التي تنتشر بسببه في مجتمعات الغرب ذات البريق المدنيّ الأخَّاذ، نداءاتهم تعلو لكنَّ ضجيج مدينتهم، وصخب إعلامهم المنحرف ما زال يحول بينها وبين مسامع كثيرٍ من الناس. وقبل ذكر بعض تلك الإحصاءات الخطيرة أقول لبعض رجال ونساء مجتمعنا المسلم بصفة عامة، ومجتمعنا السعودي بصفة خاصة الذين طاب لهم ما جرى من فتح نوافذ إعلامية فضائية أخيراً فأخذوا يعرضون ثقافتهم المتشبّعة بثقافة المجتمع الغربي بشيء من الجرأة وعدم المبالاة، وبصورة تدلُّ على غياب الرؤية الشرعية الصحيحة: راجعوا أنفسكم فليس النجاح في الأعمال التجارية يا رجال وسيدات الأعمال موقوفاً على الرَّطانة الأجنبية ولا على الأزياء الغربية، ولا على الأشكال المقلِّدة للرجل الغربي والمرأة الغربية، وإنما هي أعمال قائمة على مقدمات ونتائج، مرتبطة بما كتبه الله من الرزق للإنسان في هذه الحياة الدنيا، وأقول أيضاً لبعض شاشات التلفاز: هوِّني عليك فليست المزيَّة الإعلامية في عرض برنامج تخرج فيه امرأة مسلمة بصورة غير منضبطة سواء من حيث الشكل، أو من حيث الأقوال والأفكار، وإنما المزيّة الإعلامية في تقديم عمل إعلامي متميِّز منسجم مع سياق ثقافة الأمة وفكرها القائمين على دينها الحق، إنَّ وسائل الإعلام تخاطب أجيال الأمة ذكوراً وإناثاً، وهم سواعد بناء المستقبل، وهم المستهدفون من قِبل كل الوسائل التربوية والثقافية المنتشرة في أنحاء العالم، فمن واجب وسائل الإعلام المسلمة أن تنطلق في خطابها العام من منطلق إسلامي صحيح يحول بين الآخرين وبين التأثير السلبي في عقول أجيالنا، وعندنا من المبادىء والقيم ما فيه شفاء لأمراض الغرب الأخلاقية التي تدل عليها إحصاءاتهم الخطيرة، ونحن لا نزكي أنفسنا فنحن بشر نخطئ ونصيب، لكنَّنا نزكي مبادئنا وتعاليم الدين الحق الذي ختم الله به الأديان، وشرع فيه ما يصلح حياة الناس في الدنيا والآخرة. تقول إحصاءات الغرب: 45% من المواليد في فرنسا خارج دائرة الزواج فهم مواليد غير شرعيين، 48% من طالبات الثانوية في أمريكا حملن سفاحاً، ونسبة كبيرة منهن يعانين من أمراض نفسية خطيرة، من بين 8 ملايين حالة زواج في فرنسا يُوجد (660) ألف أسرة مستقرة فقط، وبقية الحالات يجرفها الطلاق والخلاف المرتبط بالفساد الأخلاقي، وتتراوح نسب مواليد السِّفاح بين 30 إلى 50% في بلاد أوروبية مختلفة، وقد تزيد على النصف في أمريكا، حتى في حالات الزواج، فإن نسبة كبيرة من المواليد تتم قبل الزواج، أي في فترة الصداقة بين الزوجين، وتفيد الدراسات النفسية عندهم بأنَّ لهذه الحالات انعكاسات نفسية خطيرة على معظم الأجيال الناشئة، مع ما سبَّبته من انتشار الأمراض الخطيرة المرتبطة بهذا الانفلات التي يأتي مرض الأيدز في مقدمتها، أيحق لأحدٍ بعد ذلك أن يلوم مبادئنا وينتقد ضوابطنا؟ يقول ابن القيم: مفسدة الزنى منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب وصيانة الحرمات، ويوقع العداوة بين الناس وفي ذلك خراب العالم. إشارة: من الحكمة أنْ تكون الوقايةُ سابقةً للعلاج