سئل الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - عن المزايا التي اختص بها النكاح من الأحكام قال: (النكاح نعمة من النعم العظيمة وآلائه الجسيمة حيث شرعه الله لعباده وجعله وسيلة وطريقاً إلى مصالح ومنافع لا تحصى، ورتب عليه من الأحكام الشرعية والحقوق الداخلية والخارجية شيئاً كثيراً وجعله من سنن المرسلين وطريق عباده الصالحين) .. ثم ساق الشيخ ثمانية وعشرين فرقاً بين النكاح وغيره من العقود. ولقد اهتم الإسلام بالأُسرة وسنّ تشريعات تضمن تماسكها واستقرارها، فورد في كتاب الله سورتان (النساء والطلاق) تنظمان العلاقة بين الزوجين، إضافة إلى بعض الآيات المتفرقة التي تعالج شئون الأُسرة على وجه العموم. وعقد النكاح في الإسلام له مقاصد عظيمة ومنزلة رفيعة حيث سمّاه الله بالميثاق العظيم، قال الإمام البخاري - رحمه الله -: (اعلم أنّ أشرف العقود في شرع الله من المعاملات هو عقد النكاح الذي هو سبب الخير والصلاح، ولهذا خص بالإشهاد من العدول وحضرة الأولياء والأصول). وإني في هذا المقام أحب التنبيه إلى مسألة خطيرة في زواج المسيار الذي انفتح الناس عليه بصورة تنذر بالخطر العظيم، والذي ربما تعصف بالمجتمع، حيث وصل الأمر ببعض النساء من الأرامل والمطلّقات من التنازل عن بعض الأمور التي ربما تكون سبباً في ضياع حقوقها في المستقبل. ومن أبرز تلك التنازلات الموافقة على عدم توثيق النكاح رسمياً عند مأذون الأنكحة خشية من انقطاع مخصصات الضمان الاجتماعي، وكذلك إلحاح الزوج بعدم توثيق النكاح إمعاناً في التكتُّم والسرية خشية من تسرُّب الخبر، وبهذا تكون الفرصة سانحة للمتلاعبين أن يتنصّلوا من تبعات هذا الزواج، فتحرم المرأة بسبب عدم التوثيق رسمياً من الإرث وإلحاق نسب الأولاد بأبيهم. إنّ توثيق النكاح رسمياً عند مأذون الأنكحة إجراء استحدث لفائدة اجتماعية وأمنية، وذلك منعاً للفوضى والتلاعب والمحافظة على النسب والأعراض والحقوق، ودفعاً للتناكر عند النزاع. لذا أحذِّر من التساهل من توثيق النكاح، فقد أوجب الله الوفاء بشروطه والوقوف عند حدوده .. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج).