ذكَّرتني أحداث مباراة الهلال والنصر الأخيرة بتلك المباريات التي تجمع بين الزمالك والأهلي في الدوري المصري، وما يحدث بها من أعمال شغب بعيدة كل البُعد عن الروح الرياضية، لا بد أن يستنكرها كل رياضي مهما كانت ميوله. لكن يبدو أن الظاهرة وفيروس الشغب بدأ يزحف إلى ملاعبنا، وأعتقد أن الاتحاد السعودي لكرة القدم وهو الحريص دائماً على سمعة الرياضة السعودية عليه أن يُحاصر هذا الفيروس ويستخدم كل المضادات وكل الإجراءات لطرد هذا الفيروس من ملاعبنا، إنّ من يُعرِّض تاريخنا الرياضي المشرِّف لظواهر غريبة وشاذة قد تنعكس على ثقافة الوعي الجماهيري الإيجابية التي كانت وما زالت وستبقى - إن شاء الله - تسود المدرجات السعودية لا بد أن يُراجع نفسه، ولا بد لرؤساء الأندية جميعاً والجماهير الرياضية أن تتصرف ضمن دائرة التنافس الشريف، وأن لا يبتعدوا عن الأخلاق والروح الرياضية المثالية. إن الأمن والمحافظة عليه واجب كل مواطن ومسؤول وهو فوق كل الاعتبارات والعواطف وفوق كل المعايير والحسابات. أنا لا أود أن أخوض في قرار الحكم، فالأخطاء التحكيمية واردة وتحدث في كأس العالم وفي كل البطولات والمسابقات وكل المنتخبات والأندية عُرضة لها طالما أنهم يلعبون كرة القدم، ورغم مطالبتي وإلحاحي على ضرورة أن يكون هناك حكام أجانب للمباريات الهامة في الدوري إلا أنني أرى أن هذه المباراة لا تحمل تلك الأهمية باعتبار أن الهلال هو المتصدر للدوري والنصر في المراكز المتأخرة، بل إن النصر فقد الأمل في التأهُّل للمربع الذهبي ويحتاج إلى جهد لا يتوفر في بنيته الفنية ولا في طموحات إدارته التي أعلنت إفلاسها في استقدام لاعب بملايين الدولارات مكانه على مقاعد الاحتياط. إنني أعتقد أن الإدارة النصراوية وجدت العذر لإخفاء مجمل العيوب الفنية والإدارية بعد إلغاء الهدف القضية لكون هذه المباراة ليس لها أهمية تُذكر للاعتبارات التي ذكرتها سابقاً.. أما الذي يريد أن يعتبر هذه المباراة هي مباراة ديربي فهذا أيضاً أرتكب خطأً فادحاً، فهناك فوارق فنية وإدارية منذ سنوات طويلة ألغت مثل هذا التنافس الوهمي، الذي يحاول أن يتمسَّك به البعض لأغراض إقناع النفس بأن النصر ضمن الفرق القوية، لكن من يعود للتاريخ القريب يستطيع أن يكتشف بنفسه الأمور ويقيّمها. ولو أردنا أن نعود إلى هذا الدوري نجد أن النصر انهزم من الأهلي والاتحاد والشباب والاتفاق والهلال وتعادل مع الفيصلي وفاز على الطائي في آخر دقيقة في الوقت الضائع هذه هي نتائج النصر في هذا الموسم.. فهل يُعقل أن يُسبب هذا الهدف الملغي كل هذا الشغب الذي هو جديد في ملاعبنا لفريق المراكز المتأخرة جداً في الدوري. في الختام يمكن الوصول إلى ثلاث نقاط: الأولى: إن المباراة لم تكن ذات أهمية قصوى تؤثر في خريطة الدوري، أو في إدخال فريق على حساب فريق المربع الذهبي، ولم تكن مباراة نهائية والكأس في المنصة وحُرم منها النصر. الثانية: أريد من جميع الزملاء الإعلاميين بمختلف ميولهم التركيز على موضوع الشغب في الملاعب ويجب أن نتفق جميعاً على شجب هذه الظاهرة وأود من الإعلام المرئي وبشكل خاص عدم السماح لكل شخص بالتحدُّث على الهواء، وخصوصاً مسئولي الأندية في هذه الفترة. الثالثة: لا بد أن يكون جميع رؤساء الأندية والقائمين على إدارة الكرة والجماهير الرياضية والإعلاميين على مستوى من الثقافة والوعي وتحمُّل المسؤوليات وخصوصاً في مثل هذه الظروف التي قد تحدث وقد تتكرر في عالم كرة القدم. مضاعفة رجال الأمن دخول عدد كبير من جماهير وأعضاء النصر داخل المضمار والاتجاه لغرف الحكام بعد المباراة ظاهرة خطيرة تستوجب أخذ الاحتياطات لتلافيها من منطلق الحرص على الأمن والانضباط داخل الملعب، ولاحظت أن أعداد رجال الأمن لم تكن الأعداد الكافية لفرض السيطرة الكاملة على الملعب وحماية الحكام، كذلك يجب تأمين المناطق الخلفية لرجال الخطوط وترك فراغات في المدرجات بحيث يتم ضمان عدم رمي أو وصول الأحذية أو علب المشروبات الفارغة داخل الملعب.. أملنا كبير في المسؤولين في الجهات الأمنية لاتخاذ الإجراءات الكفيلة لحماية الملعب والجماهير والحكام.. حفظ الله بلادنا الآمنة من كل مكروه. همسات 1- ظهر الهلال بجاهزية فنية عالية، ولاعبوه كلهم نجوم باستثناء نواف والدعيع الذي ظهر بمستوى متواضع أعطى للنصر دفعة معنوية لم تدم أكثر من عشر دقائق.. الحارس العملاق عليه العودة إلى مستواه المعروف. 2- رغم الطريقة الدفاعية التي لعب بها مدرب النصر خوفاً من هزيمة ثقيلة تلاعب المبدع ياسر القحطاني بالمدافعين النصراويين حتى لجأوا إلى العنف لإيقاف زحف المبدع الهلالي. 3- فهد الهريفي لا يستطيع أن يجيد التعبير فبدلاً من أن يقول إن الأندية لديها موارد مالية اكتفى بالقول (عند الأندية دخل جامد) والجامد في قاموس الهريفي تكبير الشيء أو تعظيمه.. فيلسوف اللغة يستمر في الإبداع اللغوي وصالح الحمادي يضحك ولا ألومه والقنوات المشفرة تستمر في الاستخفاف بالجماهير وعدم احترامهم بإحضار من يسيئون إلى سمعة الوطن مثل ماجد عبد الله الذي لا يجيد مخارج الحروف نحن موطن البلاغة والفصاحة.. ارحمونا. 4- بعض الجماهير النصراوية تقول إن حكم المباراة حرمها من الفوز لأن الهدف الثالث كان جاهزاً بعد هدف المشعل الملغي.. صحيح أن الجنون فنون.. فريق لم يستطع أن يفوز على الفيصلي ويريد أن يفوز على الهلال في الوقت بدل الضائع (أصحاب العقول في راحة). 5- الحكم تجاهل طرد عدد من لاعبي النصر الذين تعمَّدوا ضرب المبدعين بألعاب خطيرة تستحق الكرت الأحمر.