أنت الآن في ضيافة صديق عزيز عليك.. يفرح بك... يستقبلك بحفاوة.. يقدّم لك كوباً من الشاي، لأنه يعلم أنك تحب الشاي..!! غير أنك حين تذوقته امتعضت جداً، وظهر الامتعاض على وجهك.. لماذا؟ لأنه شديد المرارة، لا يوجد به سكر على الإطلاق...! أدرك الصديق هذا بسرعة فبادر يعتذر إليك.. ويخبرك أن السكر في قاع الكوب.. وأنه نسي أن يحركه.. ثم ناولك ملعقة لتحرِّك بها السكر كما تريد.. ولما تذوقت الشاي هذه المرة.. هززت رأسك إعجاباً، وارتشفت استمتاعاً.. وشكرت سعيداً..!! ولكن ما علاقة السكر بالعميل أو العملاء؟؟ إن السكر كان موجوداً في قاع الكوب، ولكن لم يظهر تأثيره إلا عندما تم تحريكه وذاب في ماء الشاي.. وهنا بيت القصيد، إذ إن العلاقة المميزة والمحترمة بيننا وبين عملائنا تكون موجودة أصلاً، ولكن تحتاج إلى تحريك.. فكيف نقوم بتحريك قطع السكر التي تكون بيننا وبين عملائنا؟؟ نقوم بذلك بالتعابير الجميلة كالاستقبال المطلوب والكلمة الطيبة والابتسامة البيضاء وغيرها... فكم من شركة أو بنك تود أن تعود إليهم حتى وإن لم تكن لك حاجة, وغيرهم، فإنك تتعهد لنفسك ولهم بعدم الرجوع حتى ولو لحاجة!! نقوم بذلك بأداء الخدمة على الوجه المطلوب حسب ما يتوقعه ويطلبه العميل, ولا يكتفي بذلك بل إننا نحرك جميع طاقتنا السكرية لكي تكون خدماتنا متميزة عن غيرنا حباً وحفاوةً بعملائنا. نقوم بذلك أيضاً بمتابعة وتحسس عملائنا بعد تقديم الخدمة لهم وإدراكنا السريع لما يزعجهم.. إن ذلك يترك أثراً عظيماً في نفسية عملائنا, فلو لم يكن هذا المضيف متابعاً لوجه مضيفه بعد تقديم كوب الشاي له لما أدرك سبب امتعاضه، وكانت النتيجة تصحيح الوضع سريعاً كما يجب. فهذه المتابعة وتلقي التغذية المرتجعة من عملائنا يجعلنا نتلافى أخطاءنا، ونطور في خدماتنا على أكمل وجه حسب متطلبات عملائنا وتوقعاتهم. ولعل كثيراً من الشركات والمؤسسات قد فطنت إلى حبات السكر الموجودة بينها وبين عملائها، فقامت بتحريكها على أتم وجه، وذلك بفتح الفروع الكثيرة لتكون قريبة من عملائها كلهم، وتقليل وقت الخدمة إلى أقصى حد وتوفير أساليب الراحة والمتعة لهم وغيرها من الخدمات كالاتصال المباشر وغير المباشر لكل عملائها. وأذكر على سبيل المثال قصة قريب لي ميسور الحال، وكانت عنده سيارة راقية وقام بتغييرها بأخرى جديدة من الشركة نفسها، فسألته متعجباً: لِمَ لَمْ تغير نوع السيارة، فإنه يوجد أقوى منها وأجود؟ فرد علي وقال: بصراحة إن العناية والميزات التي أجدها في هذه الشركة عند كل زيارة لهم تأسرني وتجعلني لا أجد بديلاً مناسباً عنها. قد يقول قائل كل ذلك من حبات سكر كانت موجودة في قاع كوب.. نعم إن من يعرف مقدار حبات السكر ويعرف فن تحريكها وإطلاق طاقاتها أولاً لا شك أنه يفوز برضا عملائه سريعاً، والعكس صحيح تماماً, فمتى نعرف نحن؟؟ [email protected]