القريب من القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، يدرك مدى عقلية هذا الرجل واحترافيته وتاريخه الإداري المميّز، ومتانة علاقاته الواسعة في المجتمع الدولي الرياضي، وما يثير الاستغراب حقاً أنّ وجود هذه العقلية الإدارية الكروية الجيدة، وتمتُّعه بالنفوذ الإداري داخل سلطة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، لم يمنع من وجود مشكلات حقيقية وواضحة المعالم للجميع في الاحتفالية الأخيرة لتوزيع الجوائز الآسيوية، إذ تم تسريب المعلومات بكاملها قبل بداية الاحتفالين عامي 2005م و2006م، والأخير شهد إضفاء معايير جديدة لاختيار جائزة أفضل لاعب لم تكن بالصورة الموفّقة، وأصبحت مثار احتقان العديد من المهتمين بالكرة الآسيوية، إذ إنّها مطاطية الهوى، ولا يمكن أن تكون مقنعة لافتقارها لأبسط أبجديات العدالة الفنية، إذا ما علمنا أنّ مراقبي المباريات - ومعظمهم ليس بذلك المستوى الفني - هم من يحدد الأفضل والأجدر. شهرة ابن همام الدولية وتميُّزه الإداري وحزمه في العديد من القرارات الآسيوية، وتغييره للجلد الوظيفي في منظومة إداريي وموظفي الاتحاد الآسيوي، واستغنائه عن العديد من أتباع سلفه (الشاه) الذين عاشوا كمحنّطين داخل الاتحاد الآسيوي وأرجعوه للخلف، حتى وصل إلى العصر الحجري، جعلته - ربما - هدفاً استراتيجياً لتنفيذ مؤامرة الإطاحة به وتشويه سمعته ووضعه في موقف صعب جداً أمام دول آسيا وخاصة غرب آسيا، ولعلّ التسريبات وعدم وضوح المعايير وفشل الاحتفالين الأخيرين إعلامياً قبل بدايتهما، وسخط العديد من مهتمي الكرة الآسيوية على ذلك، يجعل ابن همام في موقف صعب جداً وهو المعروف بقوّته الإدارية ويصنع منه رئيساً لا يستطيع السيطرة على مقاليد احتفالات اتحاده، مما ينتج عنه تذبذب نوعي في إمكانية إعادة انتخابه وعودة الحزب القديم لممارسة بناء العصور الحجرية من جديد، وعلى ابن همام أن يتحمّل كامل مسئولية ما يحدث داخل الاتحاد الآسيوي لأنّه الرئيس، واللدغة التي حصلت مرتين تؤكد أنّه ما زال يحتاج لوقت طويل لتنظيف الاتحاد الآسيوي من (الخونة) و(المرتزقة) الذين سرّبوا معلومات الحفل ووضعوا القطري خلفان إبراهيم، متعمّدين لإحراج ابن همام كونهم من جنسية واحدة وإحراجه لدى دول الشرق والغرب التي لم تقتنع بهذا الاختيار، فيما دول الشرق ترى أنّ هناك مجاملة لطيفة بهذا الاختيار غير الواقعي. كان هذا الحفل محكاً حقيقياً لاختبار القدرات التنظيمية من جميع نواحيها، ويبدو أنّ انشغال ابن همام بمرافقة بلاتر لدبي وعمان والترتيبات لذلك، جعلته يعتمد على من لا يمكن الاعتماد عليه، ولذلك فإنّه سيدفع الثمن غالياً في انتخابات عام 2007م، إذا لم يتدارك ذلك الفساد المعشعش داخل حزب الاتحاد الآسيوي القديم والذي يضرب بأطنابه الصلبة التي تحتاج إلى (بلدوزر) لاقتلاعها .. فهل يفعلها أبو جاسم ذلك الرجل الذي أحبه ... لنعطه الفرصة .. إنّه يستحق. نقطة أخرى أحب أن أوضحها للجميع وهي أنّ الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عاش هزيلاً ليس له أي فاعلية، ويعمل بدون أدنى درجات التكنولوجيا مدة نصف قرن تقريباً، حيث كان المستقيل بلا رجعة (فليبان) يسرح ويلعب ويمرح كقط المنزل داخل الاتحاد الآسيوي، والذي يديره صورياً (الشاه) الذي لا يعرف من الكرة سوى أنّها مستديرة الشكل فقط!! ولذلك فإنّ انتظار حركة إصلاحية كبيرة لهذا الاتحاد تحتاج إلى سنوات وسنوات، وإذا أردنا أن نجعل ذلك واقعاً، فأمامنا انتخابات 2007م لنتحد جميعاً ولنعمل يداً واحدة لنقود هذا الاتحاد ونفرض أنفسنا بكامل لجانه ليس صورياً، بل نتابع ونحتج ونقاطع ونرفض من أجل الصالح العام. ابن همام واحد من أبرع الإداريين في العالم، وهذا رأيي الشخصي، وأتحمّل كلّ تبعاته الإعلامية، لكنه يحتاج إلى فريق بارع مثله، فالثقة تحتاج إلى قلوب (رجال) لحملها، وليس لمرتزقة طعنوا هذا القطري وساهموا في تشويه سمعته .. لننتظر ونر ونسمع، فالأمور ربما تتحسن، وإن لم تتحسن فسنقول لأبي جاسم مكانك ليس هنا أيُّها القطري، فإمّا أن تجمد قلبك وتفضح عصابة إسقاطك أو تتنحى، فلا نريد أن تخدش صورتك وتاريخك .. فهل تفعل أحد الأمرين؟.