السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. قرأت ما كتب في العدد (12453) بعنوان (إستراتيجية الأعلاف الجديدة تركز على زيادة مساهمة قطاع الثروة الحيوانية في التنمية المستدامة)، وكل ما أتمناه هو أن تلاقي هذه الإستراتيجية النجاح ودعم الاقتصاد الوطني الكلي، حيث إن (الأعلاف) تُعتبر رافداً هاماً من روافد الأمن الغذائي كونها ذات ارتباط بالثروة الحيوانية التي هي مصدر هام من مصادر الأمن الغذائي (اللحوم).. وقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن نية وزارة الزراعة إيقاف زراعة الأعلاف، وهذه النية لها ما يبررها وهو الخوف على مخزون المياه الجوفية (غير المتجددة) من النفاد نتيجة للاستهلاك الجائر لهذه المياه. ولكن قبل اتخاذ أي قرار فلابد من دراسة آثاره دراسة متأنية وإيجاد الحلول المناسبة والبدائل الممكنة لمنع زراعة الأعلاف أو تقنين زراعتها. فالمطلوب هو منع (تصدير الأعلاف) وليس منع زراعتها.. لأن تصدير الأعلاف واتخاذها سلعة هو السبب في التأثير على مخزون المياه الجوفية وليس السبب هو زراعة الأعلاف ككل.. ولكن هناك عدداً من المحاور التي يمكن تناول هذا الموضوع فيها (اقتصاديا) وبتطبيق مفهوم الاقتصاد الشامل على مثل هذا الموضوع يمكن تناول العوامل الآتية: لماذا لا يكون هناك تحديد للمناطق التي تعيش فوق بحار من المياه والمناطق المهددة بالنضوب أي أن يكون هناك تفريق بين هذه المناطق.. فإذا كان الربع الخالي ذا مياه وفيرة مثلاً فتكثف فيه زراعة الأعلاف وتمنع الزراعة في المناطق الأخرى وتستغل مياهها في زراعة المواد والمحاصيل ذات العلاقة بالأمن الغذائي كالخضروات والفواكه والتمور!.. إن قرار الإيقاف يجب دراسته بعناية وأن لا يصدر مثل هذا القرار قبل الانتهاء من دراسات وزارة المياه.. فعند تصفية المزارعين لمزارعهم ومعداتهم وبيعها فمن الصعب العودة إلى تأسيسها مرة ثانية وبرأسمال آخر بعد أن يكونوا قد اتجهوا إلى مجالات أخرى، وبعد أن تكون النشاطات الاقتصادية ذات العلاقة بالأعلاف قد خربت وخسرت كمشاريع تربية المواشي ومحلات بيع المعدات الزراعية كالحصادات واللبَّانات إلى غير ذلك من النشاطات الاقتصادية. ثانياً: عند تطبيق قرار منع زراعة الأعلاف هناك خيارات أمام مربي الماشية: أ - الامتناع عن تربية الماشية والاتجاه إلى بدائل أخرى.. وفي هذا إضرار بالأمن الغذائي من اللحوم.. لحوم الأغنام والإبل.. وكذلك مشاريع الألبان.. فمشاريع إنتاج اللحوم ذات صلة وثيقة بمشاريع الأعلاف. ب - استيراد الأعلاف من الخارج: وهنا نقطة مهمَّة جداً لا بد من دراستها وهي سعر الوحدة من الأعلاف النهائي أي بعد وصولها للمستهلك النهائي في بلادنا وهو مربي الماشية.. وفي اعتقادي أن السعر سيكون باهظاً نتيجة زيادة سعرها عما هو في بلدانها بسبب تكاليف النقل حيث إن الأعلاف ثقيلة الوزن وكبيرة الحجم. وهذه بدورها ستزيد من أسعار اللحوم وهذا يؤثر على المستهلك النهائي للحوم. هذا مع وجود أعلاف في متناول اليد (الأعلاف الوطنية) ولكن السبب الرئيسي في استنزاف المياه ليس هو الأعلاف (البرسيم وغيره) حيث إن الأعلاف ليست بحاجة إلى مياه يومية مثل (القمح) فمن الممكن سقي البرسيم مرَّة واحدة كل أسبوع بينما القمح يحتاج إلى سقي شبه يومي.. والممكن هو ترشيد استهلاك المياه في زراعة الأعلاف.. وإصدار نشرات عن كيفية سقي كل نوع من الأعلاف وكمية المياه التي يحتاجها.. (كل نبات له استهلاك معين ومحددة من المياه بكمية سم/يوم). ثالثاً: إن الحاجة للأعلاف في الغالب هي خلال سنوات الجدب وخلال فصل الصيف.. فقطعان المواشي والإبل تسرح وتمرح في الصحراي التي تزدان في فصل الربيع بمختلف أنواع الأعشاب وبمساحات كبيرة. وأصحاب الماشية لا يحتاجون إلى الأعلاف إلا في فصل الصيف. رابعاً: هناك آثار غير مباشرة على الثروة الحيوانية والزراعية يمكن أن تنجم عن أي قرار لمنع زراعة الأعلاف منها: أ- كثير من المزراعين يزرعون الأعلاف في الشتاء ويستثمرون العائد من زراعة الأعلاف في زراعة الخضار والفواكه وإنتاج التمور في الصيف.. وبالتالي فإنهما موردان مترابطان ومحصولان مختلفان وكل منهما يدعم الآخر.. وفي إحالة انقطاع أحد الموردين فسيتأثر المورد الآخر وهو في هذه الحالة قطاع الخضار والتمور التي هي مورد أساسي للأمن الغذائي. ب- في حالة استيراد اللحوم للاستهلاك المحلي فسيكون ذلك مدعاة لانتقال الأمراض في لحوم الحيوانات المستوردة. م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني