ما دام الافتراء على البشر ذنباً عظيماً فما بالك بالافتراء على رب البشر سبحانه وتعالى؟!، ومن الافتراء على الله جل وعلا أن تجزم بأنه قد قال في كتابه الكريم وجعلنا لكل شيء سبباً مع أنه جل وعلا لم يقله!! فليس في كتابه الكريم آية بهذا النص!! نعم لو قال قائل إن الله قد جعل لكل شيء سبباً لوافقه الجميع لكنه يورد وجعلنا لكل شيء سبباً على أنها آية من كتاب الله فذلك الذي لا يمكن أن يُقبل منه، بل يُرَدُّ عليه لأنه أظلم الظلمة!! فقد قال سبحانه (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)، قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية، يبين الله تعالى حال المفترين عليه وفضيحتهم في الدار الآخرة على رؤوس الخلائق من الملائكة والرسل والأنبياء وسائر البشر والجان كما روى الإمام أحمد عن صفوان بن محرز قال: كنت آخذاً بيد ابن عمر إذ عرض له رجل قال كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة قال سمعته يقول: إن الله عز وجل يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم ثم يُعطى كتاب حسناته وأما الكفار والمنافقون فيقول: (وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) وكلمة (سببا) وردت في القرآن الكريم أربع مرات كلها في سورة الكهف في الآيات 84، 85، 89، 92، وكثيراً ما يكون الخلط بين هذه المقولة وجعلنا لكل شيء سبباً وبين قوله تعالى عن ذي القرنين {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}. وهذا الخلط غير المقبول وغير المبرر أبداً - حتى ولو كان بغير قصد ولا تعمد -، فإنه لم يأتِ إلا بسبب بعدنا عن تلاوة كتاب الله وحفظه وتدارس آياته، لهذا على المسلم الحرص على مبدأ التثبت قبل النقل وبالذات إذا كان المنقول آية من كتاب الله وحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبو هريرة : (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب) متفق عليه.