دخل السوق منذ بداية هذا الأسبوع في موجة صعود قصيرة أدت إلى إغلاقه عند 8702 نقطة، ربح خلالها نحو 300.65 نقطة بما يعادل 3.6%، ورغم أن هذه الموجة بدأت تظهر منذ الأسبوع الماضي، إلا أن انكسارها في كل مرة ومعاودة الاتجاه الهابط كان يقضي على الآمال في استمرارها، ومع هذا الصعود ورغم انخفاض معدلاته، إلا أنه برزت معه توجهات تفاؤلية أكثر مما ينبغي لدى كثير من المستثمرين بدؤوا يصيغون من خلالها سيناريوهات عديدة لاحتمالات الصعود القوي الذي يمكن أن يلي هذه الموجة. لذلك، نسعى هنا لمناقشة هل هذه الموجة حقيقية ويمكن الثقة بها؟ وإذا وثقنا بها على الأقل في المدى القريب، ألا يجب أن نستغلها في إعادة ترتيب المحافظ الاستثمارية وبخاصة تلك التي تمتلئ بأسهم مضاربات خاسرة؟ ألا نستفيد من تجربة توزيع أرباح شركة الاتصالات في بناء محفظة استثمارية بأسس صحيحة؟ ألا نحتاط للمستقبل من حدوث فصل مفاجئ لأسهم المضاربات عن السوق النظامي؟ المؤشر يربح 3.6% في أسبوع أغلق المؤشر هذا الأسبوع إيجابياً مدعوماً بموجة صعود قصيرة امتدت لمدة خمسة أيام تخلّلها جني أرباح طفيف يوم الأحد الماضي. فقد ربح المؤشر يوم السبت نحو 1.2%، حيث أغلق عند 8502 نقطة، تلاه جني أرباح يوم الأحد أفقده 140 نقطة، ثم ارتد مرة أخرى يوم الاثنين وربح 1.5%، عاود بعدها الصعود ليومين متتاليين ليربح في اليوم الأول 1.8% وفي اليوم الثاني والأخير نحو 0.82%، وبذلك يكون المؤشر قد حقق صعوداً بحوالي 301 نقطة على مدى الأسبوع ككل كاسباً 3.6% . تحسن وضعية الاستثمار في السوق!! رغم المخاوف من أن تكون نسبة كبيرة من تداولات هذا الأسبوع مفتعلة بغرض خلق انطباعات معينة، ورغم عدم الثقة الكاملة فيها، إلا أن هذا الأسبوع شهد مزيداً من تعزيز التوجهات الاستثمارية لدى المستثمرين والتي تبلورت في مزيد من التركيز على قطاعات العوائد متمثلة في الأسمنت والبنوك والصناعة والاتصالات، تلك القطاعات التي حققت أعلى نسبة صعود هذا الأسبوع بلغت حوالي 6.9% في الأسمنت، و6% في الاتصالات، و4.2% في البنوك، في المقابل لا تزال قطاعات المضاربة (الزراعة والخدمات) تحرز تراجعاً بلغ 3.9% في الخدمات و2.8% في الزراعة، الأمر الذي يدلّل على احتمال حدوث تعديلات في الكثير من المحافظ بالتوجه إلى شركات العوائد. إلا إن احتمال آخر (ولو ضعيفاً) بأن هناك طلباً كثيفاً مفتعلاً من صنّاع السوق على شركات مختارة من العوائد، بهدف التغطية وتحسين أوضاع انسحابهم من بعض أسهم المضاربة التي تتأثر بالطلب الكثيف في شركات العوائد ومن ثم تتحرك في انطلاقات ليست انطلاقات دورة صعود ولكن للتصريف. بدليل أن نتيجة الأسبوع الماضي جاءت صعوداً صافياً في العوائد التي تم رش الطلب عليها، في حين خسائر صافية في أسهم المضاربة التي يتم الانسحاب منها. انظر الجدول (1) إشارات للحذر في بناء التفاؤل الطويل !!! رغم الارتفاع لثلاثة أيام متتالية هذا الأسبوع، إلا أن الموجه الصاعدة حتى الآن لا يمكن الثقة بها، وذلك لما يلي: 1- أن السيولة حتى الآن تعتبر انتهازية وغير مستقرة، بل إنها لم تصل إلى المستوى الذي يضمن الاستقرار للسوق (وهو ما فوق 18 مليار ريال). 2- أن السوق لم يشهد حتى الآن شراء طويلاً أو تجميعاً. 3- أن السوق حتى الآن لا يزال يتحرك ككتلة واحدة صعوداً وهبوطاً. 4- كل صعود خلال الأيام الثلاثة الأخيرة جاء مدعوماً بتحرك أحد القياديات، الأمر الذي يضع بعض الشكوك حول رغبة بعض صنّاع السوق في افتعال موجة صاعدة (وهذا احتمال وليس تأكيداً). إلا أن ذلك ليس مدعاة للخوف والقلق بقدر ما ينبغي توخي الحذر في بناء وتصور المستقبل. الموجة الصاعدة الآن.. فرصة للعالقين في أسهم المضاربات؟ ينبغي لكل مستثمر أن يسعى لاستغلال هذه الموجة الصاعدة لتعديل وترتيب محفظته الاستثمارية وليس للدخول في مزيد من الأسهم الخاسرة بإيحاءات خاطئة من صنّاع السوق. فرغم ما شهدته بعض أسهم المضاربات من صعود وبنسب قوية هذا الأسبوع، إلا أنه ينبغي عدم الثقة في إشارات صعودها، فنفس الإشارة قد يأخذها البعض على أنها تجميع في حين أنها تمثّل تصريف ولكن من النوع الخفي. فكثير من المحافظ المتوسطة أو حتى القروبات علقت في أسهم مضاربات عندما باغتها المؤشر بموجته الهابطة الأخيرة والتي انحدرت به إلى مستوى ال 8000 نقطة. لذلك، فقد يقوم هؤلاء العالقون بانتهاز فرصة ارتداد السوق هذه الأيام الأخيرة، لبدء تحركات في كثير من أسهم المضاربات، هذه التحركات ظاهرها التجميع والدخول الطويل في هذه الأسهم، إلا أن باطنها بدء التصريف مع تحقيق هذه الأسهم لنسب. ويحدث ذلك في ظل سيطرة تنبؤات بأن المؤشر لا يزال معرضاً للمزيد من النزول. لذلك، فإن هذه الأيام قد تمثل فرصة لكل عالق وفرصة لكل مستثمر سواء رابح أم خاسر في أسهم المضاربات لتعديل أوضاعه الاستثمارية، فالسوق مقبل على تعديلات جذرية ستتبلور فيها هوية المستثمر بشكل إجباري بناءً على هوية محفظته والأسهم التي تحتويها، إن كانت أسهم عوائد سيصبح مستثمراً، وإن كانت أسهم مضاربات سيصبح مضارباً رغماً عنه. شائعات الصعود المبالغ فيه والتغرير بالمستثمرين!!! بدأت تسري شائعة قوية في السوق منذ الثلاثاء الماضي بأن الموجة الصاعدة القصيرة الآن هي بداية لموجة صعود طويلة تقود المؤشر لمستوى ال 13000 نقطة، وهي نفس الشائعة وربما من نفس المصادر التي روّجت أن المؤشر عندما هبط من 20 ألفاً إلى 17 ألفاً أنه سيصعد إلى 30 ألفاً، وتكررت عند 15 و13 و10 آلاف، بالتحديد مع كل ارتداد للمؤشر بعد هبوط قوي تظهر شائعات، وللأسف مدعومة بتشارتات وتحليلات فنية محنكة بأن المؤشر سيصعد. وللأسف إن استمع أي أحد إليهم لا يستطيع أن تقاوم نفسه بتصديقهم. إلا أنه في كل مرة لا تصدق هذه التوقعات بدليل أن مسار المؤشر منذ مارس الماضي هو مسار هابط ولم يحقق سوى موجهات صاعدة داخل مسار هابط، أي أن الترند الحقيقي للمؤشر منذ مارس هو ترند هابط تخللته موجات صاعدة قصيرة، لا يمكن أن نطلق عليه سوى قصيرة المدى لأنها لم تطل. إن هذه الشائعات تغرر بكثير من المستثمرين في السوق وتدفعهم بشكل غير وعي إلى الدخول في أسهم بالشكل الخطأ وتتسبب في كل مرة في تعليقة جديدة ومن ثم خسائر كبيرة لهم. لا بد من عدم الاستماع إلى مثل هذه الشائعات ودخول السوق بناءً على مفاهيم استثمارية بحتة بعيداً عن المضاربات على الأقل حتى فترة التذبذب التي يمر بها السوق الآن وحتى اكتمال صدور التنظيمات الجذرية المتوقعة وانتهاء مرحلة الإصلاحات. توزيع الأرباح... معيار واقعي لغربلة السوق واختيار أسهم المحفظة قامت شركة الاتصالات هذا الأسبوع بإيداع مبلغ 3 مليارات ريال في حسابات المساهمين، محققة عائداً مقداره 4.25 ريال يعادل الربح الموزع خلال تسعة شهور، أي عائد يعادل 6% سنوياً تقريباً. وبالتالي فإن كل ملاك السهم خلال سنة (حتى إن لم يتم تداول السهم) رابحون من امتلاك السهم، طبعاً باستثناء الذين دخلوا السوق في بداية هذا العام، وهو الأمر الذي تسبب في الارتياح والرضا لكافة المساهمين في شركة الاتصالات. وإجراء توزيع الأرباح في الاتصالات جدد آمال المستثمرين في السوق في الحصول على الربح المفتقد في عملية المضاربة الآن، بالتحديد، ينبغي أن يراجع كل مستثمر أسهمه الحالية من حيث أرباحها الموزعة ومردودات هذه الأرباح، فضلاً عن أنه ينبغي على كل مستثمر جديد يسعى لدخول السوق الاهتمام بمعايير توزيع الأرباح للشركات التي يسعى للاستثمار فيها، لأن هذه المعايير هي التي ستمثّل الربح المضمون له في المستقبل، الآن ومنذ فترة حدث اضطراب جوهري في عوائد المضاربة في السوق ولم يتبق سوى عوائد الاستثمار، لذلك لا مفر من الرجوع عاجلاً أم آجلاً للمعايير الاستثمارية للأسهم، فالأرباح الموزعة ومدى انتظامها في توزيع الأرباح والعائد على السهم ومردود الربح الموزع وغيرها. القيمة الدفترية ... هي القاع الآمن لشراء السهم بعد كسر المؤشر للقاع القوي عند عشرة آلاف نقطة، أصبح من الصعب الثقة في أي قاع للمؤشر أو حتى للأسهم، سوى في قاع القيمة الدفترية. النقطة الآمنة لأي سهم هي قيمته الدفترية، لأن السهم لن ينزل عنها وحتى إن هبط عن هذه النقطة فإن ارتداده إليها وارد بقوة. لذلك، فإن مؤشر السعر السوقي إلى القيمة الدفترية للسهم يعتبر في مثل هذه الظروف من أهم مؤشرات الأسهم التي يمكن الثقة بها، لأن حتى مكرر ربحية السهم أصبح لا يعطي التقييم الأمثل للسهم، لماذا؟ لأنه في ظل سيادة المسار الهبوطي، فإن القيمة الحقيقية للسهم أهم من عوائده. ولكن كيف يمكن استخدام هذا المعيار (السعر السوقي إلى القيمة الدفترية في تقييم السهم). تقييم الأسهم باستخدام مؤشر السعر السوقي إلى القيمة الدفترية يتم حساب هذا المؤشر من خلال المعادلة التالية: مؤشر السعر السوقي إلى القيمة الدفترية ( مؤشرC= (السعر السوقي - القيمة الدفترية) * 3 :فالسهم مقبول * 4 : فالسهم متضخم وينبغي الحذر منه (وكلما كانت قيمةC أقل من الواحد الصحيح كان السهم يمتلك فرصاً جذابة جداً) هذا المؤشر يبيِّن ما إذا كانت قيمة السهم في السوق متدنية أو مرتفعة عن قيمته الحسابية بناءً على ما يملكه هذا السهم من حقوق لدى الشركة. وبالتالي فهو يوضح ما إذا كان المستثمرون في سوق المال يتوقّعون زيادة ربحية الشركة مستقبلاً أم لا، باختصار إذا كان سعر السهم في السوق أكبر من ثلاثة أضعاف قيمته في دفاتر الشركة يجب الابتعاد نهائياً عن هذا السهم. وينبغي اقتناء الأسهم التي تقترب أسعارها الحالية من قيمتها الدفترية بقدر الإمكان. السيناريو المتكرر لكافة الموجات التصحيحية منذ 26 فبراير الماضي منذ 26 فبراير الماضي ضرب سوق الأسهم تصحيح قوي أدى إلى تداعي الأركان والجوانب الرئيسية للسوق أدى حتى الآن إلى فقدانه لنحو 11934 نقطة، إلا أن المتابع للهبوط يلحظ نوعاً من السيناريوهات المتكررة. فالهبوط لم يحدث مرة واحدة ولكنه حدث بالتدريج وعلى مراحل، كما أن كل موجة هابطة تخللها ارتدادات وصعود وجاء الصعود قوياً في بعض الأحيان. ويمكن تحديد أبرز ملامح الموجات التصحيحية الحادثة في كل مرة فيما يلي (ملامح خاصة اتسمت بها كافة الموجات): 1- نزول قوي بنسب متتالية. 2- ثم تذبذب قوي. 3- تذبذب طفيف يتحول إلى مسار أفقي. 4- ثم دورة صعود وأحياناً يكون صعوداً قوياً. 5- كسب ثقة المتداولين الحاليين في السوق بالنسب القصوى. 6- عودة سيولة المنسحبين ودخول سيولة جديدة. 7- سيطرة التفاؤل والتطبيل لمزيد من الصعود. 8- ثم نزول قوي مفاجئ. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل انتهت تلك الموجات التصحيحية؟ هل موجة الهبوط إلى 8000 هي الموجة الأخيرة؟ أم نحن الآن داخل مرحلة كسب الثقة وجذب سيولة المنسحبين تمهيداً لموجة هبوط جديدة؟ إصلاح وتحفيز السوق يحتاج السوق إلى تفعيل حرية قوى العرض والطلب في التداول، وذلك للقضاء على الكثير من السلبيات وأوجه القصور التي تنطوي عليها الآن، والتي من أهمها اعتماد المستثمرين ليس على المعلومات عن شركات الأسهم ولكن المعلومات عن الأسهم ذاتها. فاتخاذ القرار في السوق للنسبة الكبرى من المساهمين يقوم على معايير المعلومات من الآخرين الذين يعتبرونهم مصدراً للثقة، حيث تتكرر عبارات (أنا جاءني خبر) أو (جاءتني توصية) أو (أقسم بالله أن غداً ارتداد أو غداً خروج)... من أين جاءت هذه التأكيدات هي ليست بناء على تحليل أساسي أو حتى فني... لذلك، فإن السوق يحتاج الآن إلى محفزات مع إصلاحات يتمثّل أهمها في: تطمينات رسمية من قبل هيئة السوق المالية... لا نطلب تطميناً بأن السوق سوف يصعد ولكن تأكيداً بأن السوق تعافى وأنه سيسير حسب قوى العرض والطلب بدون تدخل (نقصد احتكارات صنّاع السوق) ولكي يحدث ذلك ينبغي حدوث ما يلي: b. فصل أسهم الدولة من المؤشر. c. تقسيم السوق والانتهاء من مرحلة فصل أسهم المضاربة عن السوق المنظم ومن يرغب في المضاربة فليذهب إليها وليعرف ما هو مقبل عليه. d. السماح للشركات بشراء أسهمها والإفصاح الكامل عن كافة عمليات تداولها. e. إبعاد البنوك عن عمليات التداول وتفعيل الوسطاء الجدد. f. إلحاق عملية إدارة صناديق الاستثمار لشركات مالية مستقلة تقوم بتداول أصولها بحرية تامة. g. الإفصاح الكامل عن كافة عمليات التداول الكبرى التي تتم بالسوق. إلا أنه رغم استمرار حالة الاضطراب في السوق، فإنه ينبغي التأكيد أيضاً على أن السوق بكافة إشاراته ومدلولاته يؤكّد أنه يسير الآن في الطريق الصحيح، وأن المسألة عملية وقت حتى تكتمل هذه الإصلاحات. انظر الجدول (2) (*) محلّل اقتصادي ومالي [email protected]