للأسبوع الرابع على التوالي تسود سوق الأسهم حالة من الانتعاش في ظل موجة صاعدة انتشلته من قاع 6767 نقطة إلى مستوى قمة عند 8245 نقطة بحسب إغلاق الأربعاء الماضي. وقد حققت هذه الموجة للمؤشر مكاسب بلغت نحو 1478 نقطة؛ أي ما يعادل 21.8% على مدى الأسابيع الأربعة الأخيرة. وقد بدأت هذه الموجة بقيادة أسهم العوائد الكبيرة، لدرجة أنها حركت عدداً من الأسهم الكبيرة التي جمّدت لأكثر من أربعة أشهر ماضية تقريباً، وهو ما أعطى هذه الموجة الصاعدة قدراً كبيراً من الثقة، وبخاصة في ظل حالة الخوف والقلق التي كان يعيشها السوق بمتداوليه منذ النزول الحاد بعد عيد الفطر الماضي. وقد أحرزت الأسهم القيادية التي حركت السوق نسب ربحية غير عادية في صعودها مقارنة بالأشهر الستة الماضية، أو خلال فترة ما بعد موجة الصعود إلى 13500 إلا أنه على مدى اليومين الأخيرين من تداول هذا الأسبوع بدأت تشتد عمليات المضاربة على بعض الأسهم الصغيرة، وبدأت تبدو حالة من عودة بعض القياديات إلى السكون مرة أخرى، رغم عدم انكسارها؛ الأمر الذي أظهر جلياً رغبة صناع السوق في تعزيز الثقة بالمؤشر حتى مع سكون القياديات، فما أهدافهم؟ وهل ستستمر هذه الرغبة لديهم؟ هذا ومن ناحية أخرى فقد زالت حالة الحذر التي ظهرت خلال الأسبوعين الماضيين في تعامل المتداولين مع موجة الصعود لدرجة أن التداولات بدأت تعود إلى طبيعتها السابقة في تركيز السيولة في مضاربات على أسهم لشركات خاسرة، وهو ما يثير الجدل حول كيف يمكن الثقة بأي موجة طالما أنه لا توجد دلائل على أنها موجة طويلة المدى؟ ثبات الاتجاه الصاعد للمؤشر منذ تاريخ 29 يناير مع الإغلاق عند 6917 نقطة، والمؤشر متماسك في اتجاه واحد صعودي لم يحدث خلاله سوى ارتدادات طفيفة وغير محسوسة؛ فخلال الأسبوع الأول من فبراير ربح المؤشر نسبة 4.1%، ثم ربح خلال الأسبوع الثاني 7.6%، وأخيراً خلال الأسبوع الثالث ربح بنسبة 4.1%. وقد أظهر المؤشر ثباتاً وتماسكاً خلال الأسبوع الأخير رغم تدني معدلات ربحيته من يوم إلى آخر؛ فرغم كل التوقعات التي كانت تؤكد قرب حدوث جني أرباح، أيضا رغم كل التوقعات التي كانت تدعو للحذر من أن يحدث انكسار للموجة الصاعدة خلال فترة هذا الجني، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث، واستمر المؤشر في صعوده مخالفاً التوقعات. وبصعود المؤشر الأسبوع الأخير فقد أثبت أنه قادر على التماسك فوق مستوى 8000 نقطة، بل إنه اخترق نقاط مقاومة كان يظن البعض أنها قوية حتى بلغ في نهاية الأسبوع الماضي 8245 نقطة رابحاً نحو 364 نقطة؛ أي ما يعادل 4.6%. عودة المضاربات إلى قطاعي الزراعة والخدمات انتعشت هذا الأسبوع المضاربات في القطاعات التي تحوي في معظمها أسهماً ليست رابحة، فمن جديد بدأت تغطي مضاربات قطاعي الزراعة والخدمات؛ فقد جذب هذان القطاعان معظم السيولة المتداولة هذا الأسبوع، لدرجة أن حجم السيولة التي تداولت فيهما معاً بلغت 48.1% من إجمالي السيولة؛ لذلك، فليس مستغرباً أن يحققا أعلى معدلات ربحية هذا الأسبوع بلغت للزراعة 8.76% وللخدمات 5.73% وفي المقابل بدأت تبطئ حركة قطاعات العوائد، فالبنوك والاتصالات رغم أنهما حققا أرباحاً إلا أنها جاءت طفيفة نسبياً عن الأسبوعين الماضيين. أما الكهرباء فلم تتغير مطلقاً، في حين شهد قطاع الأسمنت انتعاشاً ملحوظاً هذا الأسبوع حقق من خلاله أرباحاً بمعدل 4.75% كذلك الحال بالنسبة للقطاع الصناعي الذي ربح نحو 4.53% وهو معدل أعلى من ربحيته في الأسبوع الماضي. تبادل القيادة لأسهم العوائد الكبيرة إن الأمر المثير للدهشة هذا الأسبوع هو استمرار الموجة الصاعدة رغم سكون القياديات! فرغم تباين أداء القياديات في نهاية هذا الأسبوع ما بين ساكن وقائد، إلا أن المؤشر لم يتاثر البتة، بل حافظ على أدائه الصاعد. ولكن جدير بالانتباه أن تزامناً يمكن ملاحظته للمتابعين لحركة المؤشر قد حدث بين سكون سابك والكهرباء والاتصالات عند مستويات مقاومة معينة وبين صعوبة اختراق المؤشر للمقاومة عند 8278 نقطة، تلك النقطة التي توقفت عندها اختراقات المؤشر، فرغم ما شهدناه من رش كميات للحفاظ على عدم انكسار كل من سابك والاتصالات والكهرباء، إلا أنه في نفس الوقت لم توجد رغبة حقيقية في اختراقها لمستويات مقاومة معينة، لدرجة أن سابك والاتصالات لم تتغير مطلقاً في يوم التداول الأخير، بل إن الكهرباء على مدى الأيام الأربعة الأخيرة لم تطرأ عليها إلا تحركات طفيفة بين 13 و13.25 ريال؛ أي أن صناع السوق اتخذوا لأنفسهم أهدافاً متعددة يسعون لتحقيقها في آن واحد؛ أولاً: تعزيز الثقة في المؤشر، ثانياً: تحريك المؤشر بشكل متوازن غير مستعجل على مدى يومين لإضفاء الاستقرار وتأكيد أن موجة الصعود موجة أطول من القصيرة، ثالثاً: عدم السماح للقياديات باختراق مستويات معينة مخططة ظهرت عند النقاط التي تتضح من الجدول (3). كل ذلك يؤكد أن السوق جيد وإيجابي الآن وقد يستمر فترة من الوقت، إلا أنه لا ينبغي بأي حال من الأحوال نسيان أننا في موجة صاعدة فرعية من مسار هابط لم توجد حتى الآن أي دلائل حقيقية على انتهائه؛ لذلك، فلا نزال نؤكد على ضرورة الحذر في التعامل مع حركة التداول في السوق حتى يثبت انتهاء المسار الهابط. جني الأرباح أمر مطلوب! من الأمور المستغربة أيضاً هذا الأسبوع عدم حدوث جني أرباح بينما كان متوقعاً بقوة حدوثه الأسبوع الماضي. ورغم مخاوف انكسار الموجة الصاعدة مع هذا الجني، إلا أن تأخيره قد لا يكون في صالح السوق مطلقاً، وبخاصة أن كل تأخر في جني أرباح صعود معين يعزز من احتمالات أن يأتي هذا الجني قاسياً في المستقبل؛ لذلك من المقبول حدوث جني أرباح طفيف كل نسبة صعود أفضل كثيراً من حدوث جني أرباح شامل لنسب صعود كبيرة ومتعددة، بما قد يثير مخاوف أن يسحب المؤشر إلى موجة نزول جديدة. عودة المضاربات على الأسهم الخاسرة من جديد!! بعد فترة من الحذر الشديد، عادت المضاربات مرة أخرى إلى العديد من أسهم الشركات الخاسرة من خلال العودة إلى تركيز السيولة فيها مرة أخرى؛ فلسوء الحظ أن السهم الذي جاء كأعلى قيمة متداولة هذا الأسبوع هو سهم ذو مكرر ربحية سالب (الأسماك)، كذلك الحال بالنسبة للباحة الذي احتل المرتبة الثالثة كأكبر قيمة متداولة في السوق، وهو أيضا ذو مكرر ربحية سالب. ثم رابع سهم من حيث القيمة المتداولة الأسبوعية هو الشرقية الزراعية وهو أيضاً ذو مكرر ربحية مرتفع يبلغ 503 مرات. ناهيك عن أسهم شمس وثمار وصدق التي جميعها ذات مكررات ربحية سالبة. الراجحي... إلى أين سيقود المؤشر في الأسبوع المقبل؟ لا يختلف اثنان على أن سهم الراجحي قد يكون له الفضل في إشعال فتيل الموجة الصاعدة الحالية، بجانب بعض الأسهم البنكية الأخرى؛ فمنذ لحظة الإعلان عن أسهم المنحة، وتحديد موعد انعقاد جمعيته، والسوق يعيش موجة انتعاش قوية. بدأت هذه الموجة بتحرك البنوك من جمودها، تلاه تحرك سابك وبعض أسهم القياديات الأخرى، وكان آخرها الأسمنتات. ورغم حالة الفتور في حركة العديد من أسهم البنوك خلال اليوم الأخير من تداولات الأسبوع الماضي، إلا أن سهم الراجحي قاد عملية الصعود وربح نسبة 2.9% كما أن تجربة البنك الهولندي في صعوده ثم هبوطه - حسب إعلانات الشركة المرتبطة بالمنحة - تثير مخاوف في تكرارها مع سهم الراجحي، وبخاصة مع معرفتنا بثقل السهم وتأثيره في مؤشر السوق، وبخاصة في ظل توقف صعود سابك والاتصالات؛ بمعنى أن صناع سوق الراجحي هم من سيحددون مستقبل المؤشر خلال الأسبوعين المقبلين وحتى تاريخ جمعيته. أما آن للمتداولين أن يحددوا معدلات المخاطرة لأسهمهم مبكراً؟ إن ما يمرّ به السوق من انتعاش لفرصة ذهبية لتعديل أوضاع المحافظ الاستثمارية بشكل تتهيأ معه للظروف والمستجدات المحتمل حدوثها قريباً في السوق. أخيراً.. فإن البعض يطالب بافتراض حسن النية والظن في التعامل مع المؤشر والأسهم. وهنا نود تأكيد أن الكل مطالب بالحذر في بناء التصورات عن المستقبل، من خلال التفكير جدياً في مدى قدرته على تحمل نسب ومعدلات المخاطر التي تكتنف كل عملية بيع أو شراء في سهم معين قبل تنفيذها؛ لذلك، فمن المطلوب تفعيل ثقافة حساب المخاطر التي ينطوي عليها السهم قبل الدخول فيه، وبخاصة في ظل تشعب هذه المخاطر في السوق ما بين سهم خاسر وسهم محتمل أن يخسر، وآخر محتمل أن يُعلق، ورابع محتمل أن يُصفى. (*) محلل اقتصادي ومالي