ها هو ذا.. يسير بخطواته الآلية.. شامخاً برأسه إلى الأعلى ينظر للأفق الواسع نظرات جامدة لا تحمل أي معنى.. كثير الصمت.. خطواته بطيئة رتيبة لكنها مدروسة ومنظمة..!! ابتسامته ما هي سوى طيف بسيط سرعان ما يتلاشى. يحيي من حوله ببرود ولا مبالاة.. بينما يلحظ احترام الكثير وتقديرهم له جلياً في أعينهم.. شعر بسأم ورتابة فقرر الاختلاء بنفسه وأخذ إجازة ليخلو قليلاً.. ذهب إلى احدى الحدائق الهادئة وأخذ يسير بخطواته الآلية أقدامه تسير وفق آلية محددة وطريق واحد.. لمح بعينيه من بعيد كرسياً خالياً.. فمضى بجمود ورتابة نحوه.. جلس على الكرسي بوضع آلي.. ثم تنهد بحسرة.. فجأة.. ! اختفت كل ملامحه الجادة وبدا إنساناً بسيطاً يحمل الكثير من السماحة والشجن.. تذكر ذكريات الماضي القريب.. حينما كان يضحك ببراءة ويبتسم وللجميع بمرح وتفاؤل ويحيي الجميع بابتسامة عريضة جداً تبدو منها معظم أسنانه.. خطواته سريعة ومرحة وكأنه يعدو أو يتراقص بتلقائية عذبة... (آااه... يا لها من أياااام..) هكذا هتف بألم وحسرة.. كان يشعر بسعادة داخلية لا حدود لها.. لكنه اكتشف فيما بعد.. ان هناك الكثير يصفونه بالساذج والمعتوه.. والطيب المغفل.. وان هناك من يتهامس ويتضاحك عند رؤيته..!! لا لشيء سوى أنه تلقائي يحمل الكثير من البراءة والطهر.. عندها شعر بصدمة فقرر التحول إلى شخص جاد.. اقرب للآلية.. عندها حظي بالاحترام والتقدير لكنه فقد سعادته وابتسامته العذبة.. نهض من كرسيه وابتعد بخطواته الآلية الجامدة..