قرأت ما كتبته الدكتورة فوزية أبوخالد في صحيفة الجزيرة يوم الخميس 27 رمضان 1427ه بعنوان: (موقع النّساء في فضاء العبادة) وتحدثت فيه عن المكان المخصص لصلاة النّساء في (صحن الكعبة) وأنَّه ضيق.. وذكرت أن كتابتها تلك تأتي بعد كتابات عددٍ من الصحفيين سبقوها لطرح الموضوع. وكان من أبرز نقاط موضوعها ما ذكرته بقولها: (سأكتفي فيما يلي بطرح بعض نقاط سلبيات عزل النساء بمجال محدود من صحن الحرم المكي الشريف كما شاهدتها من خلال ما يسمى بلغة البحث الاجتماعي الملاحظة بالمشاركة أو التجربة بالمعايشة وهذه النقاط هي...) ثم أوردت ستة أرقام وحينما قرأت الأرقام الستة وجدتها لا تخرج عن نقطة واحدة كرَّرتها الكاتبة ست مرات!!! وهي: (ان تلك المساحة التي تعزل فيها عبادة النّساء من مجمل مساحة صحن الحرم لا تزيد على 10% إن اتسعت، ثم تقول: فهل نسبة النساء في بيت الله إلى نسبة الرجال هي 10%؟).... ثم تعقب على ذلك بأنَّ هذا الوضع يشكل فرصة لاصطياد الإعلام الخارجي عبر ما تبثه الأقمار الصناعية من صور لا تمثل حقيقة الإسلام ولا حقيقة موقف المجتمع السعودي. ولي مع ما طرحته الكاتبة الوقفات التالية: أولاً: صرَّح أحد المسؤولين في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام بأن الأماكن المخصصة للنساء في الحرم بعامة كافية لاستيعاب النّساء في: صحن الحرم وفي الدور الأول من الحرم وفي الدور الثاني، وذك أنَّ تخصيص تلك الأماكن روعي فيها توفير جو هادئ لتأدية النّساء للصلاة دون أن يعكر ذلك الجو مرور الرجال أمامهن أو حدوث إزعاج لهن. وأضيف إلى ذلك - وحسبما شاهدته في زيارتي للحرم - أن أماكن الرجال (الكثيرة) لا يتوفر فيها الهدوء الذي تنعم به النساء في الأماكن المخصصة لهن؛ لأن أماكن الرجال يعكر صفوها مرور الناس العشوائي دخولاً وخروجاً من الحرم وبحثاً عن أماكن وقت صلاة الجمعة أو التراويح في رمضان. ثانياً: ما عدا الجزء المخصص للنساء في صحن الحرم فإنَّ الصحن كله يصبح مجالاً للطواف وطرقاً للدخول والخروج وفي عدة سنوات وأنا أؤدي العمرة لم أجد مكاناً لتأدية ركعتي الطواف إلا في مصابيح الحرم وبعيداً جداً عن الكعبة.. وهذا أمر ولله الحمد مباح ولا إشكال فيه. ثالثاً: الإعلام الخارجي ياسعادة الدكتورة (يقترح ويَتَمَنَّى) أن يصلي الرجال بجانب النّساء في كل أنحاء الحرم وأن يصلي الرجل خلف المرأة مباشرة بلا حاجز ويقترح أفكاراً أخرى لا تقل خطورة عن هاتين الفكرتين.. فهل يهمنا ما يقول وكل ما يطرح مخالف لتعاليم ديننا، وأمور الصلاة لا مجالَ فيها للرأي والاجتهاد إذ هي أحكام قطعية وردت فيها آياتٍ كريمة وأحاديث نبوية صريحة. ثم إنَّ من ينقل الصورة إذا كان منصفاً يجب أن ينظر إلى جوانب القضيّة كلها وليس إلى جانب واحد.. فتحديد مكان النساء في صحن الحرم جاء: تكريماً للنّساء ورأفة بهنّ ومن لم تجد لها مكاناً فيه تنتقل إلى مكان آخر في الحرم وتصلي فيه ماتشاء بما في ذلك ركعتا الطواف. رابعاً: وقعت الكاتبة في خطأ أجزم أنَّه غير متعمد حينما قالت (المساحة التي تعزل فيها عبادة النّساء من مجمل مساحة صحن الحرم)!! وأنا أقول: للمرأة أن تؤدي العبادة في غير هذه المساحة: فهي تطوف في أنحاء صحن الحرم وفي الدور الثاني والطواف من أجل العبادات ولم تحصر في تلك المساحة من حين تدخل المسجد الحرام وركعتا الطواف حسبما أفتى بذلك علماؤنا تؤدَّى في جميع أنحاء الحرم إذا شقَّ أداؤها خلف مقام إبراهيم عليه السلام. خامساً: أما إزعاج الأطفال وكون مهمة رعايتهم توكل للأمهات، فهذا أمر مزعج في كل مكان من الحرم والمأمول من المسلمين عموماً رجالاً ونساءً أن يتقوا الله، ولا يكدرون على إخوانهم صلاتهم وطوافهم بصراخ الأطفال ورُبَّما ب(أوساخهم).. أمَّا كون رعاية الأطفال موكلة للأمهات فهذا أمر فطري وأجزم أن الكاتبة لا تجهله، وكان المنتظر منها وهي (امرأة) أن تخاطب بنات جنسها وتقترح حلولاً لإزعاج الأطفال في المسجد الحرام.. ومن الحلول المرجوة ألا تقدم للمسجد الحرام امرأة معها أطفال، ويمكن أن يبقوا في أماكن سكن المعتمرين ويبقى عندهم من يرعاهم حتى ترجع أمهاتهم. سادساً: ومن مشاهدات ومشاهدات أهلي من النّساء أن َّ كثيراً من النّساء يرتكبن مخالفات شرعية ومنافاة للآداب داخل المسجد الحرام ومنها: أ - النوم ثم الصلاة بدون وضوء. ب - تناثر بقايا الأكل على فرش وبلاط المسجد بشكلٍ منافٍ للذوق والأدب مع بيت الله!! ج - عدم ارتداء الحجاب الساتر، مما يزيد معه الحرج حينما تنام بعض النّساء من زوار المسجد الحرام والمعتمرات من أنحاء العالم!! وأمور أخرى كنا ننتظر أن تقدم الكاتبة وأمثالها حلولاً ودراسة لتلك الظواهر ولكننا لم نجد شيئاً من ذلك!!!. وأخيراً أفيد الكاتبة بأن ما رأته الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام من تخصيص أماكن لصلاة النّساء في المسجد الحرام هو عين الصَّواب للأمور التي ذكرتها أعلاه في: أولاً وثانياًً وثالثاً. أسأل الله بأسمائه الحسنى أن يجزل المثوبة والأجر لمعالي الشيخ صالح الحصين الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسؤولين معه في الرئاسة على حسن رعايتهم لما أوكل إليهم وجميل عنايتهم بكل ما يضمن راحة وسعادة وأمان الحجاج والمعتمرين. كما أسأل الله الكريم أن يجزي خادم الحرمين الشريفين خير الجزاء على رعايته -حفظه الله- للمسجد الحرام والمسجد النبوي وتوفير الخدمات التي يحتاجها زوار هذين المسجدين الشريفين، وحفظ الله لبلادنا أمنها ورخاءها ووفق قادتها عامة لكل خير وكفاهم كيد الأعداء ومكر الحاقدين إنه سميع قريب مجيب. عبد العزيز بن صالح العسكر