الحمد لله على قضائه وقدره والشكر له على نعمائه وآلائه ومنها نعمة الأجر والثواب للصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}. وإن مما في الصحف الأولى (ابن آدم عش ماشئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه). شاء المولى جل وعلا أن يختار إلى جواره منذ أيام الصديق والأخ الحبيب الأمير سعد بن خالد بن محمد بن عبدالرحمن (أبو خالد) ذلك الرجل الذي عرفته وصادقته منذ أكثر من أربعين عاماً فكانت نعم الصداقة ونعم الرفقة لأنه -رحمه الله- كان يمتاز بكثيرٍ من الشمائل الحميدة والأخلاق المتناهية الفضل. وكان بحق قمة في الرجولة والمروءة والشهامة وعشق المعالي والابتعاد عن سفاسف الأمور، ومن أفضل صفاته (رحمه الله) التي عرفتها عنه أنه كان قوي الإيمان بربه شديد التعلق به، حريص على ما يقربه منه من الطاعات والأعمال الصالحات، وحب الفقراء والمساكين وقضاء حوائج الناس، وهذه صفات أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبب إليها. إن الفقيد الغالي (رحمه الله) كان كريماً بماله وجاهه وكان عطوفاً يحب الخير ومما كان يفخر به ويعتز محبته وصداقته للعلماء وأهل الخير وسعادته حين يستقبلهم في داره العامرة بين الحين والآخر، وكان له ترتيب وبرنامج يومي فريد قل من يستطيع الالتزام به وهو النوم مبكراً في الليل والنهوض لصلاة الفجر ثم الجلوس بعد الفجر مباشرة لاستقبال زواره وضيوفه وفي مقدمتهم عددٌ من العلماء والوجهاء ومشايخ القبائل وغيرهم، وكان هناك ترتيب لثلاث وجبات مفتوحة هي الإفطار والغداء والعشاء ويحب دائماً أن يشاركه ضيوفه وخصوصاً الفقراء، وهذه من صفات المؤمنين كتب الله له أجرها بمنّه وكرمه. إن علاقتي بالفقيد الحبيب تجاوزت علاقة الأخ بأخيه والصديق بصديقه إلى علاقة أكثر عمقاً ورسوخاً تظللها محبة في الله وإعجاباً لا حدود له من قبلي بشخصيته (رحمه الله) لمحافظته الدقيقة على واجباته الدينية وسلوكه المستقيم وتطبيقه المستمر للعادات العربية الأصيلة ومكارم الأخلاق، وكان بيني وبينه مسامرات وأحاديث خاصة وتبادل مشاعر، وكان مما يميزه أسكنه الله فسيح جناته وفاؤه وتواضعه الجم وزياراته للعلماء والأخيار وكان قنوعاً صبوراً شكوراً واصلاً للرحم يحب الخير ويفعله ويوصي به وكان حريصاً على تربية أولاده تربية صالحة وكان نتيجة ذلك أن شب هؤلاء الشباب وترعرعوا في ظله (رحمه الله) على طاعة الله وأصبحوا رجالاً يشار إليهم بالبنان، وهذا ما يخفف المصيبة بفقد والدهم -رحمه الله-. فالأبناء (خالد ومحمد وبندر وسلطان) هم بإذن الله نعم الخلف لخير سلف والأمل فيهم أن يحافظوا على مآثر الفقيد الحبيب وأن يستمروا في السير على طريقه وأن يربوا أبناءهم على ذلك وما ذلك على الله ببعيد، رحم الله أخي وصديقي وحبيبي (سعد بن خالد) وأجزل الله المثوبة وعوضنا فيه خيراً و(إنّا لله وإنّا إليه راجعون) وأخيراً لا نملك إلا أن نستذكر قول الشاعر: إنا نعزيك لا إنّا على ثقة من الحياة ولكن سنّة الدين فلا المُعزى بباق بعد ميتته ولا المعزي ولو عاشا إلى حين وقول آخر: كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول