كثيرا من الناس يتساءلون ما هو البهاق؟ وآخرون يصفونه بالبرص، وآخرون أيضاً يخلطون ما بين البهاق والجذام. سنحاول اليوم التطرق إلى الكتب والمراجع العربية والأحاديث النبوية الشريفة وما جاء فيها من وصف للبهاق والبرص. لقد استخدم العرب قديماً كلمتي (البرش والوضح) تعبيراً عن البرص، فكما جاء في الباب السابع من كتاب (مجمع الأمثال) ما قاله قصير بن سعد اللخمي لجذيمة بن مالك بن نصير الذي يقال له: جذيمة الأبرش وجذيمة الوضاح. والعرب تقول للذي به البرص: به وضح تفادياً من ذكر البرص، وجاء في كتاب (البرصان والعميان) الوضح وضح الصبح يقال: أبين من وضح الصبح، وقالوا: جيد الوضح، والوضح كناية عن البياض، والبياض كناية عن البرص، وأوضاح الخيل ما فيها من البياض، وحلي الفضة تسمى أوضاح. قال كميت: ولاح من الكعاب مخبات من الأوضاح والقدم الخضيب. ومن البرصان الأشراف: عامر بن حوط الأبرش. قيل له ذلك كما قيل لجذيمة الأبرش، بعد أن كان يقال له الأبرص إكباراً له وكناية عما يكره. وجاء في حديث الرسول الكريم محمد، عليه أفضل الصلاة والتسليم، كلمة البرص مع الجذام، ففي كتاب فيض القدير شرح الجامع الصغير، أن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من البرص والجنون والجذام ومن سيئ الأسقام. ولقد ذكر رسول الله صلى عليه وسلم في الحديث الشريف (فرّ من المجذوم فرارك من الأسد). وراح بعضهم يخلط ما بين الجذام والبرص، حتى إن كلمة Leprosy ترجمت خطأ في قاموس المورد الميسر للدكتور روحي البعلبكي (على أنها البرص وهي تعني الجذام). وكلمة أبرص كما جاءت في قاموس كتاب الزهد والرقائق (187 - 191) في صحيح مسلم (البرص بياض يظهر في ظاهر البدن، ووزنها برص كفرح فهو أبرص، وأبرصه الله). أما فيما يخص البهاق فهو من بهق كما جاء في كتاب لسان العرب (البهاق بياض دون البرص، قال رؤبة: فيه خطط من سواد وبلق كأنها في الجسم توليع البهق). وجاء في كتاب روضة الطالبين تحت باب خيار النقيصة (33 - 122): البهق بفتح الباء الموحدة والهاء وهو بياض يعتري الجلد يخالف لونه، ليس ببرص. وجاء في كتاب المغرب في ترتيب المعرب (2 - 14): البهق عيب، هو بياض في الجسد لا من برص. وجاء في الباب الثامن من نفس الكتاب في مثبتات الخيار في النكاح (العيوب المثبتة وهو ثلاثة البرص ولا يلتحق به البهق) والجذام وهو علة صعبة يحمر منها العضو ثم يسود ثم ينقطع ويتناثر، نسأل الله الكريم العافية، ويمكن للبهق أن يكون أسود أو أبيض فكما جاء في كتاب البرصان والعميان (3 - 5): ومن البهق الأسود والأبيض وإنما ذلك على قدر النقص، فإن كان من المرأة السوداء كان أسود، وإن كان من البلغم كان أبيض وإذا أبيض لم يؤمن. وجاء في كتاب (مفاتيح العلوم) (7 - 9): البهق بياض على الجلد دون البرص وربما يكون أسود. وفي اعتقادي أن ما يقصد به البرص الأسود هو الالتهابات الفطرية التي تصيب الجلد والمعروفة باسم النخالية المبرقشة PITYRIASIS VERSICOLOOR. وفهمنا الطبي لكلمة (البرص) أنها ما يسمى بالبهاق VITILIGO وهو بياض على الجلد ناجم عن غياب الخلايا الصباغية المنتجة لمادة الميلانين، وهذه المادة هي المسؤول الرئيسي عن لون الجلد، وهذا المرض غير معد، والسبب الرئيسي فيه لا يزال مجهولاً. وأكدت معظم الأبحاث والدراسات أنه مرض تابع لأمراض المناعة الذاتية. يبقى أن أودعكم متمنياً لكم دوام الصحة والعافية.