يعتبر البهاق من الأمراض الشائعة نسبياً في منطقتنا العربية وفي قارة آسيا عموماً .. ولعل أول إشارة إليه في كتابات العالم القديم كانت في كتب الهنود قديما حوالي 1400 سنة قبل الميلاد وكان يعرف أنذاك بالشويتا كوستها .. أما في بلاد العرب فيسمّى بالبهاق وفي بلاد الافرنجة سمّي بالفيتيليجو(Vitiligo) . وعلى مر العصور وحتى زمن قريب عانى مرضى البهق من وصمة الجذام عندما كان من الصعب التفريق بين المرضين .. وكما استعملت كلمة الجذام لتعني اكثر من مرض واحد ، أطلقت كلمة البهاق على عدة امراض مختلفة لا يربطها سوى تغير لون الجلد .. فما هوالبهاق إذاً ؟ ماهو البهاق ؟ هو ظهور بقع بيضاء ( خالية من الصبغة ) بأحجام مختلفة في الجلد وهذه البقع تظهر عندما تتوقف الخلايا الملونة عن انتاج صبغة الميلانين. وتوجد الخلايا الملونة في الجلد وفي بصيلات الشعر والفم والعين وبعض مناطق الجهاز العصبي . وفي مرض البهاق قد تختفي هذه الخلايا في أي من هذه المناطق. من يصاب بالبهاق؟ البهاق يصيب 1-2 % من السكان ونصف هؤلاء تقريباً يظهر عليهم المرض قبل سن العشرين . وفي ثلث الحالات يصيب هذا المرض عدة أفراد في العائلة الواحدة ومع أن معظم مرضى البهاق في صحة جيدة فإنّ بعضهم قد يصابون بواحد أو أكثر من الأمراض التالية: زيادة أو نقص في إفرازات الغدة الدرقية ،الأنيميا الخبيثة (نقص فيتامين ب 12) ،مرض أديسون ( نقص في إفرازات الغدة الجاركلوية)،الثعلبة،التهابات بالعين. ماسبب البهاق؟ سبب البهاق غير معروف بالتحديد ولكن هناك عوامل وراثية وعصبية وأخرى متعلقة بجهاز المناعة يعتقد بأنها ذات أهمية في ظهور المرض. فبعض المرضى يربطون حدوث البهاق بحدوث حرق للجلد أو صدمة عصبية نتيجة حادث أو موت أحد من أفراد العائلة أو طلاق ...الخ. بينما ينظّر العلماء بأن مرضى البهاق مهيأون وراثياً للإصابة به حيث يؤدي تفاعل خلايا الصبغة مع أجهزة المناعة إلى موتها . كيف ينشأ مرض البهاق ؟ تختلف بداية مرض البهاق وشدته من شخص لآخر. فالمرضى ذوي البشرة البيضاء يلاحظون بقع البهاق في الصيف عندما يسمر الجلد السليم ويظهر الفرق واضحاً بينه وبين مناطق البهاق. ولكن المرضى ذوي البشرة السمراء يلاحظون ظهور البقع حال تكوينها . كما وأنه قد يكون المرض شديداً عند بعض الأشخاص لدرجة فقدان الصبغة من سطح الجلد كلياً وليس هناك وسيلة لمعرفة شدة المرض في كل شخص. قبل وبعد العلاج الضوئي أثر البهاق النفسي : مع أن مرض البهاق لا يتعدى الجلد في أكثر الحالات فان كثيراً من المصابين به يعانون من نظرة المجتمع لهذا المرض، تلك النظرة التي عادةً ما تؤدي الى عزل المريض عن محيطة الاجتماعي لجهل معظم الناس بطبيعة المرض وحقيقته ومن الصعب على الشخص السليم ان يقدر مدى تأثير هذه المشكلة على ضحاياها الذين قد يصابون بحالات نفسية كالقلق والاكتئاب وفقدان الثقة ، ويستفيد مرضى البهاق بالتحدث إلى المرضى الآخرين المصابين بنفس المرض . هل هناك علاج للبهاق؟ نعم هناك طريقتان للعلاج. 1- إرجاع اللون الى طبيعته الأولى . 2- إزالة ما تبقى من اللون الطبيعي. أولاً : كيف يتم إرجاع اللون الى طبيعته ؟ لكي نستعيد اللون يجب ارجاع الخلايا المنتجة للميلانين من الخلايا السليمة الباقية وهذا يعني اعادة الخلايا الملونة من بصيلة الشعر أو من الجلد السليم المحاذي لبقع البهاق أو من نفس بقعة البهاق إذا لم يكن اللون قد اختفى منها تماماً .وطرق اعادة اللون متعددة منها: 1- الكريمات الموضعية : تستخدم هذه الطريقة من العلاج في حالة كان البهاق في مواضع قليلة . حيث تستخدم الكريمات المحتوية على الكورتيزون او كريمات المحتوية على مادة التاكروليمس. وهذا العلاج لا يستعمل الا بناء على وصفة الطبيب وبدقة لأن استعمال مراهم الكورتيزون الضعيفة لا تجدي واستعمال الكورتيزون القوي يؤدي إلى ضمور الجلد بالإضافة إلى أضرار أخرى لو استعمل لفترات طويلة وبدون متابعة الطبيب. 2- الناروباند : تستخدم هذه الطريقة من العلاج في حال كان البهاق منتشرا في اماكن عدة من الجسم حيث يتم تعريض كامل الجسم للاشعة فوق البنفسجية من النوع (ب) مرتين الى ثلاث مرات في الأسبوع ، ويستمر في العلاج حسب استجابة الجسم لهذا النوع من العلاج. البهاق الطرفي 3- الإكزيمر: يستخدم جهاز الاكزيمر لعلاج البهاق المحدود . حيث يتم تسليط طول موجي محدد من الاشعة فوق البنفسجية من النوع (ب) على الأماكن المصابة فقط وبالتالي يمتاز بتجنب تعرض كامل الجسم للأشعة كما هو الحال في الناروباند .وبالتالي التقليل من الآثار الجانبية للأشعة فوق البنفسجية. 4-البوفا : وهنا يتم إعطاء المريض دواء السورالين عن طريق الفم بالجرعة المحددة من قبل الطبيب ويتعرض بعده للأشعة الفوق بنفسجية من النوع (أ) مرتين الى ثلاث مرات في الأسبوع ، والذي يحصل أن الأشعة تنشط مادة السورالين ومن ثم تنشط عملية التلوين في الخلايا الملونة في الجلد . ويمكن وضع دواء السورالين السائل على الجلد عند وجود عدد محدود من بقع البهاق والتعرض لأشعة الشمس.وأفضل أوقات التعرض لأشعة الشمس تكون خلال الساعات الأولى من طلوع الشمس أو قبل غروبها . ويكون العلاج عادة يوماً بعد يوم ولا يجوز أن يقل عن مرتين في الاسبوع . ومثل هذه الطريقة تحمل خطر حدوث حروق في الجلد فيما لو تعرضت البقع للكثير من الأشعة وعلى ذلك يجب التقيد بتعليمات الطبيب بدقة . 5- علاجات عن طريق الفم : أهمها حبوب الكورتيزون وتستخدم لفترة محدودة وقد تعطى على شكل إبر بالوريد مكثفة لمدة ثلاثة أيام . والهدف من هذا العلاج إيقاف انتشار البهاق النشيط أو سريع الانتشار . 6- زراعة الخلايا الصبغية: تستخدم هذه الطريقة من العلاج عندما يكون البهاق فى منطقة صغيرة ومستعصية على العلاجات السابقة كذلك يشترط أن يكون مستقراً. وفكرته الاساسية تقوم على نقل خلايا صبغية من مناطق غير مصابة فى المريض إلى مناطق مصابة بعد إزالة الطبقة العلوية من البشرة فى المناطق المستقبلة. * أستاذ طب الأمراض الجلدية المساعد كلية الطب – جامعة سلمان بن عبدالعزيز د. سلمان عبدالله بن دايل