قرأت بتمعن ما كتبه الأخ الفاضل فهد الضبعان بعدد الجزيرة (12412) والمعنون (معلمات حائل يرجون مراعاة ظروفهن)، ولي مع هذا الموضوع الهام عدة وقفات وهي: 1- من الإشكاليات المتأصلة في بعض أذهان المسؤولين في وزارة التربية والتعليم، الجهل بآلية النظام، وكيفية إدارته للعمل وثقافته الضحلة في التمكن من معرفة اللوائح والقوانين والنظم، وكيفية تطبيقها وتنفيذها وفق ما شرعت له. وهذا راجع إلى أن عملية التكليف في المواقع الحساسة تخضع لعوامل النسب والعلاقة والزمالة والصداقة وليست الكفاءة والجدارة والدراية. وهذه حقيقة يعرفها الجميع. وبهذا مارسوا ادواراً ومهمة ليست من مهامهم ولا من اختصاصهم فأصبحوا مشرعين لا منفذين. 2- وجود تصادم بين أنظمة وزارة الخدمة بحكم أنها المرجع لجميع أنظمة وزارات الدولة وبين وزارة التربية ممثلة بشؤون تعليم البنات والأخيرة تعمد إلى تفسير مواد ولوائح وزارة الخدمة وفق رؤيتها الخاصة. 3- المعروف نظاماً أن دور المدير العام يقتصر على التنفيذ فقط وليست من مهامه او اختصاصه تشريع أنظمة او سن قوانين او إحداث مسميات وظيفية يبتدعه من عنده دون أن يستند على نظام او قانون يجيز له ذلك. 4- مشكلات التعليم تُعدُّ الأكثر سخونة والأكثر حراكاً والأكبر جرحاً والسبب قادة التعليم أنفسهم، فالوزير ونائبيه يستقبلوان بشكل يومي أعداداً هائلة من الشكاوى والتظلمات من جميع مناطق ومحافظات وقرى المملكة تتنوع بتنوع المناطق والمحافظات. 5- تعميم مدير تعليم بنات حائل والذي نشر مع كتابة الضبعان يبرهن على الخطأ الواضح والمخالفة الصريحة لأنظمة وزارة الخدمة المدنية المنظمة لإجازات الموظفين والموظفات في جميع قطاعات الدولة، فليس من حقه أن يلغي مواداً او يسن نظاماً إلا اذا كان لديه استثناء خاص، فهذا جهل منا جاء في تعميم مدير بنات حائل في الفقرة السابعة (المراجعة للمستشفيات داخل وخارج المنطقة لا تعتبر إجازة مرضية أو مرافقة). ووزارة الخدمة المدنية تقول في المادة الخامسة عشرة (في الحالات التي يضطر فيها الموظف إلى مرافقة أحد أقربائه لعلاجه او الأم في مرافقة طفلها الذي لا يتجاوز عمره سبع سنوات علاوة مرافق الطفل وأمه يسمح لكل منها التمتع برصيده من الإجازات العادية، فإذا زادت المدة اللازمة للمرافقة على ما يستحق من الإجازات العادية فيسمح له بالغياب ويعامل عن المدة الزائدة وفقاً للفقرة (أ) من المادة الحادية عشرة حسب ما تحدده التقارير الطبية بشرط أن يكون المريض أحد أولاد الموظف أو زوجته أو زوج الموظفة أن تقرر الهيئة الطبية العامة لمن يعالج في الخارج أو مدير المستشفى أو أحد أطبائه ضرورة وجود المرافق..)، هذا نص واضح لا يحتاج إلى تفسير أو توضيح. والسؤال أي نظام يخول مدير التعليم أن يلغي هذا النظام ويسن نظاماً لا يجوز أو يمنع أو لا يقبل؟!!.. واذا رافقت المعلمة مع طفلها أو الموظف مع ابنه ماذا يسمى في نظامكم يا تعليم بنات حائل؟!! جاء في الفقرة (1) من تعميم مدير تعليم بنات حائل (عدم رفع أي طلب للمعلمة إذا كانت تقل إجازتها للرعاية او الاستثنائية عن فصل دراسي كامل)، وتقول وزارة الخدمة المدنية في المادة الثانية والعشرين فقرة (ب) (اذا رغبت الموظفة التفرغ لرعاية مولودها فيجوز لها الحصول على فترة أو فترات إجازة أمومة مدتها ثلاث سنوات كحد أعلى طوال خدمتها في الدولة بربع الراتب بعد نهاية إجازة الوضع..) فالواضح أن هذه المادة لم تحدد الحد الأدنى وهذا متروك للموظفة لأنها الأعرف بظروفها وهي التي تقدر وضعها والمدة التي تناسبها، فكيف يحق لتعليم بنات حائل أن يحدد الحد الأدنى وهو لم يخول أصلاً من قبل وزارة الخدمة المدنية بذلك؟ وأيهما يتبع قرار وزير الخدمة المدنية أو قرار مدير تعليم بنات حائل؟! زوج معلمة شرح لي معاناته مع تعليم بنات حائل حول هذا الموضوع عندما تقدمت زوجته بطلب إجازة رعاية أمومة مدتها ثلاثة أشهر وافقت المديرة من دون بديلة، لكن مدير التعليم رفض ذلك وأرغمها على أن تأخذ فصلاً دراسياً كاملاً. نعم هذه جزء من إشكاليات التعليم سواء في حائل أو في غيره، فأصبح العمل يقاد بالمزاجية لا بالمنهجية، ويدار بالرؤية لا بالنظام، وبالمصلحة التي يتغنى بها كل مسؤول مع إغفال مصالح الآخرين والمكفولة نظاماً، والضحية المواطن والمواطنة، ومن بيدهم الأمر يغضون الطرف تارة ويعرضون عنه تارة أخرى، ولا محاسبة ولا مساءلة ولا معاقبة، فالمسؤول يشرع ويلغي ويسن دون أن يجد من يردعه أو يحد من ممارساته غير النظامية.