يأتي اليوم الوطني من كل عام لنجدها فرصة للاحتفال وإبراز مظاهر تاريخ الوطن وأمجاده. ومن الأولويات في اليوم الوطني أن يصبح أيضا مناسبة لاكتشاف واقعنا الراهن في شتى المجالات. نعم يحق لنا أن نحتفل بتاريخنا المجيد منذ فجر توحيد هذه البلاد على يد مؤسسها وباني نهضتها، وحتى يومنا هذا، ومن خلال فعاليات اليوم الوطني على كافة المستويات الإعلامية والاجتماعية والأكاديمية وغيرها من الأنشطة سوف نكتشف الكثير من المنجزات المتراكمة عبر العقود الزاهرة. وحيث وصلت المملكة العربية السعودية إلى حالة من الاستقرار والبناء والازدهار يشار لها بالبنان على المستوى الدولي، فإننا ندرك حقيقة أن التنمية والازدهار لا تتم إلا في وطن ينعم بالأمن والاستقرار، والأمن في الأوطان نعمة جليلة تكاد تكون مفقودة في كثير من دول العالم من حولنا، وقد كانت المملكة ومازالت يضرب بها المثل في أمنها العام استقرارها الذي مكنها بعون الله تعالى من تنفيذ خطط تنميتها وبرامج تطوير شؤونها. وخلال العقود القليلة الماضية مر العالم وفي مقدمته منطقة الشرق الأوسط بمتغيرات خطيرة حيث الأزمات المتلاحقة والحروب، وما نتج عنها من مآس وتبعات مؤلمة للمجتمعات؛ وكانت المملكة الأكثر أمنا والأكثر استقرارا، وليس من شك في أن كل ذي نعمة محسود، وقد أصبحت نعمة الاستقرار المشهود واحدة من تحديات الأمن في هذه البلاد. وجاءت أحداث 11-9-2001م لتثبت بما لا يدع مجالا للشك أن من لا يريدون خيرا لهذه البلاد قد فتحوا معاركهم وركبوا شياطينهم للمساس بأمنها ووحدتها تحت ذرائع متعددة، فقد خلفت أحداث الحادي عشر من سبتمبر الكثير من الكوارث الأمنية على المسرح الدولي، وكانت المملكة في عين العاصفة فأنجاها الله سبحانه وتعالى، ثم حنكة قيادتها الرشيدة وتعاون مجتمعها الأبي. ففي الوقت الذي كانت عصابات الشر والإرهاب تفجر نواحي مقدسة من أرض الوطن الغالي كانت أبواق أخرى مسمومة ترتفع أصواتها هنا وهناك، وهي تشحن الإرهابيين والمجرمين بالمساعدات، وكل معاني الخيانات الوطنية الكبرى، والمتابع للشؤون الإقليمية يتعجب من حملات الإعلام المغرض ومطابخ الدراسات الغربية التي تطرح تسريباتها البالية وخرائط دمائها وعقولها الفاسدة التي لا تتم إلا متزامنة مع أحداث أخرى ومرتبطة بها، وفي ظل تلك الأزمات المؤذية ومناخها المسموم التي تجاوزناها بنصر وثقة وعزيمة نجد أن قيادة هذه البلاد ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز -حفظهما الله تعالى- قد كانت محط احترام وولاء ووفاء الشعب السعودي، كما حققت القيادة السعودية مستويات غير مسبوقة من التلاحم الوطني، وكذلك الاحترام الإقليمي والدولي، وكان من مؤشرات قوة العزيمة وسمو المنهج السياسي ونضج القرارات الوطنية أن ازدادت هذه البلاد نموا تعكسه كافة المؤشرات المالية والاقتصادية والاجتماعية. ويدرك المتابعون والمهتمون لشؤون الأمن والاستقرار أن الأمن بمفهومه من حيث الأمن العام والأمن الوطني، وهو عصب الحياة ومظلتها وشريانها لا يتحقق محض الصدفة، ولا يتحقق الأمن بمجرد الأمنيات والنوايا الحسنة مثلما أنه لا يتحقق بالقوة المسلحة بمفردها، فالأمن يتحقق بعون القوي العزيز ثم بحكمة القيادة التي تضع السياسة الأمنية برؤى شاملة ومتعقلة وواقعية تنفذها وتحكم السيطرة لمتابعتها، ويتضح بجلاء تراكم إيجابيات تطوير الاستراتيجيات الأمنية واستنتاج العبر والدروس المستفادة أولا بأول من تلك الأحداث التي واجهتها بلادنا، وأخذت بالمناسب منها. والمتابع لتطور حالة السياسة الأمنية السعودية خلال السنوات الخمس المنصرمة يشعر بالإعجاب والاحترام الكبير للقائمين عليها، وحقا كانت الاستراتيجيات الأمنية السعودية خلال السنوات الخمس الماضية تعكس الكفاءة العالية في الإطار العام للعمل الأمني السعودي. فللمملكة مكانة حساسة لكونها قبلة الإسلام والمسلمين وذات مكانة عالمية في شؤون الطاقة إضافة إلى موقعها الجغرافي المميز وإطلالتها على شواطئ مفتوحة طويلة وحدود برية أطول في مساحتها الشاسعة، إلا أن تحديات المملكة ومكانتها التي تتشرف بها كانت أيضا تحديا عملياً لمارشال الأمن الأول صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية الذي عرف بحسه الأمني وبعد نظره وهدوئه وخطابه المحكم والواثق في وجه التحديات والأحداث، ومن يعرف واقعنا الأمني في مواجهة الأحداث يعلم أن الأمير نايف بن عبدالعزيز هو صاحب الاستراتيجيات الأمنية الموفقة، وهو العامل المباشر في القيادة والسيطرة في شتى مجالات الأمن، وهو القائد والموجه الذي يعرف الجميع رؤيته وفلسفته وحزمه ومكانة الأمن في وجدانه. وحينما تكون النتائج عند حسن ظن القيادة السياسية العليا ومحط آمال الملايين من محبي هذه البلاد فإن الجميع يستشعرون مكانة رجل الأمن الأول من هذا النجاح آملين في حفظ هذه البلاد على حالة إيجابية دائمة ومطمئنة من الأمن الذي يحمي البلاد، ويحقق للمجتمع حياة كريمة، ففي الوقت الذي حققت المملكة قفزات لاتخطئها العين في إدارتها لشؤون الأمن في مواجهة جبهات ميدانية ومعنوية وسياسية متعددة، وحظيت باحترام دولي إقليمي وإجماع وطني لانزال نسمع ونرى تلك الإخفاقات في الشؤون الأمنية والسياسية لقوى كبرى، وفي الوقت الذي يشهد مسرحنا الأمني واستراتيجياتنا الأمنية هدوءا وثقة فإنك تتعجب أيضا من تخبط آخرين وعبثهم في شؤونهم الداخلية وفي القضايا الإقليمية والدولية رغم ما يتيسر لهم من إمكانات هائلة. فإذا كانت الدول التي يتحقق لها نصر مبين في المعارك الحاسمة في البر أو البحر أو الجو تمنح جنرالاتها المنتصرين رتبة ولقب المارشال وتزينهم بالنجوم والنياشين فإن بلادنا قد تحقق لها من مستويات الأمن المستتب والاستقرار ما يجعل رجل الأمن الأول سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز (مارشالا فوق النجوم والنياشين) بمكانة عالمية مرموقة يحترمها خبراء الأمن المعتبرين، ويقدرون لقادة بلادنا وأمننا هذه المكانة التي تفوقت على كل التحديات. وقد كانت الحرب على الإرهاب تعد تحديا كبيرا، ولا تزال على المسرح الدولي وكان ولا يزال نصيب المملكة من نهج الحاقدين والأشرار يلوح في الآفاق لكن حكمة القيادة وحنكة مخططي الأمن ودرجة الجاهزية ومستوى القيادة والسيطرة وكفاءة الرجال في الميادين وتعاون المواطنين سوف تخيب بكل آمال الإرهابيين، وتكبح جماح المعتدين، فقد ارتكزت استراتيجيات الأمن على مبادئ متعقلة وصادقة حققت كسب قلوب وعقول أبناء المجتمع السعودي حيث تزامنت العمليات الميدانية مع العمل الفكري وخطط الإعلام والمعلومات المرتكزة على الوضوح والصدق، ففي الوقت الذي تراكمت فيه مستويات الجاهزية بالمعدات والأسلحة والتدريب كانت خطط القيادة والسيطرة والتنسيق تتراكم فعالياتها لتحقق مستويات متميزة من العمل الأمني. ونتمنى أن تحل علينا ذكرى اليوم الوطني في العام القادم، وقد تحققت لبلادنا مستويات متقدمة أخرى من الأمن والاستقرار والازدهار، وتحية لسمو الأمير نايف بن عبدالعزيز ومنظومة الأمن الشامل في كل شبر من الوطن الغالي، وكل عام والجميع بألف خير وسؤدد. * عضو مجلس الشورى السعودي