رغم أن موعد الانتخابات البرلمانية البحرينية لم يتحدد بصفة نهائية حتى الآن، إلا أن المعركة الانتخابية قد بدأت بالفعل منذ عدة أسابيع، وهو أمر يمكن أن يدركه أي زائر للبحرين من خلال متابعة الصحف الصباحية الست، التي خصصت كل منها صفحة يومية أو أكثر لنشر أنباء هذه المعركة. وهو أمر تؤكده مظاهر أخرى كالاجتماعات التي يعقدها الناخبون، والمؤتمرات واللقاءات داخل المجالس الخاصة. فالكل يدرك أن العد التنازلي لتشكيل ثاني مجلس نيابي في تاريخ البحرين ستجري خلال الفترة القليلة المتبقية من عام 2006م، وبحد أقصى في نهاية ديسمبر القادم كما ينص الدستور البحريني. وهناك رغبة كبيرة لدى المحللين السياسيين والمتابعين لهذه المعركة الفريدة، في خوض سباق مع الزمن، من أجل استشراف المستقبل، ورسم خارطة التكتلات السياسية في مجلس النواب القادم، لاعتبارين أساسيين: * أن هذه الانتخابات هي بمثابة اختبار حقيقي للقوى السياسية البحرينية المتواجدة في الشارع البحريني، وهو اختبار تأجل لمدة أربعة أعوام منذ بداية التجربة الإصلاحية التي أرسى دعائمها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والتي أسفرت عن أول انتخابات مباشرة لمجلس نواب بحريني. ولكن هذا الاختبار تأجل بسبب مقاطعة جمعية الوفاق (أكبر تكتل شيعي) للانتخابات، وقد تراجعت بعد هذا القرار وقررت أن تخوض انتخابات المجلس الجديد أو مجلس 2006م. * أن هذه الانتخابات ستحدد الحجم الحقيقي لكل تكتل سياسي في الشارع البحريني، بعيداً عن التضخيم أو التهويل الذي تمارسه هذه القوى السياسية، عندما تتحدث عن نفسها، خاصة جمعية الوفاق. ويبدو أن صورة الكتل النيابية في مجلس النواب المقبل ستكون أوضح من نظيرتها في مجلس النواب السابق، ففي ظل مقاطعة أربع جمعيات لانتخابات العام 2002م (وعد، الوفاق، أمل، التجمع القومي)، استأثر التيار الإسلامي السُني ممثلاً في كل من جمعيتي المنبر الإسلامي والأصالة الإسلامية بعدد المقاعد الأكبر في مجلس النواب والتي بلغت 12 مقعداً مجتمعة وكانت بالتالي هي الجمعيات الوحيدة التي بدأت عملها في مجلس النواب كتكتلات. ومع نهاية الدورة الأولى للمجلس السابق تشكلت كتلتان جديدتان هما (كتلة المستقلين) برئاسة النائب عبدالعزيز الموسى وتضم 8 أعضاء، و(كتلة الديمقراطيين) برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس عبدالهادي مرهون وتضم ثلاثة أعضاء. ومع بداية الدورة الثانية تشكلت كتلة خامسة هي (الكتلة الإسلامية) والتي يرأسها النائب علي السماهيجي وتضم 6 أعضاء، أما الكتلة السادسة والتي أطلق عليها (الكتلة الاقتصادية) فقد أعلن عن تشكيلها في الدورة الثالثة من المجلس تقريباً. ثلاث قوى إسلامية: وبالنسبة للمجلس القادم توقع نائب رئيس جمعية المنبر الإسلامي (الإخوان) النائب علي أحمد في ندوة انتخابية في مجلس العضو البلدي عبدالرحمن الحسن أن (يشكل المجلس القادم بالتساوي بين ثلاث قوى وهي كتلة المنبر والأصالة وتحالف الوفاق مع بقية الجمعيات إضافة للمستقلين بتوجهاتهم المختلفة). وعلى صعيد التوقعات أيضاً، قال رئيس اللجنة العليا للانتخابات في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية جواد فيروز من خلال ما نشهده من حراك بين الجمعيات السياسية ودخول القوى المقاطعة في برلمان 2006م فنعتقد أن هذه القوى سيكون لها الحظ الأوفر من المقاعد ككتلة مشتركة وتليها الجمعيات السياسية الإسلامية الموالية ومن ثم مجموعة المستقلين والتي ستشكل الكتلة الأقل عدداً، مبيناً أنه من الصعب التخمين حالياً بعدد المقاعد التي ستنالها هذه القوى. وأضاف فيروز: تشير توقعاتنا إلى التوازن بين القوى الموالية والمعارضة سيكون سمة المجلس المقبل، مشيراً إلى أن هذا التوازن سيكون له حراك فاعل ضمن ضوابط عمل المجلس، ومن التوقعات أيضاً أن تطغى الأجندة الوطنية على الاجندات الطائفية والمناطقية، وسكيون هناك تنافس حامٍ بين التكتلات لممارسة الدور التشريعي والرقابي وتقديم مقترحات بقوانين ورغبة تهدف لتقديم خدمات عامة وستحاول القوى السياسية في برلمان 2006م تكثيف علاقاتها الاجتماعية مع المواطنين، فوقوعهم تحت الأضواء سيعمل على حثهم لكسب رضا الناخب وذلك تمهيداً لانتخابات 2010 على حد تعبيره. وجوه جديدة: ومن جانبه يعتقد المتحدث باسم الكتلة الإسلامية النائب محمد آل الشيخ أن الكتل النيابية في المجلس المقبل ستشهد تغييراً، والتغيير الأبرز هو دخول الجمعيات المقاطعة مما سيؤدي إلى صعود وجوه نيابية جديدة، مستدركاً لكن ذلك لن يكون على حساب الكتل النيابية الموجودة والتي سوف تحتفظ بطواقمها وكوادرها مع وجود بعض التغييرات. وتابع: حسب ما هو معروف في الساحة فإن الجمعيات التي شاركت في الانتخابات الماضية في 2006م قد أوجدت لنفسها كتلاً برلمانية في حين أن التجمعات والكتل التي شكلت بعد التئام المجلس هي الآن بصدد تشكيل جمعيات لتستكمل بناءها المؤسسي، وذلك في إشارة منه إلى سعي أعضاء الكتلة الحالي لتأسيس جمعية سياسية.