لا أدري لمَ كان الفرح الذي صاحَب فوز المنتخب السعودي (لذوي الاحتياجات الخاصة) بداخلي كبيراً شاسعاً بلا حدود؟ هل تراه الجو من حولي كان محرضاً على الفرح مورقاً بالأعلام الخضراء والاحتفالات التي ستصحب اليوم الوطني، أم أنّ هذا الفوز يحمل العديد من الدلالات منها: - كونه مؤشراً قوياً للرعاية التي ينالها أصحاب الاحتياجات الخاصة في مجتمعنا، منذ مراحل مبكّرة للغاية، من خلال العناية بهم والاهتمام بتدريبهم وتأهيلهم وإعدادهم، للانخراط في المجتمع، فتصبح المراكز المعدّة لتأهيلهم أهم المؤشرات التي تقيس المستوى الحضاري الذي وصل له هذا المجتمع على مستوى العناية بالأفراد، فكلّما زاد عدد المؤسسات المعنيّة بذوي الاحتياجات وتقدُّمها وتطوُّرها، تحوَّل المقياس الحضاري نحو الأعلى، فأبطالنا الخضر لم يتدرّبوا فقط لتجاوز إعاقتهم، بل بات في وسعهم أن ينافسوا على المستوى العالمي مخترقين حواجز هذه الإعاقة لتحقيق نصر عالمي كبير. وفي اعتقادي الشخصي أن قد يفوق ذلك النصر الذي من الممكن أن يحققه الفريق الرسمي للمملكة، فكأس العالم الصيف الماضي التي أصابت العالم بالجنون من الممكن أن يفوز بها أي فريق من فرق أمريكا اللاتينية يمضي أوقاته في التدرُّب في الشوارع والأزقّة دون مبالاة بإنسانية الفرد وتأهيله، لكن انتصار ذوي الاحتياجات الخاصة لدينا لهو انتصار للبُعد الحضاري لأُمّة حديثة تهتم بجميع الشرائح. - الأمر الآخر أنّ دفع ذوي الاحتياجات الخاصة لهذا النوع من المباريات ومع تأهيلهم وتدريبهم، تأتي ومضة إنسانية نبيلة مبشرة في زمن أصمت به آذاننا طبول الحرب والنسف والدمار والتصفية، نجد هنا أنّ الإنسانية تتوقّف قليلاً وتلتفت باتجاه أولئك الذين من حولنا والذين يحتاجون إلى مساحات من الود والوداد والأمن يستطيعون أن يكابدوا فيها خطواتهم الأولى. كانت البشرية في السابق تتعامل معهم بوحشية، فينفون بعدما يولدون إلى قمم الجبال كي تلتهمهم الطيور الجارحة، أو أنّهم يخفون في أماكن قصية وبعيدة عن الأعين، حيث يرون أنّهم يجلبون الشؤم والعار، فدوماً الغربة والغرابة لها أثمانها الباهظة. - ولكنها كانت حقاً ليلة بهيجة ونادرة هي ليلة فوز المنتخب السعودي بهذه البطولة، يبقى من هذا كله أنّ هناك شائعة استطاعت أن تكسر فرحي وزهوي تلك الليلة فحواها أنّ بعضاً من أعضاء هذا الفريق هم من غير ذوي الاحتياجات الخاصة، وأنّهم أُدرجوا في الفريق على غير وجه حق؟؟!! لذا أرجو أن يكون هذا الأمر .... إشاعة، مجرَّد إشاعة .... حتى لا تسبب شرخاً حاداً في الصورة الزاهية التي نقدِّم أنفسنا من خلالها للعالم.