لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الكبير الذي تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومدى أهمية هذا الجهاز الحكومي، وتأثيره الإيجابي في المجتمع، ولكن لدي تساؤلات وملاحظات حول هذا الجهاز الحكومي المهم الذي نسعى من خلال أطروحاتنا أن نُعينه على تلافي سلبياته وتعزيز إيجابياته، شأنه بذلك كبقية الأجهزة الحكومية التي يجب أن تستفيد مما يطرح؛ وذلك للارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدمها قطاعاتنا الحكومية، وكم يسعدني وأنا أرى أحد المسؤولين (برغم قلتهم) وهو يتفاعل مع ما يتم طرحه ويتفهم النقد الموجه لمؤسسته أو لدائرته الحكومية لنجده يسارع إلى تلافي الأخطاء والرقي بالعمل بما ينعكس إيجابا على المجتمع وعلى المواطنين الذين ينتظرون خدمات أفضل من القطاعات الحكومية المختلفة. فيما يخص هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أتساءل دائماً: لماذا يتركز نشاط الهيئة على محاربة سلوكيات معينة دون غيرها!! لنجد أن الهيئة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في أمور وتتناسى أمورا مهمة؛ فمثلا لم أسمع أن الهيئة قبضت على شاب أو رجل (متشدد في الدين)، لكي تقوم الهيئة عند ذلك بتوجيه النصح والإرشاد إلى هذا الشخص أو ردعه ومنعه من الاستمرار في تشدده وغلوه، ذلك التشدد الذي يسيء إلى الدين ويسيء إلى أفراد المجتمع لأنه يتيح لصاحبه قذف الناس بتهم خطيرة تصل إلى تكفير أفراد المجتمع ونعتهم بالعلمانية أو الليبرالية إلى غير ذلك من الأوصاف والتهم التي تسيء للمجتمع ولأفراده!! وهذا مما يتسبب في نشوء المشاحنات بين أفراد المجتمع وهنا يجب أن يظهر دور الهيئة في منع تلك الشريحة من أن تمارس ذلك الغلو الضار بالمجتمع. ولم أسمع كذلك بأن الهيئة وبما تملكه من كفاءات وإمكانات قد قامت بعملية مداهمة لأحد المواقع التي يجتمع فيها متشددون (وهم كثر)، ولم نسمع أن الهيئة قد داهمت وكرا من أوكار الإرهابيين لتتعاون بذلك من رجال الأمن الذين حملوا على عاتقهم ملاحقة فلول الإرهابيين!!! فنحن نرى أن الهيئة تتعاون مع رجال الأمن في مداهمة أوكار الفساد وأوكار صناعة الخمور، ولكننا لم نسمع أن الهيئة قد ساهمت مع رجال الأمن في مداهمة وكر من أوكار الإرهابيين والمتشددين وأصحاب الفكر المنحرف!! أليس الغلو من الأمور التي تحتاج إلى أمر بالمعروف ونهي عن المنكر؟؟!! على الرغم من أن الغلو والذي انتشر لدى كثير من أفراد المجتمع هو من الأمور الخطيرة التي تهدد المجتمع والوطن عموما وهي بحاجة إلى من يقف في وجهها ناصحا ومرشدا ورادعا. لماذا لا تهتم الهيئة بهذه النقطة المهمة جدا لتدرجها من ضمن مهاما؟؟!! على الرغم من أن الغلو والتشدد يتعدى خطره على ما نراه من تجاوزات بعض أفراد المجتمع والتي تحرص الهيئة على رصدها ومتابعة مرتكبيها!! فياليت هؤلاء المغالون يجدون الهيئة وقد وقفت في وجوههم وهي تقوم بدورها المعتاد الذي يقوم على الإصلاح والتوجيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتكمل الهيئة بذلك أدوارها المهمة كما يجب. فالمشكلة الكبرى هي أن هناك شريحة تعتقد أن الغلو في الدين هو نوع من زيادة الورع والتقى!! وأن هذا الغلو يدل على أن صاحبه وصل إلى أعلى درجات التدين والتقرب إلى الله!! ليتم من خلال ذلك الخلط ما بين التدين والغلو في الدين!! فمن يملك الكفاءة والقدرة لفض هذا الالتباس الخطير؟؟!! أعتقد أن على المجتمع وبكافة قطاعاته مسؤولية ذلك، وخصوصا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. عضو هيئة الصحفيين السعودية [email protected]