بدأت إسرائيل بممارسة عملية ابتزاز كبيرة ضد روسيا, تهدف لجرّ موسكو إلى التصويت على مشروع القرار الفرنسي الأمريكي المعروض على مجلس الامن الدولي الذي يتبنى أكثرية أهداف العدوان الإسرائيلي ضد لبنان, وكذلك بهدف منع روسيا من مجرد التفكير في ارسال قوات عسكرية للمشاركة ضمن قوات السلام الدولية المنوي نشرها في جنوبلبنان بعد اصدار دولي بذلك عن المنظمة الدولية. وبدأت عملية الابتزاز الإسرائيلية من خلال تسريب مصادر إسرائيلية مختلفة تفسيرات تعزو مقتل 59 عسكريا من بين ال91 إسرائيليا الذين قتلوا خلال 26 يوما من الحرب ضد لبنان إلى استخدام حزب الله والمقاومة اللبنانية اسلحة روسية متطورة, لاسيما منها صواريخ مضادة للدروع قادرة على اختراق دبابة ميركافا الإسرائيلية التي تعتبر المدرعة الأكثر تحصينا في العالم. وتستخدم الآلة الاعلامية الصهيونية شعار (مواطنوكم يُقتلون باسلحتكم) لتشير إلى مقتل اثنين من الإسرائيليين لقوا مصرعهم في لبنان, أحدهم مهاجر من روسيا والآخر مهاجر من أوكرانيا المجاورة, كان الاول قد قُتل بعد إصابة دبابة روسية على تخوم بنت جبيل اللبنانية بصاروخ مضاد للدروع ,فيما سقط الثاني من جرّاء أمطار المقاومة اللبنانية مدينة حيفا بصواريخ الكاتيوشا في الاسبوع الثاني من الحرب. ولا تنفك الأجهزة الإعلامية الإسرائيلية, ولاسيما الناطقة منها بالروسية, تعلن إبان ذلك عن أن حزب الله يستخدم أسلحة من إنتاج روسيا منها راجمة (ار بي جي - 29) التي تخترق قذائفها دروع دبابة (ميركافا) الإسرائيلية. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي في حديث خاص لصحيفة (فريميا نوفوستية) الروسية إنه لا يستبعد أن يملك حزب الله أسلحة روسية أخرى منها صواريخ مضادة للطائرات تطلق من الكتف من نوع (س ا - 18) (إغلا), على الرغم من ان المتحدث باسم السفارة الروسية في إسرائيل كان قد نفى ذلك نفيا قطعيا وقال إنه لا صحة لأخبار من هذا القبيل. ويشار إلى ان هذا النوع من الصواريخ المضادة للطائرات كانت روسيا قد باعته لسوريا العام الماضي, اثر زيارة الرئيس بشّار الاسد للعاصمة الروسية, ومضت في توريد هذه الصواريخ القصيرة المدى والتي لا يمكن اطلاقها من الكتف على الرغم من الاعتراضات الإسرائيلية والأمريكية على هذه الصفقة. ومن جانبه قال وزير الداخلية الإسرائيلي افي ديختر في مؤتمر صحفي عقده يوم الجمعة الماضي في تل أبيب: لا أستطيع تأكيد معلومات عن وجود صلة لروسيا بحزب الله ولكننا نعرف أن لحزب الله صلة بسوريا وإيران كما توفرت لنا معلومات تفيد انه يستخدم في لبنان أسلحة روسية الصنع. وأشيع في إسرائيل أن نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف رجا خلال زيارته لسوريا وإيران من قادة هذين البلدين عدم تسليم اسلحة من إنتاج روسيا إلى حزب الله. وقالت مصادر دبلوماسية إسرائيلية إنه إذا تم تأكيد المعلومات عن امتلاك حزب الله لأسلحة روسية حديثة فإن العلاقات الإسرائيلية الروسية ستسير من سيئ إلى أسوأ. وقال مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية طلب عدم ذكر اسمه لصحيفة (فريميا نوفوستيه) الروسية: تبيع روسيا أسلحة إلى أعداء إسرائيل المحتملين وتقف موقفا عدائيا تجاه إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، ويضرب الدبلوماسيون الروس عرض الحائط بجهودنا المبذولة لإجراء حوار معهم. ولم ترسل موسكو وزير خارجيتها إلى الشرق الأوسط في حين فعلت ذلك فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، وهذا يعني حسب المصادر الإسرائيلية واحدا من اثنين: إما أن موسكو غير جادة في التعاطي مع هذا النزاع وإما أنها لا تريد إفساد العلاقات مع أي طرف. وأولى نتائج الابتزاز الإسرائيلي لروسيا تبدت في تلميح الممثل الروسي في الأممالمتحدة, اندريه شوركين, إلى موافقة موسكو على مشروع القرار الفرنسي الأمريكي الذي يأخذ بشروط إسرائيل واهدافها من عدوانها ويتجاهل النقاط السبع التي توافقت عليها الحكومة اللبنانية, وما النصيحة التي قدمها شوركين للحكومة اللبنانية وللحكومات العربية لاعادة قراءة ودرس مشروع القرار المذكور الا اشارة ضمنية إلى تخلي موسكو عن طلب لمجلس الأمن اصدر قرار بوقف فوري لاطلاق النار دون قيد وشرط!. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد دعا شخصيا خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير يوم الأحد الماضي إلى (وقف فوري لإطلاق النار). كما ان من نتائج هذا الابتزاز المفضوح, إعلان سيرغي ايفانوف نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الروسي, عن أن من السابق لأوانه التحدث عن اشتراك عسكريين روس في عملية السلام في لبنان. وذلك على الرغم من ان ايفانوف اعترف ضمنا بقصور مشروع القرار المعروض على مجلس الأمن الدولي عن المطلوب منه, وقوله للصحفيين إن من السابق لأوانه التحدث عن ارسال قوات روسية صمن قوات السلام التي سترسل إلى لبنان إذ لا توجد آليات معينة لتسوية الوضع ولا يوجد قرار لانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية.