عندما ألقت المملكة مع بداية عدوان إسرائيل على لبنان باللائمة على من تسبب في بداية الحرب، وذلك عندما قامت عناصر لبنانية بمهاجمة دورية إسرائيلية وقتل بعض من فيها وأسر اثنين منهم، فهذا لا يعني أن المملكة تخلت عن الشعب اللبناني الشقيق بل إن ما أبدته من رأي صريح مع بداية الأزمة إنما ينضوي في إطار الشعور بالمسؤولية والتناصح بين الإخوة وذلك بحكم استشعارها بأساليب العدو وانتهازه مثل هذه الفرص للانقضاض على جيرانه، لأنه عدو متغطرس ومدعوم من قوى كبرى في مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية وإلا فإن المملكة تدرك أهمية تحرير الأسرى بالإفراج عنهم عن طريق تبادل الأسرى ولكن هذا الخيار ينبغي أن يتم بأسلوب يحول دون إلحاق الضرر بلبنان أو أي دولة عربية، وكذلك فالمملكة أيضاً تدرك أهمية إعادة مزارع شبعا إلى لبنان، إلا أن هذا أيضاً ينبغي أن يتم بالطرق السلمية وبالمفاوضات وليس بمبادأة العدو الإسرائيلي بالهجوم العسكري مع تفوق هذا العدو في القوة العسكرية، ومزارع شبعا كما هو معلوم هناك الآن اهتمام من المنظمة الدولية بها على أساس إعادتها للبنان ثم بعد ذلك يتم ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا بما فيها أراضي مزارع شبعا. إن المملكة مع وضوح رأيها مع بداية الحرب الإسرائيلية مع حزب الله اللبناني لم يحل دون مساندتها لشعب لبنان وبذل الجهود لوقف الحرب، فقد قدمت المساعدات المالية الكبيرة (500) مليون دولار إضافة إلى مليار دولار وديعة في بنك لبنان المركزي، هذه المساعدات المالية السخية لم تقدمها أي دولة أخرى، وهو دليل على أن المملكة تقدم هذه المساعدات منطلقة من باب المصلحة العامة للأمة العربية والإسلامية والروابط الأخوية بين العرب والمسلمين. أما الجهود السياسية التي قامت بها المملكة لوقف العدوان على لبنان فإن قائدنا الملك عبدالله - رعاه الله - قد اختار اثنين من كبار المسؤولين بالدولة وممن يشغلون وظائف ذات أهمية كبرى وهما سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل وسمو الأمين العام لمجلس الأمن الوطني سمو الأمير بندر بن سلطان وذلك من أجل زيارة الدول الكبرى ذات الفاعلية والتأثير في القرارات الدولية من أجل شرح وجهة نظر المملكة والدعوة لوقف إطلاق النار بشكل فوري. فقد زار سموهما الولاياتالمتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وكان لهذه الزيارات أثر في توضيح الصورة الحقيقية للوضع المتأزم وتراجع بعض الدول الكبرى عن مواقفها المؤيدة بشكل مطلق لمواصلة إسرائيل الحرب على لبنان ظناً منهم أن تلك الحرب ستؤدي إلى نزع سلاح حزب الله قبل أن يتبين أن تلك الحرب لم تحقق سوى المجازر البشرية وتدمير البنية التحتية للبنان الشقيق، ومن تلك المجازر مجزرة (قانا) في جنوبلبنان التي ذهب ضحيتها ما يزيد عن (60) لبنانياً أغلبهم من النساء والأطفال كانوا يقطنون في مبنى واحد فهاجمتهم إسرائيل بطائراتها وصواريخها مع أنه لا يد لهم فيما يحصل.