عندما أتحدث عن رجل عملاق وضخم الأعمال والطموح كما هو ضخم الجسم فإنني لن أضيف شيئاً لهذا الرجل بعد أن بسط الله له في الجسم والعقل والعزيمة والجاه، ولكن أوقفني كثيراً وبكل صدق وأمانة ما نشرته جريدة (الجزيرة) ليوم السبت الموافق 20-6-1427ه تحت عنوان: (القصيبي يصرح: لقد تم توظيف 125 ألف شاب). عفواً، غازي لم يوظف (125) ألف شاب فقط، بل قضى على ظاهرة شباب يتخذ الرصيف مكاناً لقضاء الوقت حتى بزوغ الفجر ويحمل الرقم (125) ألف شاب، كما أن القصيبي أنهى معاناة رجال الأمن مع هذا العدد الكبير من الشباب الذين يجوبون الشوارع ليلاً ونهاراً لأنهم عاطلون عن العمل ولا شيء يشغل فراغهم. هذا العدد الكبير يعني أن عدداً مماثلاً له من الآباء أدخل القصيبي السرور إلى قلوبهم وهم يرون أبناءهم يخرجون كل صباح إلى أعمالهم، ونفس الرقم الكبير من الأمهات اللاتي يرين فلذات أكبادهن وقد أصبحوا رجالاً عاملين في المجتمع. أما ظاهرة الإحباط والأمراض النفسية التي أصبحت مقلقة بسبب الفراغ والبطالة فإن هذا العدد الكبير سوف يكون محصناً بإذن الله من هذه الأمراض، لقد تحسن وضع هؤلاء الذين كان أحدهم بالأمس يسأل أمه أو أباه أو أخته أو أخاه، يسأله أن يدفع له مالاً يسدد به هاتفه، أو مبلغاً يدفعه لمحطة تعبئة الوقود. أصبح هذا الشاب في غنى عن سؤال حتى أقرب الناس إليه. هذا الرقم الكبير من الشباب يعني أن لدينا (125) ألف شاب يستطيعون ولو مجرد (التفكير) في شيء اسمه الزواج، وبالتالي أدخلنا السرور إلى نفس الرقم من الفتيات اللاتي يبحثن عن زوج المستقبل بشرط ألاَّ يكون عاطلاً. أما أنتم أيها التجار المواطنون (الأوفياء) لشباب وطنكم فإن (المادة) أو حب المال لم يعمِ أبصاركم أو بصيرتكم عن واجبكم الوطني.. فلكم الشكر والتقدير من الوطن والمواطنين بعد أن منحتم الفرصة لهؤلاء الشباب. ولعل من العجائب والغرائب أن نرى بعضاً ممن كانوا يتقربون إلى معالي الوزير الذي أشرف وتابع على قيام المصانع الوطنية عندما كان وزيراً للصناعة والكهرباء نراهم يتحولون إلى أعداء ونقاد لمعالي الوزير وسياسته بعد أن أصبح وزيراً للعمل. (بعض هؤلاء) انكشفوا لأنهم هم الذين أغرقوا أسواق الوطن بالعمالة السائبة، وهم رواد السعودة الوهمية، وهم تجار الفيز، وهم الذين يحاربون قرارات السعودة في كل اتجاه؛ لأنهم لا يريدون أن يقدموا شيئاً للوطن بعد أن حصلوا على كل شيء من الوطن، أخذوا الأراضي، وأخذوا القروض، وأخذوا الحماية من البضائع الخارجية، وأخذوا الكهرباء بأسعار خاصة، ثم بعد كل هذا يخرج بعضهم ليهدد بنقل نشاطه إلى الدول المجاورة، هل نسي أو تناسى أن عدد سكان الدول المجاورة لا يتجاوز المليون نسمة، بينما عدد السكان هنا يتجاوز ال(15) مليوناً، وهذه الأرقام تقول: إن القوة الشرائية والاستهلاكية للسوق السعودية لا يمكن مقارنتها بالدول العربية. ومثل هؤلاء عندما يفكرون بالعودة إلى السوق السعودية يجب أن يكون لنا حديث آخر معهم. عبد الرحمن رشيد الروكان