يقول الله عز وجل {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} كان مساء يوم الأحد 6-6-1427ه لحظة ويوماً يصعب على الإنسان نسيانه حينما وصلني اتصال من المستشفى يفيد بوفاة زوجتي أُم محمد (قوت بنت موسى الشهيل) .. كان موقفاً مؤلماً ومصاباً جللاً، ولكن هذه سنّة الحياة وما على الإنسان إلاّ التحلِّي بالصبر تجاه المصيبة، والتسليم بالقضاء والقدر. لقد رحلت فجأة، ويصعب على الإنسان في مثل هذه المواقف والأيام وفواجعها فقدان شخص أمضيت معه ما يقارب من خمسين ربيعاً، وتحديداً ثمان وأربعون سنة مضت وكأنّها يوم واحد، أمضتها في عناية شؤون بيتها وأولادها وزوجها، يبدأ يومها باكراً بإعداد مستلزمات الحياة اليومية لأبنائها ولزوجها، ولم أنهض يوماً من منامي قط إلاّ وقد وجدتها وقد قامت بإعداد الإفطار وحتى مستلزمات العمل إذا كان العمل ميدانياً، لم تقل يوماً كلمة لا في وجهي ولم يسمع أحد في البيت لها صوتاً مرتفعاً أو شتماً أو ذماً لأحد، كانت محافظة على الصلاة والنوافل وخاصة صلاة الليل والضحى، كانت تقضي يومها بإعداد مطالب الأُسرة وسماع إذاعة القرآن الكريم، وكان لها مكينة خياطة تستخدمها لصيانة ملابسها وملابس بناتها، لم تكن من ذوات القيل والقال والانتقال من بيت إلى آخر، خرجت من بيت والدها إلى بيت زوجها، لم أعد يوماً قط ولم أجدها في البيت .. قامت بتربية أبنائها وكانت خير معين لي على أعباء هذه الحياة وخير زوجة، كانت أشد حرصاً على رضا زوجها، تعهّدت أبناءها وبناتها بالتربية، بل تواصل عطاءها مع أحفادها، لا تنام والأُسرة فيها من هو مريض أو صاحب حاجة . كانت طيِّبة المعشر تكتنز في نفسها القناعة والطيب ولين الجانب، وصاحبة بذل وعطاء وصدق وأمانة .. رحلت أُم محمد وبالقلب غصّة، وبالكبد مرارة وألم، لكن لا نقول إلاّ {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} اللهم أجرنا في مصيبتنا وأعنّا على برِّها وكلِّ ما يرضيها عنا، رحمها الله رحمة واسعة.