أحد أهم اللغات التي بدأت تأخذ طابعاً كبيراً من الاهتمام في الوقت الحالي وفي مختلف المجالات وخصوصاً في قطاع الأعمال هي (لغة الجسد)، وعلماء النفس هم من أطلق عليها هذه التسمية ويرون أنها وسيلة شديدة الفاعلية للكشف عن أفكار الإنسان وبواعثه، ويقصد بها حركات اليدين وتعابير الوجه التي يستخدمها الناس أثناء حديثهم أو سكوتهم. أحد أساتذة علم النفس والعلاج النفسي الدكتور فيكتور سنودون أصدر كتاباً حديثاً يقول فيه: إنك تستطيع الحصول على كمية كبيرة من المعلومات عن محدثك، بمجرد مراقبة حركات يديه أثناء الكلام، وإذا عرفت ما ينبغي أن تبحث عنه في هذه الحركات، فإنك تستطيع معرفة ما إذا كان المتحدث يؤمن بما يقول أم لا، بل إنك تستطيع معرفة ما إذ كان يكذب أم يصدق في كلامه، وفي مجال الأعمال تعد هذه مهمة جداً خصوصاً في الاجتماعات واللقاءات التي يكون فيها الحديث محدوداً، وقد بدأت بعض الشركات في إرسال موظفيها لحضور دورات متخصصة في فهم لغة الجسد والجوانب النفسية للأشخاص. وقدم البروفيسور سنودون في كتابه بعض المؤشرات الهامة عن لغة اليدين أثناء الحديث، من بينها: عندما يكون الإنسان صادقاً في حديثه، ويعرف أنه يقول الصدق، يبسط راحتي يديه بصورة أوتوماتيكية أثناء الحديث، وبالمقابل، فإنك إذا كنت ترغب في طلب خدمة من صديق، فانظر إذا كانت راحته مبسوطة، وتتجه إلى أعلى، أثناء الحدث لأن ذلك يعني أنه سيتجاوب مع طلبك على الفور، ويتفق الخبراء على أن الإنسان الذي يثق بصحة ما يقول، يبسط كفيه بشكل تلقائي أثناء الحديث، بشكل يتجه فيه الإبهامان إلى أعلى، وهذه الحركة موجودة لدى كل الشعوب، وكل الثقافات، في كل أرجاء العالم، كما أشار إلى ضرورة توخي الحذر من الشخص الذي يضم قبضته، أو يخفي يده في جيبه أثناء الحديث، لأن ذلك يدل على أنه غير آبه بك، ويلجأ للمناورة، رغم أنه يحاول التحدث بحرارة توحي لك بإخلاصه، وعندما يضع الشخص إصبعيه، أو يده قرب أنفه، أو على الأنف، أثناء الحديث، فإن في ذلك إشارة إلى أنه يحاول إخفاء شيء عنك، وإذا كنت تطلب رأياً قاطعاً في أمر ما، أو معلومات دقيقة حوله، فلا تطلبها من شخص يقف وهو مكتوف اليدين، أو يشبك كفيه بينما الأصابع متشابكة أو يضع يده على فخذه وباطنها إلى أسفل، إذ إنه سيتعبك في تلبية طلبك، ولكنه لن يفعل شيئاً، وتتميز المرأة بأنها تلجأ أثناء الحديث، إلى وضع اليد على الرقبة، أو قرب الرقبة، وفي ذلك إشارة لا تخطئ بأنها صادقة في حديثها، حتى لو كانت القصة التي ترويها من النوع الذي لا يصدقه العقل. كما ذكر البروفيسور سنودون: (إن المصافحة تكشف الكثير عن شخصية الإنسان أيضا)، (حيث إن الانطباع الذي يأخذه الناس عنه، في مقابلة من أجل العمل مثلا، يتقرر من اللحظة التي تصافح فيها الشخص الذي يجري المقابلة معك)، كما يضيف: (إن المصافحة بحزم بينما عيناك تنظران في عيني الشخص الآخر تدل على الثقة بالنفس، والانفتاح، وأن هذا الشخص لا يلجأ للذرائع، وجدير بالثقة ويصلح للمناصب القيادية، والمصافحة بيد مرتخية تشير إلى شخص خجول، غير اجتماعي، دائرة أصدقائه محدودة جداً، ونادراً ما ينجح في الوظائف القيادية، والمهنة التي تتعلق بالتعامل مع الآلات أفضل بكثير لشخص من هذا النوع من المهنة التي تتعلق بالتعامل مع الناس). الشيء المؤكد أن علماء النفس لم يذكروا تلك الملاحظات عبثا، بل هي نتيجة دراسات وأبحاث أجروها وأكدت لهم كل ما ذكروه، أعتقد أنه من المناسب أن يبدأ الشخص بمراقبة نفسه عندما يتحدث إلى الآخرين، محاولة لاكتشاف ما بداخلها، وأدعوك عزيزي القارئ إلى القيام بنفس العمل.