ونحن نشهد هذه الأيام غروب شمس العام الدراسي، وشروق شمس القبول والتسجيل في الجامعات التي تزداد انتشاراً بفضل الله ثم بفضل ما توليه حكومتنا الرشيدة - أيّدها الله - لقطاع التعليم العالي من دعم وتشجيع على التوسع فيه، بل إتاحة الفرصة لشرائح المعوقين المختلفة للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي وفق قدراتهم وميولهم، وهو ما يحمد لولاة الأمر في مملكتنا الحبيبة - حفظهم الله - في هذا الوقت تصلنا نداءات كثيرة من هؤلاء المعوقين يشكون فيها من إعاقة جديدة تحول دون التحاقهم بالجامعات، وهذه الإعاقة تتمثَّل في شرط نسبة النجاح في الثانوية العامة للالتحاق بالجامعة ومساواتهم مع أقرانهم الأسوياء في هذه النسبة!!! والحقيقة أنه من واقع تجربتي الشخصية المتواضعة كمعوق بصرياً اجتاز المراحل التعليمية بما فيها المرحلة الجامعية والدراسات العليا، ثم من واقع تجربتي الوظيفية كمسؤول عن تربية وتعليم المعوقين، أعيد التأكيد أولاً على ما سبق أن صرحت به من أن الطالب المعوق لا يقل في قدراته التحصيلية عن زميله السوي، بل قد يتفوَّق عليه، غير أن المعوق تصادفه في حياته اليومية عديد من المعوقات التي تفرضها إعاقته لا يصادفها زميله العادي، ومن ثم قد تحدث الفجوة بينهما في نسبة النجاح لأسباب لا تعود غالباً إلى قصور في قدراتهم التحصيلية. وعلى هذا فإنني أوجه نداء ورجاء إلى صاحب المعالي وزير التعليم العالي، وإلى أصحاب المعالي مديري الجامعات لإعفاء المعوقين من شرط نسبة النجاح في الثانوية العامة، إذ إن التحاقهم بالجامعة أكثر ضرورة لهم من أقرانهم الأسوياء، وذلك للأسباب الآتية: أولاً: إن العلم وبلوغ ما يمكنهم بلوغه من درجاته هو سبيلهم الوحيد لخوض غمار الحياة العملية من أجل تحسين حياتهم المعيشية، بينما تتعدّد السبل أمام الأسوياء لتحسين أحوالهم المعيشية والاجتماعية عن طريق التدريب في المعاهد المهنية بكل تخصصاتها، أو التوجه إلى الأعمال الحرة في الصناعة أو الزراعة أو التجارة. ثانياً: إن من الضروري مساعدة هؤلاء المعوقين على مواصلة تعليمهم حتى لا يكونوا طاقة معطَّلة تشكِّل عبئاً على مجتمع الأسرة ومن ثم يكونون عبئاً على الوطن الذي لم يدخر ولاة الأمر فيه جهداً من أجل توفير أحدث السبل والإمكانات لتربية وتعليم وتأهيل هؤلاء المعوقين. ثالثاً: إن إعداد المعوقين المتقدمين للقبول في الجامعات ضئيلة جداً لا تكاد تذكر أمام جحافل المتقدمين إليها من الأسوياء نتيجة التوسع والانتشار في أعداد الجامعات والكليات، ومن ثم لن يؤثّّّر قبولهم مستثنين من شرط نسبة النجاح في الثانوية العامة على العملية الأكاديمية، وخصوصاً أن لهم برامج تربوية تيسر عليهم الدراسة الجامعية. أثق أن صرخة هؤلاء المعوقين ستجد صداها لدى هؤلاء المسؤولين، فهم أولاً وأخيراً أبناؤنا أبناء هذا البلد الأمين.