ما أقسى الترحال على النفس؛ وما أوجع الغربة وهي تنأى بنا بعيداً حيث ينتظرنا ذاك المصير! كعادة الغرباء أحمل حقائبي المتعبة مثلي وأمضي وسط وجوه غريبة، قلما تهديك ابتسامتها! حتى أحلامك الوردية تصادر وسط الانتظار المميت وضجيج المطار والأختام الزرقاء التي تفسح لك العبور. ماذا لو انشقت السماء وأهطلت عليك بركتها؟ تلك اللحظة التي كنت بحاجة فيها إلى يد تمتد نحوي تنقذني تحمل عني ما أثقل كاهلي! كان الجو قائظاً والشمس تتربع في كبد السماء، والمدينة تجفف وجهها المبتل في يومها الصيفي الشاق. وإذا بوجهٍ جميل يرتدي زياً أبيض، ولد في عمر الزهور.. اتجه نحوي بعفوية.. وجهه سحابة صيف.. عيناه الخضر مروج الربيع اقترب مني.. وكأنه فهم حاجتي للمساعدة.. حمل أمتعتي بيديه الصغيرة حتى وصلت منزلي. وضع حمله وانصرف بهدوء.. لم يترك لي الفرصة حتى أشكره جزاء صنيعه. أطل كغيمة من خلف السحب. (كم يحبني الله)! * مرفأ: مازالت الحياة تهديني قوافل نجومها، شموعها الخافتة، باقات وردها كي تزهر روحي.