عن طريق التعامل الجيِّد مع الآخرين تكسب الكثير من الاحترام والتقدير، كما تكسب الاستمرار والترقِّي في عملك، فاحرص على ذلك. يتحدّث رجال الأعمال عن أنّ بعض العاملين السعوديين في القطاع الخاص تنقصهم سلوكيات العمل الإيجابية، ولا يتقيّدون بها أو لا يدركون أهميّتها سواء لهم أو للمنشأة التي يعملون فيها، ولا شك أنّ هذه التهمة واقعية ونشاهدها، ولكن نأمل أن تكون محدودة في القليل من العاملين، وتكون إن شاء الله منعدمة لدى طالبي العمل الجدد. والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن للموظف السعودي أن ينجح ويستمر في عمله وهو لا يتقيّد بسلوكيات العمل الإيجابية، والتي لا يتّسع المجال هُنا لمناقشتها في هذا المقال، الذي سوف يتم التركيز خلاله على أهمية التعامل الجيد مع الرؤساء والزملاء والعملاء. إنّ الموظف في القطاع الخاص يتعامل مع هذه الأطراف الثلاثة بشكل مستمر ويومي، وإذا لم يتقن مهارات التعامل معهم، فإنّه بالتأكيد سوف يواجه الكثير من المشكلات، التي قد يكون آخرها ترك العمل. إنّ الاستماع لتوجيهات الرئيس والتقيّد بالتعليمات وساعات العمل المحددة لك في عملك، أمر ضروري لأداء العمل المطلوب منك بشكل صحيح ودون أي مشكلات .. فالعلاقة بين الموظف ورئيسه يجب أن تكون مبنيّة على الاحترام المتبادل والتقيّد بالواجبات والمهام المكلّف بها كلٌّ منهما، وأن يدرك الموظف أنّ رئيسه في العمل يعمل ما في وسعة لكي يوازن بين مصلحة العمل ومصلحة الموظف، وأنّ ما يصدر من توجيهات وتعليمات إنّما هو بهدف تنفيذ تلك المهام والتحسين والتطوير للعمل. إنّ العمل بمبدأ التعاون وتبادل المعرفة والخبرات هو الذي تبنى عليه العلاقة بين العاملين في أي منظمة وخاصة منظمات القطاع الخاص، حيث إنّ التعاون والاحترام وتبادل الخبرات هو الذي يؤدي في النهاية إلى تحقيق الأهداف المطلوبة من مجموعة العمل .. فالخلافات والصراعات بين العاملين تؤدي في النهاية إلى التأثير على أهداف المنظمة وبالتالي على أهداف العاملين الخاصة. ونأتي إلى الطرف المهم في المعادلة وهو العميل أو المستفيد أو الزبون، فإنّ التعامل الجيد واللبق معه مهم جدا، حيث إنه هو المستهدف الأخير من خدمات ومنتجات المنظمة، فعلى الموظف أن يتحدث مع العميل أيّاً كان بأسلوب لبق وكلمات محترمة، ونبرة صوت معتدلة، وأن يتم تقديم الخدمة له - لها على أكمل وجه وبأحسن صورة، سواء كان ذلك عبر الهاتف أو وجهاً لوجه، فعلى الموظف الذي يتعامل مع العميل أن يكون لطيفاً صبوراً متحملاً للعميل بأسئلته واستفساراته وملاحظاته، وأن لا يبدي تذمُّراً أو عدم اهتمام به أو بملاحظاته. وقد حدثت بعض المواقف غير المقبولة مع بعض العملاء من بعض العاملين السعوديين في المحال والأسواق التجارية، مما يدل على عدم التعاون وعدم اللباقة، مما يؤدي بالعميل إلى أن يفضِّل التعامل مع العامل الوافد الذي يعتقد أنه يتحمّله ويتعامل معه بشكل جيد ومقبول، أو أن يفضِّل العميل عدم الرجوع إلى ذلك المحل مرة أخرى، مما يعني فقدان هذا المحل للعملاء ومن ثم انتشار معلومات عن ذلك العامل بأنّه ذو تعامل غير جيد مع الزبائن. ومن هُنا فإنّ الخريج الجديد والباحث عن العمل في القطاع الخاص، عليه أن يكون مستعداً ومهيئاً للعمل بسلوكيات مختلفة عن تلك التي تعوّد عليها في السابق مع زملاء الدراسة أو الأصدقاء أو أفراد العائلة أو أبناء الجيران، حيث إن عليه أن يتقيّد ويلتزم بسلوكيات التعامل الجيد والمحترم مع رؤسائه وزملائه في العمل والعملاء من خدمات المنظمة التي يعمل بها، وعليه أن يدرك أنّ هذا من المتطلّبات الأساسية لنجاحه واستمراره في العمل. ويوجد في سوق التدريب الكثير من البرامج التي تنمِّي مهارات التعامل مع الأطراف الثلاثة (الرؤساء، وزملاء العمل، والعملاء) ويمكن للخريج أن يلتحق بهذه البرامج بهدف تنمية مهارته والاطلاع على الأساليب والطرق الجيدة للتعامل مع الآخرين. وختاماً، أتمنى من جميع العاملين الحاليين والمستقبليين في القطاع الخاص، أن يساهم كلا من جانبه بالقضاء على هذه النظرة السلبية وعلى السلوكيات غير المقبولة في العمل، وأن نثبت أن التعامل الجيد مع الآخرين هي سمة من سمات الموظف السعودي بناءً على ما يمليه عليه دينه وتقاليده وأعرافه وثقافته، والله الموفق.