التغيير والتطوير سنة من سنن الحياة والمحافظة على الآثار التاريخية مسؤولية جماعية وتحرص الدول على حماية آثارها والعناية بها كثروة سياحية وتاريخية تساهم في جذب المهتمين بالآثار وبلادنا المملكة العربية السعودية من الدول الثرية بالآثار التاريخية المتنوعة والتي تجسد العديد من الحضارات القديمة والحضارة الإسلامية لما تتميز به بلادنا من مكانة تاريخية وكونها مهد الدين الإسلامي وتحرص الجهات المختصة على المحافظة قدر المستطاع على الآثار وصيانتها وتشكيل جهات ولجان مختصة لهذا الغرض. ونظراً لوجود بعض الآثار داخل بعض المدن السعودية ومنها المدينةالمنورة والتي تعترض أحياناً مواقع بعض الآثار مسارات بعض المشروعات التطورية التي تشهدها المدينةالمنورة وتعلو أصوات عدد من الإخوة الذين يعتبرون أنفسهم غيورين على الآثار وتملأ أصواتهم وطروحاتهم الدنيا صخباً وضجيجاً معتمدين على غيرتهم التي نقدرها ومستشهدين بمعلومات تاريخية في غالبها لا تكون موثقة ويتجاهلون الصالح العام وحاجة المجتمع للتطوير، وهذا ما يحدث عند هدم أية مواقع قديمة في المدينةالمنورة.والآن تشهد بعض الصحف وساحات الإنترنت نقاشاً واسعاً وكبيراً حول هدم مسجد (الكاتبية) في قباء والذي تتم إزالته ضمن مشروع كبير يدخل في إطار تطوير المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي الشريف حيث يرى من يعتقدون أنفسهم أوصياء على الآثار أن هذا المسجد تاريخي وهام وأن إزالته غير مبررة وأنه يوجد في ناحية من نواحي المسجد قبر الصحابي الجليل رافع بن مالك الزرقي من شهداء أحد ومطالبة بإعادة تأسيسه وغير ذلك من الطرح والنقاش والإثارة رغم أن الكتب التي صدرت ووثقت لمعالم المدينةالمنورة لم تهتم بهذا المسجد لقرب عهده حيث بني في القرن الثالث عشر الهجري وكان كزاوية لشخص يدعى السنوسي وعدم ارتباطه بذاكرة أهالي المنطقة بأية أحداث أو شخصيات مميزة كما أن موسوعة المدينةالمنورة على الشبكة العنكبوتية والتي تختص بمعلومات موثقة عن المدينةالمنورة من حيث موقعها وتاريخها ومساجدها ومعالمها وعادات أهلها وغير ذلك ولم يذكر مسجد (الكاتبية) محل النقاش أية كلمة ضمن أكثر من (27) مجسداً ذكرت في الموقع ولم أجد أية مطبوعة تطرقت لهذا المسجد في محيط معرفتي وضمن جهدي المتواضع تحدثت عن هذا المسجد إلا كتاب بعنوان (معالم المدينةالمنورة قديماً وحديثاً) من تأليف ياسين الخياري الذي بين أن هذا المسجد بني عام 1250ه على يد رجل من الجزائر اسمه محمد بن علي السنوسي، وقال الخياري في كتابه أنه يوجد في محيط المسجد - وليس داخله - قبر الصحابي رضي الله عنه وهذا الكلام لم يوثق بشكل علمي ومن الروايات غير الموثقة ولكنها تنطوي على بعض المصداقية اعتماداً على ذاكرة بعض كبار السن المعاصرين نقلاً عن الأجداد أن بعض السنوسيين سكنوا المدينةالمنورة واشتروا عقارات في منطقة الكاتبية وأسسوا المسجد كزاوية تخدم حيهم وهو أمر طبيعي، أما كون الصحابي الجليل دفن في هذا المسجد فهو غير موثق بل إنني وجدت في معلومة تؤكد أن هذا الصحابي الزرقي من قبيلة بني زريق والذي استشهد في أحد دفن في موقع القبيلة، وهذه المعلومة انفرد بها ابن شبه وهو مؤرخ كبير وبارز بل إن البعض روي أنه يذكر وجود قبر قريب من المسجد ومفصول عنه بسور ولكن لا يعرف صاحب القبر وقد أهمل وغطته الأتربة والمخلفات وعند توسعة المسجد عام 1380ه لم ينتبه أحد لوجود القبر وسويت الأرض وأدخلت في المسجد.أخيراً أقول للجميع دعوا مسيرة التطوير لمدينتنا تتواصل بدون معوقات وأعلموا أن الجهات المختصة تولي الآثار جل اهتمامها والله الموفق.