أود في البداية أن أقدم الشخصية المحورية في هذا الموضوع لتكون بمثابة نموذج وطني يحتذي به شبابنا، علماً، وعملاً، وكفاحاً، وخلقاً، وإخلاصاً، لدينه ثم مليكه، ووطنه.. إنه المهندس الاستشاري المعماري حمد بن محمد بن حمد الماضي، وهو من أسرة عريقة في الوطنية، حسبي منها ذكر والده الشيخ محمد بن حمد الماضي، أحد وجهاء بلادنا الذي سبق أن شغل منصباً رفيعاً في خدمة الدولة، وكان ولا يزال مثالاً للبذل والعطاء. أما المهندس حمد، فقد حصل على المؤهلات الآتية: 1- زمالة الفنون من كلية بنسيولا بالولايات المتحدةالأمريكية. 2- البكالوريوس في الهندسة المعمارية من جامعة (أيداهو) بالولايات المتحدة عام 1976م. 3- درجة الماجستير في الهندسة المعمارية من جامعة (أيداهو) بالولايات المتحدة عام 1977م. وبعد أن عاد إلى أرض الوطن عام 1977م عمل في خدمة الدولة حتى عام 1985م. ثم بدأ يفسح المجال لراغبي الوظيفة الحكومية غير القادرين على العمل الحر الذي لا يرتبط بساعات عمل محددة، ولا راتب ولا مرتبة، وإنما الجزاء على قدر العطاء. وبدأ هو يشق طريقه في مجال العمل الحر، عاقداً العزم على أن يبذل أقصى طاقة لديه ليحصل على أعلى عائد يتيسر له، فافتتح مكتباً للاستشارات الهندسية ظل يعمل فيه ليل نهار، سواء في المكتب أو الميدان، ضارباً المثل في الجد والاجتهاد والمثابرة، حتى ذاع صيته في أوساط المعماريين، خصوصاً بعد أن شارك في عددٍ من الدورات، وكثيرٍ من المؤتمرات، بل وحصل على عضوية عددٍ من الهيئات والجمعيات المعمارية المحلية، والإقليمية، والعالمية. ثم تحول مكتبه الاستشاري إلى: شركة الماضي (معماريون، ومهندسون استشاريون) ومع ذلك بقي على وتيرته الديناميكية موزعاً وقته وجهده بين المكتب والميدان فنجده تارة المهندس المنفذ، وتارة المهندس الاستشاري، وأحياناً المحاسب! فهو يكافح على كل جبهات العمل بنفس المستوى من الدقة والتفاني والإخلاص. إن ما أحكيه عن هذا الرجل ليس من قبيل الإطراء، وإنما من خلال معايشتي له عن قربٍ كصديق من أعز الأصدقاء، استطاع بأسلوبه الراقي في التعامل أن يكون كل منا للآخر أخاً من أوفى الأوفياء، وقد تجلى وتجسد ذلك الوفاء في مشروع بناء بيتي الذي أوكلت إليه تنفيذه والإشراف على بنائه من الألف إلى الياء، فما أشعرني أبداً بما يشعر به كل من يعمر بيتاً سواء أشرف عليه بنفسه أو أوكله لمقاول البناء. وفي المراحل النهائية لوضع اللمسات الأخيرة لمشروع بناء بيتي، أطلعني على تفاصيل المرحلة النهائية من خلال مكالمة هاتفية في التاسعة والنصف مساء الأربعاء 21-3-1427ه، وما كنت أدري، وما كان هو يدري أنها (المكالمة الأخيرة)، إذ اتصل بي ابنه الشاب ثاري في السابعة والنصف من صباح اليوم التالي 22-3-1427ه ليخبرني أن والده قد توفاه الله، فتلقيت النبأ بصدمة بالغة هزت نفسي، وأدركت لماذا كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من فجاءة الموت، فما أصابني من مشاعر وآلام الصدمة لا شك قد أصاب أهله - ليس مثلها فقط - وإنما أضعاف مضاعفة.. ولكن إيماننا الراسخ بقضاء الله وقدره يفرض علينا أن نردد في مثل هذا الموقف قوله تعالى: (إنا لله وإنا إليه راجعون). رحم الله الأخ والصديق العزيز المهندس حمد بن محمد بن حمد الماضي رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.