أودّ لو يثير معرضا لويزيانا في الولاياتالمتحدة الأميركية جدلاً حقيقياً حول الفرق بين هندسة معمارية خصوصية محددة وبين هندسة معمارية نوعية عامة. فالهندسة المعمارية النوعية هي العمران الذي يمكن أن يحدث أينما كان، وكأنه هابط بمظلة. وهي من نمطين: الأول، وهو الأكثر شيوعاً وانتشاراً، مثاله نماذج المشاريع العالمية، أي نمط أبنية المكاتب أو المراكز التجارية، التي تخفي خلف واجهاتها فضاءات يتوالد بعضها من بعض، ويتولى الكومبيوتر احتسابها. ويتبدّل فيها متغيّران أو ثلاثة. وهذا نمط يدر الأموال أكثر مما يدلّ على حسن الدراسة والتمحيص. والنمط الثاني من الهندسة المعمارية النوعية هو النمط الذي ينشئه المهندسون المعماريون - الفنانون، المتّسمون بأسلوب خاص، بصرف النظر عن البيئة التي تحيط بعملهم. فعندما نرى مبنى شيّد حديثاً، واجهاته الأربع متطابقة، نكون على بينة من أن هندسته المعمارية لا تمتّ إلى التقليد بصلة. وأما السياقية فتقضي باستخلاص الدروس من التاريخ. والهندسة المعمارية، من العشرينات الى الستينات، كانت مغامرة مذهلة، إذ كان يُظن أن كل شيء يمكن إعادة ابتكاره، وتجاهل البيئة، وإنتاج أشياء بمعزل عنها. وبتنا نعرف، اليوم، أن هذا الأمر لا يستقيم، ولو ترك أثراً كبيراً. ومقابل الهندسة المعمارية النوعية، ثمة طريقة للإحاطة بالمدينة بشروط محددة، ترتكز على تحليل كل موقع، وعلى مقترحات مختلفة في كل مرة. وهذا هو الأسلوب الذي أتبنّاه. وأعتقد أني كنت أعي على الدوام قيم التحليل ومكانة الخصوصيات. وفي الستينات، عندما قصدت كلية الفنون الجميلة، أصبت بصدمة من النمط العالمي، ومن الوصفات الجاهزة التي تغنيك عن التفكير، والأنماط المنفصلة عن كل تأمل جوهري. فقمت، ببساطة، بالتخلي عن عدد من الأفكار والقيم في حقل الهندسة المعمارية. وفي آذار مارس 1976، شكلت وفريقاً من الزملاء، حركة تمرّد على الطريقة التي كانت تشّيد المدن عليها آنذاك، مثل احتلال المساحات. وظننت أنه من الممكن التشارك في هذه الفكرة. ولكني كنت على خطأ. فمعماريون كثيرون يسترخون في العمل بواسطة وصفات بسيطة من ابتكارهم أو بالاستعارة. وخوض تجربة ابتكار عالم صغير، في كل مشروع، يبعث على الشغف، على رغم أنه أكثر تعقيداً. وهذا ما أسعى فيه. عن جان نوفيل مهندس معمار بنى معهد العالم العربي بباريس، لوموند 14-15/8/2005