من الناس من يضيق بالحياة ذرعا فيصب جام غضبه على الناس جميعا دون تمييز بين أخ أو صديق أو قريب أو بعيد، وكأنما هم تجنوا عليه جميعا، بل ويعتبرهم سببا لكل ظرف زمني يقسو عليه، بينما واقع الأمر يختلف كل الاختلاف لدى الآخرين الذين يتكيفون مع حياتهم، ولا يظهرون كراهيتهم لها مهما مسهم من ضائقة؛ لأنهم يدركون أن لكل شيء ضداً وأن ما من شدة تحل بهم يوما إلا وتنفرج يوما ما، وهكذا تكون حياتهم والتعامل مع آمالهم التي تشبه البحر في حالتيه مده وجزره وهذا النوع الذي يتشاءم من الحياة ويضمر كراهة للناس بصفة عامة قد وصفه الشاعر العراقي إبراهيم بن أدهم الزهاوي 1321 - 1382ه بأنه عبء على بني جنسه، ووضع لطبيعة حياته (سناريو) جعله يتصل بأبي البشر آدم عليه السلام وربطه بما اعتبره طبعا لو درى آدم أن ذريته سيتطبعون به لأباده ولما كان الإنسان على وجه الأرض وذلك بقوله: لو درى آدم طباع بنيه لتولى إبادة الإنسان 1 هذا رأي الزهاوي وهو رأي مسبوق ب (لو) ولو عند النحويين وعلماء اللغة حرف امتناع وحسبوها في بعض المواضع فاتحة لعمل الشيطان. 1- ديوان الشاعر العراقي إبراهيم أدهم الزهاوي ص149