المروءة كلمة جميلة محبوبة، تتجسد في ثناياها بساتين الخير المثمرة إخاء وبر، مودة وصلة، عشرة وابتسامة. ويصحب المروءة - أحياناً - حنان الفؤاد فيمد صاحبها خيوط بره إلى مستحق، أو مسكين، أو فقير بائس... المروءة إحسان وإكرام، ومنهج إصلاح ووئام، وتربية تطفئ لهيب يتم، كما أنها إنقاذ من غرق الأوهام والأساطير. تلك المحاسن تسمو فتصبح شامة في جبين صاحبها، ووقارا يلحفه بثوب الإفضال، ويعممه بقطيفة الود. كل ذلك نحسه ونجده في مجتمعنا المثالي المسلم، ونقرؤه في مجريات الحياة... ولكن - للأسف الشديد - قد تموت تلك المحاسن لأغراضٍ شخصية أو دنيوية لا تستحق من ذلك الرجل القدوة أن يقيم الدنيا أو يقعدها وهو الذي تمثلت فيه تلك الصفات الحسنة. أقول: - أحياناً - قد يهتز ويضطرب، ويخفق فؤاده ويغضب، فيهدم كيان المروءة الذي بناه، وعندها تتلاشى ملامح الصبر وكظم الغيظ. أقول: يهدم ذلك الكيان في لحظة انتقام، أو نزاع على متاع، أو حقد عارض ليشفي غليله بالمن والأذى، واحتساب ما قدمه في ميزان الدنيا، ولا يدري أنه بذلك يزداد مرضاً وكآبةً، ويتنكب عن الجادة، ويغرق في بحر الخسران. فلنربأ - بأنفسنا عن ذلك كله، ولنتذكر قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى).