بعض الرجال - وليس كلهم - يظهرون في منازلهم وأمام زوجاتهم وأولادهم فتولا في العضلات وزئيرا في صوت المناداة وعبوسا في الجبين وغوارا في العين ونفخا للصدر؛ مرجاة الحصول على أقصى درجات الهيبة والحضور بممارسة التخويف والتهديد للأولاد والبنات حتى يقال عنه إن فلانا من الناس شديد قوي في شخصيته، ومن أجل الحصول على هذا المديح والثناء فهو يرى كل شيء فيمن حوله من أفراد أسرته خطأ مذموما مدحورا وكل شيء مرفوض والمنعوت مذموم والسهل صعب والصعب مدرج في الرياح تذروه بل إن البعض من هؤلاء الرجال مفتولي العضلات يعتقدون أن أمور البيت والأسرة تأخذ بالعجف والعسر خوفا من اللين وتتطلب الحزم والشدة خوفا من الضعف ونقص الهيبة، ولا يعلمون أن هذه الأمور مطلوبة ولكنها قد تقود إلى البطش والظلم والميل؛ مما قد يتسبب في ضنك المعيشة وسوء المعاملة ونفور الأسرة فلا يهنأ مع رب أسرتها عيش ولا مأكل ولا مشرب، بل قد تتطور الحالة إلى نفور الأولاد من المنزل والهروب منه لفترات أطول وابعد فيتسبب في تشريد أولاده صغارا وينشأون مهتزين في تعاملهم وغير متزنين في كبرهم بسبب ما يرون من سوء المعاملة، في حين أن كثيرا من هذه العينة من هؤلاء الرجال تجدهم أشبه ما يكونون بمن يتسم بالسكينة والهدوء فتجدهم باسمين ضاحكين ملء شدقيهم لطفا ناعمين مع هذا وذاك بل ولا يكاد يرفعون أعينهم من الحياء خجلا إن لم يتواروا. الغاية أن الزوجات والأطفال والأولاد من الجنسين من المراهقين قد يتأثر من شدة السطوة التي لا تنفع في هذا الوقت من الزمن، فمعلوم أن البدائل متوافرة بكثرة والمغريات أكثر فقد يعن للمراهقين أن يهربوا من المنزل بسبب الشدة وقد يتسربون من المدارس ويسلكون مسالك خطرة من المخدرات ورفاق السوء هروبا من الأب القاسي والمتشدد في المعاملة خاصة عندما يصل الأمر إلى حد الحرمان الشديد والمؤثر في نفس الأولاد أو الضرب المبرح، كما أن القسوة والإهانات للزوجة سوف تولد الكره وبالتالي مناخا للإشكالات بحبل لا ينتهي، على هؤلاء أن يراعوا الله في زوجاتهم وأولادهم وأن يكونوا كما كان رسول الله - عليه الصلاة والسلام - عندما قال (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) الحديث، وقوله (أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا) الحديث، وألا يظهروا التناقض في شخصياتهم بالضرب والتشديد على أسرهم وباللين واللطف مع غيرهم حتى لا تختل معادلة التربية والتلقين للأولاد ويسلب حق الزوجة وكرامتها بسبب أوهام وافتراضات ليس لها في الواقع مستقر ولو حتى بعد حين.