التعاون بين الناس وحاجة بعضهم لبعض تبقى صفة لازمة ومكملة لمعاشهم ومجريات حياتهم ذلك أن الفرد بما لديه من قدرات ومهارات.. ومهما توافرت عنده الإمكانات فلن يستطيع الاستغناء عن الآخرين. لذا فقد جاءت المبادئ المعينة على ذلك ومنها مبدأ (التفويض) الذي به تسير الأمور وتستقيم به الحال - بإذن الله -. والتفويض ليس كما يظن البعض محصوراً في جانب من الجوانب المعينة بل يتعداه لما هو أشمل وأعم. ففي محيط الأسرة يأخذ أبعاداً أخرى عديدة. (اجتماعية.. تربوية.. نفسية.. وغيرها) كأن يفوض أفراد الأسرة - مثلاً - (كل فيما يخصه) في تولي بعض المهام والمسؤوليات.. أو حتى القيام بشؤون الأسرة وأعمال البيت. ونتيجة لذلك يصبح الفرد.. مشغولاً بمهمة.. ومرتبطاً بعمل، مع اكتساب المهارات والقدرات وما يتبع لذلك من العيش بروح طيبة ونفس رضية عن طريق تغذية جوانب نفسية (مهمة) كالثقة بالنفس والشعور بالمسؤولية.. والتخلص من الجوانب السلبية.. كالاحتقار.. وتهميش الذات. والعيش في دوامة الفراغ (القاتل).. ونحوها. ولعل التفويض في ميدان التربية أفضل ما يكون عندما (يُفَوّض) الطالب أو مَنْ تُوَجَه له التربية بممارسة التربية والتعليم عن طريق (التعلم والتطبيق) بعد أن يتلقى المبادئ ويتسلم (مفتاح) العلم وقوانين التربية. ليعرض ما لديه من قدرات..وأفكار.. تعين مرة أخرى في كيفية تعليمه وتربيته.. كما (يُفَوّض) أيضاً بالمساهمة في (المشروع) التربوي الكبير بما لا يتنافى وسياسة التربية المعتبرة. وذلك عبر التحدث عن نفسه وعن آلامه.. وآماله.. وعرض ما لديه من المشاكل وظروف الحال التي يتعرض لها. وما يمكن لها من تقويم أو حلول.. المهمة أن (يُفَوّض) والإفادة من ذلك على المستوى العام في الخطط والمناهج أو الخاص عند حدوث مشكلة فردية تربوية كانت أو تعليمية. وهذا بالتأكيد لا يلغي الأدوار التربوية الأخرى كالمتابعة.. والتوجيه.. وإنما يقصد بذلك (التفويض) أن يكون مرادفاً ومعيناً في تخطي العقبات التربوية ونحوها.. كما تظهر آثار (التفويض) واضحة للعيان في مجال العمل والوظيفة بصفة عامة. وذلك عندما (يفوض) صاحب الصلاحية بعض الموظفين باتخاذ القرارات الإدارية، وإكمال الإجراءات اللازمة لسير العمل بدلاً من (تعطيلها) أو إطالة أمدها.. وما قد يلحق بذلك من السلبيات الأخرى. إذاً.. التفويض في مجال العمل (بعامة) يظهر إبداع الموظف.. وقدراته.. ويكشف عن مدى تحمله للمسؤولية.. واستطاعته حل المشكلات الإدارية.. وما يتبع لها. وهذا بلا شك خير من (الإسقاطات) وتجاهل الأمور. وتعطيل الفكر.. من قبل (الموظف) - مثلاً - لعلمه المسبق أن هناك من يتولى المسؤولية.. ويتخذ القرار.. وهذا بالتأكيد لا يعفي من المسؤولية (الفردية) بالقدر الذي يرفع من شأنها لتشمل جميع الموظفين.. وبالتالي تتحقق الأهداف المنشودة من (التفويض) في مجال الوظيفة والعمل. وهكذا فإن التفويض يمتد.. ويمتد ليشمل جميع أفراد المجتمع.. ومؤسساته العامة.