أثارني ما شاهدته وقرأته في الكاريكاتير لرسامنا المبهج الماضي في العدد رقم 12224 وتاريخ 18-2-1427ه، حيث صور لنا مشهد المدرس (المرتجف) أمام أحد الطلاب الذين يتربع على زندهم الأسد، تذكرت حينها المفارقات بين طلاب الأمس واليوم واجتاح مخيلتي جملة شهيرة كانت تلوكها الألسن في كل الفصول وهي جملة (الوعد الطلعة)، حينما نتمعن في تلك الجملة ونرمقها بنظرة الماضي التعليمي الجميل نتيقن أنها كانت تمتلئ بالنقاء والصفاء، حيث إنها في ذلك الحين تنهال من أفواه الطلاب الأبرياء إما (لتضبيط) رحلة برية استجمامية أو لإنهاء بعض الأمور التي تخص حياتهم الشخصية، حيث إنها كانت جملة مليئة بالشوق ولوعة الانتظار لما تملكه لحظاتها من فوائد كثيرة تعكس الكثير من النفع. أما الآن وبعد دخول الحاضر الدراسي إلى زمننا فقد تحول المعنى إلى ذئب شرس ومكان يكره كل طالب الوصول إليه، حيث إن المعنى بقدرة قادر تحول إلى موعد (طقاق وهواش) موعد بائس لا تخلو ساحته من الكتب المتبعثرة والشمغ المنسدلة والأقلام التي سال حبرها على الأرض بدلاً من انسيابها على الورق. حالياً حينما يطلق أحد الطلاب جملة (الوعد الطلعة) لا تكون نيته سليمة بتاتاً خاصة وهو يلوح معها بالكلمات البذيئة والتهديد للطالب الآخر بأنه سوف (يفرشه) تماماً كما يفرش مطرحته قبل النوم، والعزاء هو أن ذلك الموعد يسبقه تجهيزات من فاعلين الخير مهمتهم فك (الخناق) وتكتيف المشكلة قبل أن تصل إلى محلة (التنفيذ) حتى أننا حالياً وبكل صدق رغم تطور المناهج ووصولها إلى أعلى معدلاتها الإيجابية لم نستطع (إلا ما ندر) أن نصل إلى وضع حد لتلك التصرفات السلبية من بعض الطلاب سواء بداخل الفصل أو في (الفسحة) أو حتى خارج أسوار المدرسة التي شهدت وما زالت تشهد خربشات كتابية تفنن أصحابها في وضعها أمام (الرايح والجاي) تطرزها بعض الصور وبعضها يسيء للمدرس الفلاني والمدير العلاني، ويتركني أتيقن أن هناك ما يسمى مدرسة البيت، فهي البذرة الرئيسية التي يجب أن يهيأ لها تربة صالحة تحمل في جوانبها وأعماقها الأخلاق الدمثة والتربية السليمة وتكمل مسيرتها في ما يسمى بيت المدرسة، ليخرج الطالب وقد قام للمعلم ووفاه التبجيلا بعد أن اصبح حالياً يقوم للمعلم (ويكسره تكسيرا). لكم أن تتخيلوا معي بعض مما يحدث حالياً من تجاوزات تجعل المقارنة خاسرة حينما نسلط عليها ضوء الماضي واحترام مدرسيه والهيبة المنقرضة في ذلك الزمن. تخيلوا أن أحد الطلاب في أحد (اسياب) المدرسة يصطدم كتفه بكتف المدرس بلا قصد ليتفاجأ المدرس بدلاً من الاعتذار بأن الطالب التفت إليه (بحمق) رافعاً يده عالياً وصارخاً: هييه ما تشوف أنت. الكثير منهم الآن يتباهون على المدرس بثقة مفرطة بطريقة (سو اللي تبي) (وتراك ماهميتني) وكثيرا ما نسمع الآن أخبارا بضرب المدرسين خارج الأسوار. تيقنت بعد هذا كله أن عبارة (الوعد الطلعة) وبعد أن كانت بين الطلاب بعضهم لبعض أصبحت الآن بكل أسف تقال من الطالب (لمدرس المادة) الذي ربما يتوجه بعدها محمولاً إلى (اقرب عيادة) لتصبح المسألة شائكة والمعادلة صعبة يعني باختصار (تركتوا الطق علشان ما يتعقدون الطلاب وتعقدوا المدرسين) لذا أليس من الأفضل أن تعود (الفلكة) و(افتح يدك) قبل أن يصاب المعلم بالعقد النفسية المستعصية. عبد الله سليمان العمار - القرائن