في مساء يوم الجمعة الفائت 24-2-1427ه فقدنا وفقدت بلادنا أحد أعلامها وأبنائها البررة، حين اختار الرب سبحانه الشيخ والمربي الفاضل والشاعر الأديب عثمان بن ناصر الصالح إلى جواره، رحم الله الشيخ الفقيد برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. بغياب الشيخ عثمان الصالح عن مسرح الحياة نكون قد فقدنا أحد رموزنا في عالم التربية والأدب والعمل الخيري، فلقد كان -رحمه الله- شخصية مضيئة في عالم التربية والأدب والخدمة الاجتماعية لعدة عقود، فهو ذو تجربة طويلة نافعة وموفقة، وبموته افتقدنا معلماً قديراً وأديباً متمكناً وموجهاً ومرشداً صادقاً وحكيماً وقائداً محنكاً وأباً حانياً على الجميع، وبغياب شيخنا عثمان الصالح سوف نفتقد أحاديثه وقصصه المفيدة وعلمه الجم ونصائحه وتوجيهاته الصادقة وتعامله الحسن وحكمته وخبرته وحبه فعل الخير للجميع، لقد كان -رحمه الله- حسن السيرة سامياً في أدبه وعلمه وخلقه وفي تعامله، مواظباً في الحضور والمشاركة في معظم المناسبات التربوية والاجتماعية والأدبية، يزيد من أهمية حضوره ومشاركاته -في المناسبات التربوية والأدبية والاجتماعية- مكانته الاجتماعية ومنزلته الرفيعة لدى الكبير والصغير، يسأل عن هذا ويلاطف ذلك، لا يقول إلا خيراً، وإذا تحدث شدك بعذوبة حديثه ويأسرك بغزارة علمه ومعرفته وأدبه الجم، مما جعل كل من عمل وتعامل معه يحبه ويقدره، فجميع من عرفه يجمعون على محبته وتقديره والناس شهداء الله في أرضه. فلقد كان الشيخ عثمان بحق مدرسة بذاته يتعلم منها كل من يقترب منها ويستفيد من علومها وآدابها ومعارفها كل من تعامل معها، يسعد كل من يتصل به ويتواصل معه ويستفيد من شمائله وخصاله الحميدة، فهو إنسان فاضل وعالم وأديب جليل يحترم الجميع والجميع يحترمه ويقدره ويحبه. لقد عرفنا الشيخ عثمان رحمه الله محبا لوطنه ناصحا لمن يحتاج إلى نصح وموجها لمن هو أصغر منه، شيخ وقور ومرب متمكن من الأخلاق والتواضع، لا يبخل بجاهه ولا بماله كما أنه لا يبخل بالإطراء الذي يدفع إلى مزيد من العطاء، عرفنا الشيخ عثمان خلال حياة حافلة بالعطاء، علم جيلا بل أجيالا من الرجال في زمن عز فيه الرجال، وربى فأحسن التربية، وأعطى فأجزل العطاء وأوفى فأحسن الوفاء، من مدرسته نبعت الكثير من المفاهيم التي استفاد منها الكثير، وتفتحت في هذه المدرسة عقول واستفادة أجيال وأعطى لهذه البلاد العديد من القيادات الفاعلة والمنتجة. وحتى إن ترك العمل في المؤسسات التربوية منذ سنوات إلا أنه ظل مربيا وموجها في لقاءاته وندواته وكتاباته ونصائحه وتوجيهاته لجميع العاملين في مجال التربية والتعليم، يشعرون دائما بأنه معهم يتابع ويقرأ ويحضر المناسبات التربوية ويعلق عليها كتابة أو مشافهة ويناقش مواضيعها، فهو لم يترك التربية جانبا حينما تقاعد عن العمل بها وانشغل بغيرها من تنفيذ وصاية أيتام أو أوقاف واثنينية، بل ظل قريباً منها مربياً وموجهاً ومشاركاً، فظل طوال حياته مربياً ومعلماً، غفر الله له وأسكنه فسيح جناته. إن من الصعب تعداد شيم الشيخ عثمان -رحمه الله- وسجاياه والمواقف المضيئة في حياته، لقد رحل ولم يدخر جهدا أو وقتا لنفع الناس إلا وفعله، ولم يترك باباً للخير إلا ولجه، ولا طريقا لعمل الخير والمساعدة إلا سلكه، إن تاريخه وسجله التعليمي والأدبي والاجتماعي مليء بالإنجازات والنجاحات والعطاء، فلقد كانت له بصمة واضحة وناصعة في تاريخنا التعليمي والأدبي وله أثر واضح وملموس في مسيرة التعليم والثقافة في بلادنا.سوف يأسف كثيرا كل من عرفه وتعامل معه على فراقه، لكن هذه حكمة الباري وتدبيره وقضاؤه ولا راد لقضائه وحكمه، فنحن جميعا نؤمن بأن الموت حق على كل مخلوق وليس أمامنا إلا الرضا بما قدر وقضى. رحم الله أستاذنا الجليل عثمان بن ناصر الصالح وبارك الله في أولاده وبناته من بعده، فلقد أحسن تربيتهم وتعليمهم ومدهم بالكثير من خصاله الحميدة فجميعهم مواطنون فاعلون محبون لبلادهم ولأمتهم. عزاؤنا الحار لأبنائه: الدكتور ناصر والمهندس محمد والأستاذ خالد والعميد عبدالإله والأستاذ بندر وإخوانهم ولعموم أسرة آل صالح وأرحامهم وأقاربهم ولكل منسوبي التعليم والأدب والثقافة في بلادنا، ودعواتنا للفقيد بالرحمة والغفران والنجاة من النار و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} والحمد لله على ما كتب وقدر.