ليس سهلاً على الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة أن تفقد أحد أبرز أبنائها المخلصين الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى في ريعان الشباب وقمة العطاء، لكنه أمر الله - عز وجل - ومشيئته فلا راد لقضائه ولا معقب لحكمه. كان الشيخ الفاضل جردي أحمد حدادي من العاملين المجتهدين في الجمعية وأثمر عمله في الإشراف على حلقات التحفيظ نتائج متميزة ولا ريب في ذلك فهو من رجال التربية والتعليم وإمام وخطيب لجامع الشفا ومشرف بحلقات الجمعية، فقد جمع الخير بذلك من كل أوجهه، فعطاؤه لبلده ولأمته وللإسلام وكان طيلة حياته مخلصاً في عمله متميزاً في عطائه، متواضعاً في هيئته، يحبه من يتعرف إليه لدماثة خلقه وبشاشة وجهه وصفاء سريرته، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا. إن رحيل داعية قرآني في عطاء الشيخ جردي يترك بلا شك ثغرة في كوادر الجمعية يصعب تعويضها، فكل مشرف له ميزته وأسلوبه وطريقته وإنتاجيته والأمل في الله - عز وجل - أن يغفر له ويخلف على أهله وطلابه بخير، فقد كان مثار إعجاب في عمله، قدوة لمعلميه وطلابه لحسن تعامله معهم وسعة علمه وخبرته، وكان للدعوة إلى الله نصيب من حياته، فمن خلال المنبر ركز على الجوانب الدعوية والتوعوية وأفاد من حوله من علمه الشرعي ووظف إمكاناته وخبراته لخدمة الدعوة وإبلاغ السنة الصحيحة النقية، واستشعاره للمسؤولية تجاه دينه ومجتمعه، كان دافعه لهذا العطاء اللا محدود ويشهد على ذلك مشاركته في مجالات الخير وبرامج الدعوة، فقد كان سباقاً لهذه الأعمال المباركة ومن حقه علينا أن نشيد بما قدم عرفاناً له وتقديراً دنيوياً لما بذله من وقت وجهد وأجره على الله، ولقد كان من فضل الله - عز وجل - أن قامت الجمعية بتكريمه في حياته، فقد كرمته الشهر الماضي كأكفأ وأقدم معلم في حلق التحفيظ وشاء الله أن يكون ذلك اليوم آخر العهد به، مبتهلين إلى الله - عز وجل - أن يتغمده برحمته ورضوانه وأن يعلي درجته في عليين، فقد كان خادماً للقرآن الكريم ولسنّة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.