المملكة تفتتح القسم القنصلي بسفارتها في السودان    خليجي 26: العراق يفوز على اليمن برأسية أيمن حسين    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    مدرب الأخضر يستبعد فراس البريكان من قائمة خليجي 26 .. ويستدعي "الصحفي"    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    شرطة العاصمة المقدسة تقبض على 8 وافدين لمخالفتهم نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    39955 طالبًا وطالبة يؤدون اختبار مسابقة "بيبراس موهبة 2024"    أمير حائل يشهد حفل ملتقى هيئات تطوير المناطق والمدن 2024    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    السعودية تستضيف غداً الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    اتفاقية لتوفير بيئة آمنة للاستثمار الرياضي    السعودية واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    ولادة المها العربي الخامس عشر بمحمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    نجاح عملية جراحية دقيقة لطفل يعاني من ورم عظمي    شركة آل عثمان للمحاماة تحصد 10 جوائز عالمية في عام 2024    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    إمارة جازان تستعرض معالمها السياحية وتراثها في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل 9    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    استشهاد أربعة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    النصر يُعلن عن تفاصيل إصابة عبدالله الخيبري    لمحات من حروب الإسلام    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    الحربان العالميتان.. !    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندعم نهج خادم الحرمين الشريفين ومسيرته الإصلاحية
الرئيس شيراك أول رئيس يخاطب مجلس الشورى ويوجه رسالة صداقة للشعب السعودي
نشر في الجزيرة يوم 06 - 03 - 2006

وجّه الرئيس الفرنسي جاك شيراك خلال زيارته لمجلس الشورى بالرياض ظهر أمس رسالة صداقة باسم الشعب الفرنسي إلى الشعب السعودي كافة، مؤكداً أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى باريس إبريل الماضي عندما كان ولياً للعهد آنذاك إنما تمثل ارادته - حفظه الله - لتأكيد تواصل الصداقة بين البلدين وتنمية روح الشراكة.
كما عبّر الرئيس الفرنسي عن دعم فرنسا للنهج الذي خطه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لبلاده، مشيداً بخبرته وحكمته على توفير الإمكانات التي تتيح للمملكة مواجهة التحديات المتوقعة خلال العقود المقبلة بسبب التقلبات الإقليمية والتغيرات التي لابد أن يواجهها العالم.
ثم أشاد بنجاح خادم الحرمين الشريفين في خطواته لمواجهة التهديد الإرهابي، ودعوته حفظه الله إلى التزام دولي بمكافحته مؤكداً تضامن فرنسا مع المملكة في مكافحة هذه الآفة كما أكد في نهاية خطابه أن فرنسا راغبة بتطوير الشراكة مع المملكة وهي تريد أن تفعل ذلك باحترام هوية وثقافة ومعتقدات الجميع.
وفي الشأن العراقي أكد الرئيس الفرنسي أنه على الرغم من إجراء انتخابات إلا أن شروط العودة للاستقرار لم تتوفر بعد مضيفاً أنه على الأسرة الدولية مساعدة العراق لتحقيق هذا الهدف.
وبالشأن الإيراني.. أكد الرئيس شيراك أنه على الرغم من أن طهران لم تسمع حتى الآن لنداء العقل الذي وجهته باريس ولندن وبرلين إلا أن الأيدي الفرنسية
ما زالت ممدودة لإيران متى ما قررت العودة إلى التزاماتها بتعليق أنشطتها النووية.
ثم أوضح أنه على سوريا أن تأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعب اللبناني وان تغير تصرفاتها ولاسيما بعلاقتها بلبنان وان تتعاون بشكلٍ كامل مع لجنة التحقيق.
أما بخصوص تطورات القضية الفلسطينية أوضح أنه على الأغلبية الفائزة بالانتخابات أن تدرك أن الاعتراف بإسرائيل والتخلي عن العنف واحترام الالتزامات الدولية وحدها كفيلة بإزالة التحفظات المشروعة.
ومن جهته عبّر الشيخ صالح بن حميد رئيس مجلس الشورى باسم أعضاء مجلس الشورى وباسمه شخصياً عن تقديره لهذه الزيارة التي تجسد التقدير لهذا المجلس ولدوره في صنع القرار في المملكة.
ثم أكد أنه ما حدث في الآونة الأخيرة من تأجيج لصراع الثقافات والمس بمقام الرسل والأنبياء وما تلا ذلك من ردود أفعال شعبية في المجتمع الدولي على هذه الممارسات السيئة ليس من مصلحة البشرية.
ومن ثم عبّر الشيخ صالح عن تقدير المملكة لمواقف فرنسا الإيجابية في النزاعات الإقليمية وبخاصة في العراق وفلسطين مشيداً بالخيار الدبلوماسي الذي دائماً ما تلجأ إليه باريس بصفته الوسيلة الأكثر فاعلية لحل النزاعات الإقليمية.
ومن ثم استعرض الشيخ صالح بن حميد بعض إنجازات مجلس الشورى ودوره في الشأن الداخلي والدولي.
وفيما يلي نص كلمتي الرئيس الفرنسي جاك شيراك والشيخ صالح الحميد خلال اللقاء أمس:
معالي الشيخ رئيس مجلس الشورى
السادة أعضاء مجلس الشورى،
أود أن أتوجه لكم بالشكر على هذه العبارات الحارة التي تفضلتم واستقبلتموني بها أنا متأثر جداً لهذا الشرف الذي أوليتموني إياه إذ أتحتم لي الفرصة لأتحدث أمام مجلسكم وأوجه بهذه المناسبة رسالة صداقة باسمي وباسم الشعب الفرنسي إلى الشعب السعودي الذي تمثلونه على تنوعه.
مشاعر الصداقة هي خير وصف للعلاقات بين بلدينا. ولقد تلقيت شخصياً منذ وصولي العديد من الشهادات عليها، سواء من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أو من كبار المسؤولين في المملكة، ومن كل المواطنين الذين التقيت بهم انني أدرك تماماً أنهم لا يوجهون تكريمهم لي شخصياً فحسب، بل وأيضاً لفرنسا التي تربطها بالمملكة علاقات استثنائية وثيقة ومتينة ما فتئت تتعزز على مر السنين.
كل واحدٍ منا يحتفظ بذكرى الزيارة التاريخية التي قام بها المغفور له الملك فيصل عام 1967 إلى باريس بدعوة من الجنرال ديجول. فقد كانت الصفحة الأولى في التاريخ الحديث لعلاقاتنا.
لكن القليل القليل يعرفون أن فرنسا افتتحت قنصلية في جدة عام 1841، تحولت إلى سفارة عند تأسيس المملكة عام 1932م. وعبر هذا الوجود المبكر والحوار السياسي المتواصل والتعاون الوثيق في المجالات الاقتصادية والثقافية والعسكرية، وقفت فرنسا إلى جانب المملكة العربية السعودية في كل مراحل تاريخها.
عندما شرفنا مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة إلى باريس بدعوة مني في نيسان - إبريل الماضي وكان آنذاك ولياً للعهد، فهو إنما أراد التأكيد على تواصل هذه الصداقة وعلى متانة الشراكة الاستراتيجية التي أبرمتها عام 1996م مع المغفور له الملك فهد. روح الشراكة هذه هي التي تلهم زيارتي اليوم في سياق خاص جداً. فسياسة التجديد التي خطها خادم الحرمين الشريفين أحدثت مناخاً رائعاً من الثقة في المملكة، لكن المنطقة بأسرها تعاني من عوامل خطيرة تهدد استقرارها. كل هذه الأسباب تدعونا إلى تعميق التشاور والتعاون بين بلدينا.
معالي الشيخ رئيس مجلس الشورى
السادة أعضاء المجلس
لقد كان الوضع في المنطقة في صميم المحادثات التي أجريتها البارحة مع مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وأكدت هذه المحادثات على التقارب الكبير في وجهات النظر الذي ألاحظه في كل لقاء من لقاءاتنا، كما في مكالماتنا الهاتفية العديدة. وإن كان هذا التقارب يقودنا غالباً وللأسف، إلى التعبير عن نفس القلق، إلا أنه يدعونا أيضاً إلى توحيد الجهود لمواجهة التحديات. فكلانا مقتنع بأن المجابهة ليست قدراً محتوماً، وبأن السلام في المنطقة هو بمتناول أيدينا. إن موقع بلدينا على الساحة الدولية يفرض على كل منا تحمل مسؤولياته كاملة لتهدئة التوتر في منطقة الشرق الأوسط، واستقرارها حيوي للعالم بأسره.
في العراق، هناك موجة جديدة من العنف الأعمى، وعلى الرغم من إجراء انتخابات كانت مدعاة للأمل، لم تتوفر بعد شروط العودة إلى الاستقرار الذي تتمناه الأكثرية الساحقة من الشعب العراقي. إنه لأمرٍ حيوي أن يتمكن العراق سريعاً من بناء مؤسسات متينة قادرة على الصمود أمام القوى النابذة التي تهدد وحدته، مؤسسات تجد فيها كل فئة من فئات الشعب العراقي مكانها. يجب على كافة بلدان المنطقة وعلى الأسرة الدولية مساعدة العراق لتحقيق هذا الهدف.
في إيران، لم يُسمع حتى الآن نداء العقل الذي وجهته فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا بشأن الملف النووي، على الرغم من الضمانات التي أعطيت لها حول إمكانية تطوير طاقتها النووية لأغراض مدنية، في إطار التزاماتها الدولية ومع احترام قواعد حظر الانتشار النووي لكنّ أيدينا تبقى ممدودة لإيران ويمكنها الإمساك بها متى شاءت بالعودة إلى التزاماتها بتعليق أنشطتها الحساسة.
في لبنان، هناك شعب بكامله ينتظر أن تحدد اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق في اغتيال السيد رفيق الحريري المسؤوليات التي تسمح بمعاقبة الجناة. فالحقيقة والعدالة ضروريتان لاستعادة الثقة اللازمة لبناء مستقبل يضمن للبنان، هذا البلد المعذب، استقلاله ووحدته وسيادته. وسوريا التي تتمتع بموقعها الكامل في المنطقة والتي من حقها أن تحافظ على مصالحها الأمنية، عليها وعلى سوريا أن تأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعب اللبناني كما التطورات في الشرق الأوسط وفي العالم.
عليها أن تغير تصرفاتها ولاسيما في علاقاتها بلبنان، وأن تتعاون بشكلٍ كامل مع لجنة التحقيق.
ونحن من جهتنا علينا أن نبقى موحدين ومصممين على أن يتم التطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن، ولوقف التدخلات الخارجية، وتأمين النجاح للمؤتمر الدولي للمساعدة الذي ينتظره لبنان.
لقد أدت نتائج الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، التي نشيد بمسارها الديمقراطي إلى خلق وضع جديد وعلى الأغلبية الفائزة أن تدرك أن الاعتراف بإسرائيل والتخلي عن العنف واحترام الالتزامات الدولية وحدها كفيلة بإزالة التحفظات المشروعة. عليها أن تُدرك أيضاً أن المفاوضات المستندة إلى الشرعية الدولية وحدها ستسمح لها بتحقيق تطلعات شعبها وإقامة الدولة التي يطمح إليها الشعب الفلسطيني. وبذلك تنضم إلى التوافق الذي تحقق على مستوى العالم العربي حول مبادرة ولي العهد الأمير عبد الله في بيروت عام 2002م.
أمام هذا الوضع الإقليمي المثير للقلق، يتوجب علينا نحن السعوديين والفرنسيين، تعزيز مشاوراتنا وجهودنا لوضع الأسرة الدولية أمام مسؤولياتها ولاسيما فيما يتعلق بالاستقرار العالمي. وأشير هنا بشكلٍ خاص، إلى مكافحة الفقر المدقع الذي يقتضي حشد مصادر تمويلية جديدة وبشكل طارئ.
الأمر لا يتعلق فقط باستقرار هذا البلد أو ذاك، إنما بتوازن العالم بأسره. فالأزمات التي يعاني منها الشرق الأوسط والأدنى تغذي التوتر والنقمة، وتؤجج المشاعر، وتفلت العنان لكل من يجاهر بايديولوجيات العنف والمواجهة. إن المملكة العربية السعودية وفرنسا تنبذان فكرة عالم يستسلم لفظاظة التنافس ولموازين القوى، وتؤمنان بأن احترام القانون الدولي والتطلعات المشروعة لكل فردٍ، والحوار والتفاوض بروح التضامن يجب أن تكون مصدر إلهام دائم لجهودنا.
انطلاقاً من هذا التقارب في التحليل وفي العمل، ثمة شعور يفرض نفسه علينا: ففي حين يبقى الوضع الإقليمي محفوفاً بالكثير من الشكوك وتجند المملكة قواها بكل جرأة لتؤكد دورها المهدّئ في وجه التهديدات، يتعين على فرنسا أن تؤكد استعدادها لالتزام أكبر للمساهمة في الحفاظ على أمن بلادكم.
معالي الشيخ رئيس مجلس الشورى
السادة أعضاء المجلس
بتلبيتي لدعوة مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، أردتُ أيضاً أن أعبّر عن دعم فرنسا للنهج الذي خطّه لبلاده. لقد عرف كيف يرسّخ مناخ ثقة في المملكة مدعوماً ببرنامج طموح للاستثمارات العامة، ودينامية القطاع الخاص، على الرغم من وضع إقليمي مضطرب. ومناخ الثقة هذا يضع المملكة العربية السعودية على خط واعد، خط يسر الأسرة الدولية أن ترى المملكة تسير عليه.
يعمل مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بخبرة وحكمة على توفير الإمكانات التي تتيح لبلاده مواجهة التحديات المتوقعة خلال العقود المقبلة بسبب التقلبات الإقليمية والتغيرات التي لابد أن يواجهها العالم. وعلى الصعيد الداخلي، تعمل حكومته لتحقيق ذلك بانسجام مع الآراء والمقترحات التي يقدمها مجلسكم، الذي توسّعت صفته التمثيلية وتعززت صلاحياته.
أعرف أيضاً أن نوعية النقاشات التي تدور بينكم والمتوافقة تماماً مع الموضوعات الكبرى للحوار الوطني الذي بدأ عام 2003م تساهم في تعزيز ثقة السعوديين بالتحرك الحالي.
ثمة تطورات تابعتها فرنسا والعالم باهتمام مثل اعتماد الانتخابات لتجديد المجالس البلدية بروح ديمقراطية، ووصول السيدات إلى الهيئات الإدارية في غرف التجارة. إن الأداء الجيد لاقتصاد المملكة، والوعود الناجمة عن تنويعه بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية تثير اهتمام كافة المستثمرين. ويُفترض أن يساهم اتفاق التبادل الحر بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي الذي تدعو إليه فرنسا وتتمناه في تحفيز المبادلات بين بلدينا.
لقد واصل مقام خادم الحرمين الشريفين بالجرأة التي نعهدها به وبالنجاح في خطواته، التعبئة الوطنية لمواجهة التهديد الإرهابي، ودعا إلى التزام دولي بمكافحته، وذلك بهدف ترسيخ أسس سياسة التجديد والنمو التي اتبعها. إن فرنسا تعلن عن تضامنها مع المملكة في مكافحة هذه الآفة التي لا توفر أحداً. وسنربح هذه المعركة إن وحّدنا جهودنا، وخضناها باحترام القانون وقيمنا.
إن فرنسا إذ تتابع باهتمام الزخم الذي يبثه الملك عبد الله في جميع المجالات في بلاده، وتقدّر نتائجه الواعدة، فهي تعبّر عن إرادتها في مرافقة جهوده. وتساهم حالياً بشكلٍ مفيد عبر تعاون طموح في مجال التكوين العلمي والتكنولوجي لمساعدة المملكة على التقدم في تنفيذ سياسة السعودة، لمنح الشباب السعودي مكانته في المملكة مستقبلاً.
الرئيس شيراك يخاطب مجلس الشورى
السادة أعضاء المجلس،
قبل أن أودع مجلسكم، أود أن أؤكد لكم بأن فرنسا راغبة بتطوير الشراكة مع بلدكم العظيم، وهي تريد أن تفعل ذلك باحترام هوية وثقافة ومعتقدات الجميع.
في زمن العولمة، تنتقل الأخبار فوراً وإلى كل مكان. ولم نعد في عزلة كل منا في بلاده. نحن نتقاسم الحيز نفسه ومصائرنا متشابكة بشكل وثيق. هذا الواقع الجديد، والغريب تماماً عن التقاليد العريقة لشعبينا يجب أن يقودنا إلى اليقظة ومضاعفة الجهود لصون السلام. وعلينا أن نؤكد أكثر من أي وقت مضى على القيم العالمية التي تشكل أساس وجودنا المشترك. يجب علينا احترام تنوع الشعوب والمعتقدات والثقافات، وأن نحرص على قيم التسامح. علينا أن ننتهز كل فرص الحوار لتحاشي سوء الفهم. هذا هو مغزى وجود مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في باريس في نيسان - أبريل الماضي لدى تدشين قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر. وهذا مغزى المعرض الذي ينظمه المتحف الوطني في الرياض ومتحف اللوفر، الذي سنفتتحه مع مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بعد ظهر هذا اليوم.
المملكة العربية السعودية وفرنسا صاحبتا هوية راسخة صهرها التاريخ والثقافة، وبإمكانهما توحيد الجهود لإفشال مخططات من يؤجج نيران التعصب ويفتعل (صدام الجهل) البائس المسمى (صدام الحضارات)، في حين أننا نتقاسم قيماً مشتركة علينا أن نستثمرها مجتمعين.
وشكراً لكم.
وكان الشيخ صالح بن حميد قد ألقى كلمة في بداية الاحتفال، قال فيها:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
فخامة الرئيس..
باسم أعضاء مجلس الشورى وباسمي شخصياً أرحب بكم، وأقدر لفخامتكم هذه الزيارة التي تجسد التقدير لهذا المجلس ولدوره في صنع القرار في بلادنا، وبهذه المناسبة أحيط فخامتكم بأن هذا المجلس يأتي واحدا من إنجازات أخرى تماثله في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وغيرها. واسمح لي يا فخامة الرئيس أن أتحدث بإيجاز شديد عن مجلس الشورى ودوره في الشأن الداخلي والشأن الدولي.
ففي الشأن الداخلي يشارك المجلس مشاركة فاعلة في ملحمة التنمية السعودية في أبعادها المختلفة، وذلك من خلال سن العديد من الأنظمة، ومراقبة أداء الأجهزة الحكومية، ودراسة تقاريرها السنوية، إضافة إلى حضور الوزراء والمسؤولين لجلسات الاستماع والمناقشة في المجلس وفي لجانه المختلفة. وبأداء هذه الوظائف أنجز مجلس الشورى الكثير من الأنظمة واللوائح والخطط والاستراتيجيات التنموية والامتيازات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية. كما قدم المجلس للحكومة العديد من الملفات والمبادرات ذات الصلة بالإصلاح والتنمية، ومحاربة الظواهر الخطرة في المجتمع بما في ذلك ظاهرة التطرف والإرهاب الذي اكتوت المملكة بناره وكانت ولا تزال ضحية له، ولكن المملكة - قيادة وشعباً - وقفت وبكل حزم وإصرار لمحاربته بكل الوسائل الفكرية والتعليمية والاجتماعية والأمنية، ودعت في هذا الإطار إلى تضافر الجهود الإقليمية والدولية من خلال دعوتها لمؤتمر عالمي لمكافحة الإرهاب في الرياض في العام الماضي، حيث اقترح خادم الحرمين الشريفين إقامة مركز عالمي لمكافحة الإرهاب، على أن هذه الظاهرة الغريبة على مجتمعنا لم تنل من استقرار المملكة السياسي والاقتصادي ومسيرتها التنموية والاستثمارية واستقبالها لأشقائها وأصدقائها واستقبالها الزوار والحجاج والمعتمرين من كافة أنحاء العالم طوال العام.
أما ما يخص الشأن الدولي فقد تفاعل المجلس مع البرلمانات في الدول الأخرى، وذلك من خلال الزيارات المتبادلة وبحث الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، والمشاركة في لجان الصداقة بين المملكة والدول الأخرى مثل لجنة الصداقة السعودية - الفرنسية التي تعمل على وضع العلاقات البرلمانية السعودية - الفرنسية في إطار مؤسسي فاعل. كما يشارك المجلس وبشكل فاعل في لقاءات الاتحاد البرلماني الدولي، وفي لقاءات البرلمانات الإقليمية. وفي كل هذه اللقاءات يسعى المجلس إلى تعزيز التعاون وتبادل الخبرة مع البرلمانات المختلفة، وتفعيل الدبلوماسية البرلمانية وتوظيفها لحل النزاعات والخلافات بين الدول والشعوب، ودعم الشرعية الدولية، وتحقيق العدالة وتأكيد حقوق الإنسان وفق معايير ثابتة وبعيدة عن الانتقائية، والإفادة من التطورات الإيجابية في المجتمع الدولي وتوظيفها لرخاء الشعوب، ورصد الظواهر السلبية التي تؤثر في استقرار الدول والتصدي لها. وفي هذه المناسبة يشيد مجلس الشورى بكل تقدير وامتنان بالجمعية الوطنية الفرنسية ممثلة بالسيد (رودي سال) ممثل فرنسا في اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الدولي على مواقفه وجهوده التي أسهمت بانضمام هذا المجلس إلى الاتحاد البرلماني الدولي.
فخامة الرئيس..
تمثل العلاقات السعودية - الفرنسية أنموذجاً يحتذى للعلاقات بين الدول، ويرجع الفضل في ذلك إلى القيادة السياسية في البلدين. ولقد تجلت هذه العلاقات في العديد من المجالات، ففي المجال السياسي تنامت العلاقات بشكل مستمر منذ اللقاء التاريخي بين جلالة الملك فيصل وفخامة الرئيس ديغول عام 1387ه - 1967م حيث توالت الزيارات الرسمية لقادة البلدين بغية تبادل الآراء والتشاور في القضايا المشتركة وتعزيز التعاون بينهما. وفي المجال الاقتصادي تم تأطير هذا التعاون من خلال الاتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي بين المملكة وفرنسا عام 1395ه - 1975م. حيث وضعت هذه الاتفاقية الأساس للتعاون الاقتصادي بين بلدينا، ذلك التعاون الذي يتنامى يوماً بعد يوم، وبخاصة في مجال التجارة والاستثمار. وفي المجال العسكري تم التعاون وفق مبدأ الشراكة الاستراتيجية بين فرنسا والمملكة والذي أعلن عنه فخامتكم خلال زيارتكم للمملكة عام 1417ه - 1996م، وهو تعاون يتجاوز المجال العسكري إلى خدمة المصالح الاقتصادية لكلا البلدين.
فخامة الرئيس..
أنتهز فرصة زيارتكم لمجلس الشورى لأَذْكرَ مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي أدان فيها مفهوم صدام الحضارات لما له من دور في إشاعة الكراهية، وبذر التوتر والعداءِ بين شعوب المجتمع الدولي، كما أُعربُ عن تنويه المجلس بما نادى به خادمُ الحرمين الشريفين من تعايش سلمي وتفاعل إيجابي بين الشعوب، تمشياً مع النداء القرآني الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
إن ما حدث في الآونة الأخيرة من تأجيج لصراع الثقافات، ومسٍّ بمقام الرسل والأنبياء، وما تلا ذلك من ردود أفعال شعبية في المجتمع الدولي على هذه الممارسات السيئة ليس من مصلحة البشرية، بل إن مصلحة الإنسانية والمجتمع الدولي تتطلب التصدي لكل ما يقود للصدام الحضاري بكل السبل، والدفع ما أمكن باتجاه موقف دولي مشترك يصون القيم والمقدسات، ويحفظ مقام الرسل والأنبياء.
فخامة الرئيس..
لقد اتسمت سياسة حكومتكم الخارجية بالحنكة السياسية، ومجلس الشورى يقدر لكم ولحكومتكم هذا التوجه المحمود، كما يقدر مواقفكم الإيجابية في النزاعات الإقليمية، وبخاصة في العراق وفلسطين. لقد تميزت مواقفكم بالحرص على تجنيب الشعوب الحروب وويلاتها، والأخذ بالخيار الدبلوماسي بصفته الوسيلة الأكثر فاعلية لحل النزاعات الإقليمية. ولا شك في أن هذا الخيار يسهم في الحد من بؤر التوتر وفي تعزيز السلام الدولي. لقد أثبت مسار الأحداث أن أي تدخل خارجي في الشأن الداخلي للدول ليس في مصلحة الشعوب، وليس في مصلحة الاستقرار والسلام العالمي. وفي هذا المجال أود أن أذكِّر بالقضية الفلسطينية التي مضى عليها أكثر من نصف قرن دون الوصول إلى حل يلبي مطالب الشعب الفلسطيني. إن هذه القضية تمثل محوراً أساسياً في الشأن العربي والإسلامي، وأن بقاءها دون حل يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني من شأنه أن يشكل تهديداً مستمراً للاستقرار والسلام والأمن في المنطقة وفي العالم، ويمثل أكبر تحد لقيم العدالة الإنسانية وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
لذا فإن مجلس الشورى يدعو إلى تسخير الجهود السياسية والدبلوماسية للوصول إلى حل لهذه القضية ويذكِّر في هذا الصدد بمبادرة خادم الحرمين الشريفين للسلام في الشرق الأوسط التي تبنتها قمة بيروت العربية وحظيت بتأييد دولي وتمثل خياراً استراتيجياً لحل القضية وإيجاد أرضية مشتركة للسلام في المنطقة، ذلك أن المبادرة تستوعب مطالب الشعب الفلسطيني، وتطبيق كل القرارات والاتفاقات الدولية.
وفي الختام أؤكد لفخامتكم أن المملكة سائرة - بعون الله وتوفيقه - في مسيرة الإصلاح والتنمية في جميع الأبعاد، وهذا التوجه نابع من اقتناعنا - حكومة وشعباً - بأهمية الإصلاح والتحديث للتنمية الوطنية. إن ما يميز منهج الإصلاح والتنمية في المملكة أنه نابع من ثوابتنا والإفادة من كل جديد طالما أنه لا يتعارضُ مع ديننا وقيمنا، آخذين في الحسبان التوازن في نسق التنمية في أبعادها الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية.
ومرة أخرى يا فخامة الرئيس أكرر الترحيب بفخامتكم وبصحبكم الكرام في مجلس الشورى، وفي المملكة العربية السعودية التي تكن لكم شخصياً ولفرنسا - حكومة وشعباً - كل التقدير والاحترام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.