أكثر ما يلفت النظر لمن يقرأ شيئاً عن ماليزيا تلك النسبة العالية من المتعلمين بين الماليزيين، إذ تقدر هذه النسبة بما يزيد على90% من السكان مع إلزامية التعليم للمراحل الابتدائية، ولعل هذا هو سبب هذه الطفرة الاقتصادية والانتعاش الاقتصادي الكبير الذي تعيشه ماليزيا. وهذا هو ما أغرى وشجع الدول - وبينها المملكة - لمواصلة المباحثات والتعاون مع الماليزيين للاستفادة من التجربة الماليزية المثيرة للانتباه، والإفادة منها في كل المجالات، والتوجه نحو هذه الدولة للمشاركة والتعاون وتبادل الخبرات والتكامل والاستثمار معها في الفرص المتاحة لدى الجانبين، استثماراً للإمكانات البشرية الماليزية المؤهلة تعليمياً وتدريبياً. وبالنسبة للمملكة فقد شجعها قول رئيس وزراء ماليزيا: إن الشعب الماليزي يرغب في أن ينضم إلى إخوته بالسعودية في التهنئة بحكمة الملك عبدالله وديناميكيته في قيادته للأمة الإسلامية، وبالتالي فإنه قد حان الوقت لأن تشكل النقطة الرئيسة للمعلومات في مجال الأعمال والاتصالات لرجال الأعمال السعوديين والماليزيين. وهذا القول ينسجم مع توقعات السيد بدوي بأن يكون عام 2006م إيجابياً وينمو بشكل أفضل ليعطي مجالات واسعة تنعكس على مؤسسات الاقتصاد الماليزي القوي، وينسجم أيضاً مع ما يقوله رئيس الجانب الماليزي في مجلس الأعمال السعودي الماليزي ورئيس الغرفة الإسلامية للتجارة السيد أحمد إسماعيل من أن زيارة خادم الحرمين الشريفين لماليزيا تعتبر بمثابة علاقة تاريخية أخرى، بأمل أن تترك زيارة الملك عبدالله أثراً في المشوار الحضاري المديد إلى الأمام للأمة الإسلامية. ولا ننسى أن مجلس الأعمال السعودي الماليزي وكذلك جمعية الصداقة السعودية الماليزية تقومان من جهتهما بدورهما لدعم الصداقة والتضامن بين شعبي البلدين، بما في ذلك تطوير العلاقات في المجالات الثقافية والتعليمية والاجتماعية والرياضية والاقتصادية والتعريف بكل ما يقرب ويوثق للصداقة فيما بينهما. مع أن خادم الحرمين الشريفين أراد بزيارته لماليزيا ورعايته لما تم الاتفاق عليه أن يكون حاضراً ومشجعاً لهذا التوجه الجميل في العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وأن يبارك للجميع مضيهم قدماً إلى الأمام لترسيخ هذه العلاقة والسير بها نحو أهدافها المتوخاة. وها هو عبدالله بن عبدالعزيز مصداقاً لهذا الكلام يقول بعد جلسة من المباحثات الرسمية مع رئيس وزراء ماليزيا وأعضاء وفدي البلدين: ماليزيا وفيّةٌ برجالها وأعمالها، ليرد عليه السيد بدوي: إنكم يا خادم الحرمين الشريفين تزورون ماليزيا ليس فقط كملك أو خادم للحرمين الشريفين ولكنكم تزورونها كقائد مسلم مهم بالنسبة لماليزيا وللعالم الإسلامي. ليتم بعد ذلك التوقيع على اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي الخاصة بالضرائب على الدخل ومنع التهرب الضريبي بين حكومتي البلدين، واتفاقية أخرى للتعاون العلمي والثقافي في مجال التعليم العالي بين البلدين، وقد قام بالتوقيع على الاتفاقيتين من الجانب السعودي وزير المالية ووزير الثقافة والإعلام بحضور الملك ورئيس الوزراء ورعايتهما. وهاتان الاتفاقيتان بين الحكومتين ليستا هما فقط محصلة للزيارة الملكية إلى ماليزيا، فقد وقع - كما أشرنا من قبل - رجال الأعمال في الدولتين على مجموعة من الاتفاقيات بينها اتفاقية للتطوير التقني لصناعة الجوال السعودي وأخرى لتأسيس محفظة استثمارية للمشاريع الاستراتيجية المشتركة وثالثة لتأسيس محفظة استثمارية عقارية من الجانبين بالإضافة إلى شركة لأبحاث وتطوير إنتاج ألواح الكترونية للتعليم الالكتروني. ومن الطبيعي أن تُقْدِم المملكة على ما أقْدمت عليه مع ماليزيا لدعم اقتصادها وفق رؤية جديدة في ظل انضمامها إلى منظمة التجارة الدولية، يشجعها على ذلك تنامي الناتج المحلي، حيث بلغ في العام الماضي (2005م) أكثر من ثلاثمائة بليون ريال، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 22% مقارنة بالعام (2004م)، وأن تخص ماليزيا بتوجيه من الملك عبدالله بمعاملة خاصة بحكم أنها دولة إسلامية ومتوافر فيها مقومات التكامل مع المملكة لبناء اقتصاد المستقبل.