سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة صفحة الرأي سلمها الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد نشرت جريدة الجزيرة بصفحة الرأي يوم الأحد 8 - 12 - 1426 عدد - 12155 مقالاً بعنوان (وصايا للزوجة الصالحة) للأخ عدنان كيفي يقول فيه (رضا الزوج مقدم على بر والدي الزوجة) واستدل بقوله ويفهم من الآية 15 من سورة لقمان (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا). وقال أي صحبتهما بالمعروف ولو كانا مشركين لا تقديمهما على الزوج وقال بينما على الرجل أن يؤثر رضا والديه على رضا زوجته وأولاده. الأخ عدنان لم يأتِ بالآية الكريمة كاملة ليفهم معناها قال تعالى في سورة لقمان آية 15 {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}. المعروف هو الإحسان والإحسان للوالدين هو البر بهما ورضاهما نقول للأخ عدنان هذه الآية لا تدل على تقديم رضاء الزوج على بر والدي الزوجة ولا يوجد بالقرآن الكريم ولا بالسنّة الشريفة دليل واحد يقدم رضاء الزوج على البر بوالدي الزوجة والبر بالوالدين واجب ديني إسلامي لا يجوز تقديمه على رضاء الزوج أو الزوجة أو على أي مخلوق وحق الوالدين مقدم على حق الزوج وعلى حق الزوجة. لأن حق الوالدين يأتي بعد حق الله سبحانه وتعالى في أكثر من آية قال تعالى في سورة النساء آية 36 {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} وقال تعالى في سورة لقمان آية 14 {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}. وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا نبي الله أي الأعمال أقرب إلى الجنة قال الصلاة على مواقيتها قلت وماذا يا نبي الله قال البر بالوالدين. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لاطاعة لمخلوق من والد أو زوج في معصية للخالق. وقال عليه الصلاة والسلام (إنما الطاعة بالمعروف) فلا يجوز للزوجة أن تهين أو تذل والديها رضاء لزوجها. ولو أمر الزوج زوجته بعقوق والديها فلا تطيعه في ذلك لأن حق والدي الزوجة اسبق من حق زوجها. وعقوق والديها معصية لله تعالى ويقول بعض العلماء إن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر بعد الشرك.. وقال الأخ عدنان إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لو أن جميع ما في الأرض من ذهب وفضة حملته المرأة إلى بيت زوجها ثم ضربت على رأس زوجها يوماً من الأيام تقول من أنت؟ إنما المال مالي حبط عملها ولو كانت من أعبد الناس، هذا الحديث إن كان صحيحاً فله مقاصد ولا يفسر على ظاهره. فالمرأة بالإسلام لها حق أن تقول لزوجها أو لوالديها أو لغيرهم هذا المال مالي وليس لهم الحق الأخذ منه إلا برضاها. لكن إذا كانت الزوجة تضرب على رأس زوجها أو على وجهه وتستهزئ به وترفع صوتها من أجل مالها فهذا لا يجوز لها وليس من حقها. وهناك أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم صحيحة ولها مقاصد وبعض الناس يفسرونها على ظواهرها والبعض الآخر يضعفونها. فمثلا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بمعناه. إذا كان والد الزوجة مريضاً فمن حق الزوج منع زوجته من زيارة والدها المريض. هذا الحديث له مقاصد ومن مقاصده أنه يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والدها المريض في وقت يحدده الزوج حسب رغبته وليس في وقت ترغبه الزوجة. وليس من حق الزوج أن يمنع زوجته نهائياً من زيارة والدها المريض حتى يموت؟ لأن الدين الإسلامي يأمر بالعدل والإحسان وزيارة المريض من الإحسان. قال الرسول صلى الله عليه وسلم من عاد مريضاً لم يزل في خرافة الجنة حتى يرجع. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (اتقوا الله في نسائكم فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ومن المؤسف أن بعض الأزواج وهم قلة قليلة متسلطين على زوجاتهم وبعضهم يتدخلون في خصوصيات زوجاتهم عن طريق الجهل ( بالحقوق الزوجية) أو عن طريق التلقيم أو عن طريق ما يُنشر ويُقال في بعض الوسائل الإعلامية أو عن طريق الفهم الخاطئ لتفسير بعض آيات القرآن الكريم أو بعض الأحاديث النبوية الشريفة ومن خصوصيات الزوجة التي لا يحق لزوجها شرعاً أن يتدخل بها إلا برضاها وهو المال الخاص بالزوجة فلها حق التصرف تشتري وتبيع وتعطي وتمتنع بدون ضغوط من زوجها.. ومن خصوصيات الزوجة حقها الشرعي بزيارة أهلها في صحتهم أو في مرضهم وهذا من باب صلة الرحم والبر بالوالدين بعد استأذانها من زوجها.. ويجب على الزوج أن يفهم أن منع زوجته من زيارة أهلها بعد مدة طويلة وهي قريبة منهم أو منع زوجته من حضور معظم مناسبات أهلها العائلية. هي من علامات عدم رضاء الزوج على زوجته أو على أهلها لأسباب ظاهرة أو خافية أو الزوج مصاب بالوسواس. وهذا الشيء ليس من صالح الزوج، حيث يحتمل أن الزوجة تتغير على زوجها وعلى أهل زوجها ويحتمل الزوجة أن تكره زوجها من تصرفاته المهينة والمذلة وقد يتطور الكره إلى بغض الزوجة لزوجها وتصل إلى المحاكم ( وناهيك من المحاكم وطول مواعيدها وكثرة جلساتها). وأيضاً من خصوصيات الزوجة إذا حصل بينها وبين زوجها فراق بالخلع أو الطلاق. ولها أولاد منه لها الحق الشرعي أن ترى أولادها وتجلس معهم وليس من حق زوجها السابق منعها من ذلك مع العلم بأن الأم لها حق الحضانة.. ومع ذلك بعض الأزواج يأخذ أولاده ومنهم الأطفال ويمنعهم من رؤية أمهم وهذا لا يجوز بالدين الإسلامي الحنيف لأن فيه ضرراً نفسياً واجتماعياً على الأم وأولادها (ومنع لقاء الأولاد بالأم الحنون يوصل إلى حافة الجنون) والذي يعتدي على حقوق الغير ولا يريد الإصلاح عقابه مباح. ولو كان عندنا جهات مختصة بالعقاب والإصلاح لقضينا على معظم مشاكل النكاح. لكن لا مجيب لمن ينادي وليس الحل بالأيادي. وسكوت مجلس الشورى على ذلك ما هو عادي؟ وأخيراً نقول كما قال الإمام الشافعي رحمه الله. قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب.. والله من وراء القصد.. والسلام عليكم. محمد الصالح العبد العزيز المبيريك