الدعوة إلى الله تعالى من أجل العبادات، وأفضل القربات، وأحسن الأقوال، كما قال تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، والدعوة إلى الله تعالى هي رسالة الأنبياء والمرسلين، ومن اهتدى بهديهم من العلماء والمصلحين إلى يوم الدين، كما قال تعالى: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي)، ولهذا أمر الله تعالى بالدعوة بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، فقال تعالى: ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وفي حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم). ولا شك أن المملكة العربية السعودية هي دولة الإسلام، ودولة الدعوة إلى الله تعالى منذ تأسست على يد الملك المجاهد عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله إلى عهدنا هذا، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله ورعاهما. وقد تمثلت عناية المملكة بالدعوة إلى الله تعالى في مظاهر كثيرة لا يتسع المقام لتفصيلها، منها: إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة النبوية، ومنها بناء المراكز الإسلامية في جميع أنحاء العالم، ومنها إيفاد الدعاة إلى الله إلى جميع بلدان العالم، ومنها طباعة الكتب، وتوزيعها بالمجان، ومنها بطبيعة الحال للمكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في جميع مناطق المملكة، وتزويدها بكل ما تحتاج إليه للقيام بواجبها على أحسن الوجوه، والإنفاق عليها. ويعد ملتقى مديري المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات الذي تنظمه الوزارة في مدينة الدمام بالمنطقة الشرقية هو الأول في المملكة، وهو ملتقى في غاية الأهمية؛ لعدة أمور منها، أولاً: زيادة التنسيق، والتعاون، وتبادل الخبرات بين المكاتب التعاونية، وهذا له فوائد عظيمة، ومنافع كثيرة، حتى يحصل التكامل، وتتوحد الجهود، وتتناسق الأعمال، وصولاً إلى أفضل النتائج، وأحسن المقاصد، ثانياً: تنمية مهارات التخطيط المحكم، والتنظيم الدقيق للعمل الدعوي عند المسؤولين على هذه المكاتب، ثالثاً: تفعيل جهود هذه المكاتب في معالجة ظاهرة الغلو والأفكار المنحرفة، والمبادئ الهدامة، وبيان آثارها السيئة على الفرد والمجتمع، رابعاً: زيادة جهود المرأة المسلمة في الدعوة إلى الله، ودراسة كيفية تنمية قدرات المرأة في مجالات الدعوة للاستفادة منها في توعية العنصر النسائي الذي يعد نصف المجتمع، وهذا أمر ضروري وحيوي، خامساً: الوقوف على آراء العاملين في هذه المكاتب، ودراسة أفكارهم ومقترحاتهم في سبيل النهوض بعمل هذه المكاتب، وتطويرها، والاستفادة من تقنيات العصر، وهذه الأمور كلها تبين الأهمية البالغة لإقامة هذا الملتقى الدعوي. وقد اتخذت الوزارة كل الإجراءات اللازمة، واستعدت من جميع النواحي لإقامة هذا الملتقى، وإنجاحه، وإظهاره بالمستوى اللائق بأهميته، والأهداف المرجوة منه، ورصدت لذلك كله المبالغ اللازمة وفق تنظيم دقيق، وبرنامج حافل، وخصوصاً أن للوزارة خبرة كبيرة وباعاً طويلاً في مجال تنظيم الملتقيات، والمؤتمرات، وغير ذلك. والأمل في الله كبير أن يحقق هذا الملتقى الأهداف والغايات التي من أجلها تمت إقامته، وأسأل الله أن يوفق القائمين على هذا الملتقى إلى تحقيق التعاون والتنسيق، وتوحيد الجهود بين هذه المكاتب، ومعرفة واقعها، وتحديد أهدافها، والوقوف على الإيجابيات وزيادتها وتقويتها، ومعرفة السلبيات وتقليلها وتجنبها، وخصوصاً أن أسباب نجاح هذا الملتقى الدعوي متوفرة وموجودة بها هيأته حكومة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله ورعاهما وبما سخرته وزارة الشؤون الإسلامية بإشراف وتوجيه مباشرين من معالي وزيرها الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله.. والله سبحانه وتعالى من وراء القصد، وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل. (*) وكيل وزارة الشؤون الإسلامية للشؤون الإدارية والفنية