إن التخصيص مجموعة متكاملة من الإجراءات الإقتصادية والسياسية والمالية والثقافية والاجتماعية تستهدف إعمال آليات السوق، وإزكاء روح المبادرة الفردية والجماعية والاعتماد على المنافسة وآلياتها لمعالجة الاختلالات والارتقاء بالجودة وتحسين الأداء. ولذا، يؤدي التخصيص إلى تحسين ادارة العمليات الإنتاجية وحسن تخطيطها،وفي الوقت ذاته، الاهتمام بالملكات الفردية وتطويرها والسماح بالنبوغ الإبداعي للأفراد. ويساعد التخصيص على التصحيح الهيكلي في معظم بلاد العالم النامي والمتقدم على حد سواء والتي تعاني من اختلالات هيكلية، ومن تدهور في معدلات النمو وانخفاض مستوى الكفاءات الانتاجية. ويؤدي التخصيص إلى رفع معدل النمو الاقتصادي وزيادة الادخار القومي، وزيادة معدلات الاستثمار الوطني، وزيادة الدخول، وتخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة. ويؤدي التخصيص سواء بأسلوب نقل الملكية أو نقل الإدارة للقطاع الخاص، الى تحسين الاهتمام بالجودة والى تحسين وتطوير الخدمات والارتقاء بجودة المنتجات، لتصبح أكثر اشباعاً وتوافقاً مع احتياجات ورغبات وقدرات المستهلكين. يقول د, محسن الخضيري في كتابه الخاصخصة : يساعد التخصيص على فتح سبل جديدة للاستثمار، ومن خلالها يتم ضخ أموال متزايدة في الاقتصاد تأخذ شكل استثمار مباشر واتفاق غير مباشر، وكلاهما يولد طلباً فعالاً يعمل على زيادة حالة الرواج والانتعاش الاقتصادي في الدولة. ان التخصيص يبني افضل مناخ للتنمية، ويضمن لها الاستقرار والاستمرار، كما ان التخصيص ينمي طاقة التصنيع في البلاد، ويحفز انشاء المشروعات ويزيد من الفرص الاستثمارية أمام الفرد الراغب في الاستثمار. ومن ثم، كان الهدف من التخصيص والقرارات المؤيدة له هو زيادة قدرة المجتمع على توفير الرفاهية لأفراده، وتحسين مستويات معيشتهم، بتمكينهم من العمل في وظائف، منتجة تدر عائدا ودخلاً مرتفعاً. وإذا كان التخصيص يعتمد على تشجيع القطاع الخاص ليصبح قائدا، وتصحيح التوجهات الادارية للقطاع العام ليصبح راشداً، ويحوِّل ادارته من البيروقراطية إلى تطبيق مبادىء الإدارة الخاصة والتكامل وفقاً لآليات السوق. فإنه من المهم ايضا ان يعمل التخصيص على تصحيح الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، وفي الوقت ذاته تقديم رؤية استراتيجية متكاملة الجوانب والأبعاد لمتخذ القرار وصانعيه، ومنفذيه، لمعالجة هذه الاختلالات وإعادة التوازن لقطاعات الانتاج. إن عملية التخصيص في حاجة الى دراسة واعية لظروف المرحلة الزمنية والإعداد الجيد لها من خلال برامج توعوية وإعلامية مخططة جيداً. فالتخصيص يحتاج الى جهد إعلامي تنويري متعدد الطرق والوسائل حتى يمكن تعريف افراد المجتمع به ومزاياه وضوابطه، لضمان تأييد الأفراد ومساندتهم له واقتناعهم به. ومما يجدر ذكره ان التخصيص ليس الدواء السحري لكل الأمراض الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإدارية، ولكنه مثل اي دواء له آثار جانبية يتعين ايضا علينا دراستها جيداً وحسابها بدقة والاحتياط منها, كما ان التخصيص ليس الدواء الوحيد لمعالجة الأمراض الاقتصادية، بل هناك أدوية اخرى، قد يحتاج الأمر الى ايجاد مزيج من تلك الأدوية مجتمعة لاصلاح الهيكل الاقتصادي. ومن ثم فان التخصيص قرار فاعل من أجل النمو والتنمية، وليس برنامجاً للإفلاس الوطني، وليس أيضاً مهرباً من مأزق عجز الميزانية، أو تخلياً عن الالتزامات والحقوق الاجتماعية والاقتصادية. وإنما التخصيص وسيلة تكيّف مع المتغيرات والمستجدات، وأداة تأمين للرفاهية الاقتصادية والاجتماعية، باعتبارها مجموعة من الاجراءات التي تعمل على تحقيق أفضل ادارة لموارد الاقتصاد الوطني وتفعيل استثمار هذه الموارد. إن التخصيص يستند الى رؤية طموحة واسعة سريعة الإيقاع، تستهدف تصحيح ادارة الاقتصاد الوطني, ويتم ذلك من خلال تنشيط وتوسيع نطاق ودور القطاع الخاص في انتاج افضل للسلع والخدمات. وأياً كان التوجه، فان عملية التخصيص قد اكتسبت قوة وآليات جديدة ذات فعالية خاصة في السنوات الأخيرة، دعمتها وأكدتها النتائج التي تحققت من استخدام التخصيص في ادارة التغيير والتطوير للمجتمع. د, زيد بن محمد الرماني عضو هيئة التدريس بجامعة الأمام محمد بن سعود