لا شيء يسوء أي غيور على تعليمنا مثل أن يسمع أصواتاً نشاز تحاول النيل من هوية تعليمنا الإسلامية. عندما يفقد التعليم - أي تعليم - هويته فسيفقد حتماً البوصلة التي تحدد له وجهته وأهدافه، وسيغيب عنه المعيار والضابط الذي في ضوئه يتم تحديد سياسات التعليم واستراتيجيات تطويره، وسيتحول عندئذٍ التعليم إلى مسخ مرقع من نظم تعليمية مختلفة. من الوارد أن نستورد ما صنعته أيادي الآخرين ولكنه من المعيب أن نستنسخ تجاربهم ونظمهم التربوية والتعليمية. لا يختلف اثنان على أن الدول التي حققت اليوم نهضة وريادة عالمية إنما حققت ذلك بفضل نظمها التعليمية التي استنبتتها على تربتها مع استفادتها المدروسة من تجارب الأمم الأخرى. هنا دعونا نطرح السؤال التالي: إذا كان التعليم هو سر نهضة الأمم فهل يمكن لدولة متخلفة أن تختصر الطريق إلى القمة لتتحول من دولة نامية إلى دولة متقدمة بمجرد أن تستعير من دولة متقدمة نظامها التعليمي الإجابة قطعا هي (لا) كبيرة، والسبب يعود إلى فقدان الهوية والأرضية المحلية والرؤية الوطنية التي تُكسب حركة التعليم التوازن والتماسك والثقة. إن من أهم مقاصد تعليمنا تعزيز إيمان الطالب بالله وتشريبه مبادئ وقيم الإسلام الرفيعة، الإسلام الوسطي المتسامح، وفي الوقت نفسه تعويد الطالب على ممارسة أرقى مهارات وعادات التفكير العلمي، وإعداده ليكون مشاركاً ومنتمياً لمجتمعه المحلي والعالمي وليتحمل مسؤولياته تجاههما.