التعليم مهنة سامية، يخرج الأجيال من الظلمات إلى النور ومن الضلال إلى الهدى، والمعلمون حماة للجيل ومربون له وسقاة غراس الآباء فالمعلم مشعل للخير وداع للهدى وسائر على خطا الأنبياء والرسل عليهم السلام وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت معلماً). ولما كان عمل المعلم هو التربية والتعليم فلا بد له من محاور ثلاثة كي يجعل منه معلماً ناجحاً يحبه طلابه ويتعلقون به وهذه المحاور هي: 1- تكامل الشخصية. 2- الرغبة في مهنة التعليم. 3- سعة الاطلاع. المحور الأول: تكامل الشخصية وهو ما يعرف بقوة الشخصية ويكون ذلك في أن يتعلم الفرد مجموعة من العادات وأن يكتسب عدة من الصفات تجعله متزناً في تصرفاته عاقلاً في سلوكه وتعاملاته، وتتركز شخصية المعلم الناجح على ثلاث دعامات: 1- المظهر الخارجي. 2- المظهر النفسي. 3- المظهر الوظيفي. 1- المظهر الخارجي: فلا بد للمعلم من الاهتمام بمظهره ولباسه ليكون أنيقاً جميلاً في نظر طلابه، ولا يخفى أن الطالب يستهويه حسن مظهر المعلم قبل حسن جوهره ويتبع ذلك اعتناء المعلم بصحته الجسيمة. 2- المظهر النفسي: إن الراحة النفسية لها الدور الأكبر في قوة الشخصية فمن يعاني من أزمات نفسية عائدة لأسباب البيت أو المجتمع تكون شخصيته مهزوزة غير قادرة على التماسك فكل حركة أو سلوك يكون تحقيقاً عملياً، بل وانعكاساً لحركات النفس الداخلية فالسلامة النفسية أمر في غاية الأهمية لعملية التربية والتعليم فعلى المعلم أن يضع همومه ومتاعبه خارج أسوار المدرسة أو لا ينقلها معه إلى الصف لأنه محط أنظار طلابه ولو كانوا صغيري السن. 3- المظهر الوظيفي: ويتجلى هذا المظهر في الجوانب الآتية: أ - علاقة المعلم بالطلاب. ب - علاقة المعلم بزملائه المعلمين. ج - علاقة المعلم بمدير المدرسة. د - علاقة المعلم بالمشرف التربوي. ه - علاقة المعلم بأولياء الأمور. وسنتناولها واحدة واحدة: أ - علاقة المعلم بالطلاب: فإذا صلحت علاقة المعلم بالطالب لصلحت العملية التربوية وحققت أهدافها التحقيق الأمثل، وإذا فسدت ساءت حالة المدرسة فمن واجبات المعلم الأساسية الاهتمام بهذه العلاقة وتوطيدها على أكمل وجه فيحترم شعور طلابه ويعطف عليهم ويقابلهم ببشاشة وطلاقة وجه ويكلمهم بلطف ويسعى دائماً لإرشادهم وتوجيههم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه). ب- علاقة المعلم بزملائه المعلمين: فيكون معهم فريقاً واحداً بل أسرة واحدة ويتبادل معهم الخبرات ويكون متسامحاً، وأن تسود علاقة الاحترام والود بين جميع المعلمين، علاقة يسودها الحب والوفاء والإخلاص والمساعدة وبذل النصح. ج - علاقة المعلم بمدير المدرسة: ولا بد أن تكون هذه العلاقة وثيقة أساسها السعي لإنجاح العملية التربوية والارتقاء بها نحو الأحسن فيعود المعلم للمدير بالاستشارة وتقبل النصح والتوجيه والتعاون معه في المشاكل التي قد تطرأ أحياناً ولا يعني هذا أن يشغل المعلم المدير بكل مشاكل الفصل فهو يستطيع حل معظمها ضمن الفصل والمعلم الحاذق هو الذي يعرف متى وكيف يأتي إلى الإدارة. د- علاقة المعلم بالمشرف التربوي: تتميز هذه العلاقة بالأخوة المبنية على التناصح وتبادل الخبرات والأخذ بيد المعلم إلى مواطن النجاح ولا ينظر المعلم إليه على أنه متتبع لهفواته وأخطائه، وعلى المعلم أن يستفيد من خبرات المشرف. ه- علاقة المعلم بأولياء أمور الطلاب: المعلم هو منبع الفضيلة في نظر الآباء والأمهات الذين أولوه ثقتهم بتأمينه على فلذات أكبادهم، فعلى المعلم أن تكون علاقته حسنة مع أولياء أمور الطلاب بالتعاون معاً من أجل فلذات الأكباد الذين هم عماد المجتمع وذخيرة المستقبل. المحور الثاني: الرغبة في مهنة التعليم: إن الرغبة في التعليم عامل أساسي في إنجاح العملية التربوية التعليمية، ولا بد للمعلم أن يكون محباً لمهنته مندفعاً ومتحفزاً إليها على الدوام، فالرغبة في المهنة تؤدي إلى قوة الهمة والعزيمة والإرادة، فعلى المعلم أن يحضر إلى مدرسته قبل بداية الدوام ولا يغادرها إلا بعد انتهاء الدوام، وأن يبقى منهمكاً في عمله طوال يومه، فإذا دخل إلى صفه كان مستعداً متهيئاً للدرس كأحسن من يكون وأدى عمله في عزيمة وإخلاص وإذا خرج من الصف ساهم في القيام بما يسند إليه من مهام بحماس ورغبة، لا يتثاقل في مهامه في التحضير وإعطاء الدروس وتصحيح الواجبات والقيام بالإشراف حيث يضع نصب عينيه مخافة الله عزّ وجلّ ويعتبر التربية والتعليم أمانة لا تفريق فيها ولا خيانة. المحور الثالث: سعة الاطلاع: على المعلم أن يكون محيطاً بمهنته لأنها من أخطر المهن وأسماها على الإطلاق فالمعلم الناجح هو الذي يطلع على المعارف الإنسانية ويواكب التطور وهو بحاجة دائمة إلى البحث والدراسة والخبرة والنمو المعرفي والمهني فهو طالب علم من المهد إلى اللحد. والمعلم بحاجة دائمة إلى الاستزادة من مادة تخصصه التي لا تتوقف عند حد معين، وعلى المعلم الناجح أن يأخذ من كل علم بطرف، وذلك لرفد تخصصه لأن العلوم والمعارف الإنسانية متكاملة، وعليه أن يستغل وقته أحسن استغلال في مرافقة الكتب أو مجالس العلم.