ما أكثر شوارد الأبيات التي تختزنها ذاكرة كل إنسان يتذوق الشعر ويعشق الأدب، لأنه يجد في استعراضها إذا ما خلا بنفسه متعة، بل إن بعضهم يستلهم من معانيها ما يشحذ فكره ويمده بطاقة تفتح له مجالا تزدحم في أفقه الخواطر التي يجد نفسه ملزماً بتقييدها لتصبح موضوعاً يستحق صفحة في سجل الأدب. وتراثنا الأدبي مليء بما يشبه شذرات الذهب التي تفرض علينا صيانتها، والاحتفاظ بها، سواء كانت تلك الذرات نثرية أو شعرية، كيف لا ونحن لا نكاد نقرأ موضوعاً إلا ونجده مشتملاً على شيء من أمثال الحكمة التي خلَّفها لنا أدباؤنا وشعراؤنا القدامى. ولقد قرأت في (المجلة العربية) لأديبنا المعاصر سعد البواردي الذي يكتب تحت عنوان (كلمات) وهي بحق كلمات مختصرة جدا ومفيدة جدا، قال في أحد كلماته (سأل صاحبه القابع إلى جواره وهو يتصفح أخبار الكوارث والنكبات البشرية التي تعج بها وتضج منها صفحات جريدته المختارة): تُرى أين تكمن مشكلة هذا العالم المُستضعف المستهدف؟! أجاب صاحبه بشيء من الاقتضاب والتحديد قال: تكمن المشكلة التي تسأل عنها بين ثنايا هذا البيت 1: مَنْ يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام 2 والأديب سعد البواردي قد وظف بيت المتنبي في تلك المسألة توظيفا شفى به صاحب السؤال. 1- المجلة العربية عدد 345 شوال 1426ه