المقالة السابقة عبارة عن إطلالة ومقدمة سريعة وعابرة عما يمكننا تشبيهه ب(المعلقة الأولى) في مجال التخطيط الإستراتيجي للتعليم الجامعي في المملكة العربية السعودية (آفاق)، والذي دفعني إلى استخدام ذلك التشبيه هو رغبتي في أن تستمر هذه الخطة المستقبلية للتعليم العالي لأجيالنا القادمة ليس فقط ل(25) سنة قادمة، ولكن لعقود عديدة ولأجيال تتعاقب وتطبق وتطور خطواتها وبنودها وإنجازاتها - مُخرجات المشروع الإستراتيجي الذي نَطمح إليه -، ذلك المشروع الإستراتيجي الذي يتوقع أن يقضي على جوانب الضمور والضعف بالتعليم العالي من خلال تبني التفكير الإستراتيجي وبالتالي بداية الثورة العلمية والتكنولوجية بمملكتنا الحبيبة، وجعلها من مصاف المجتمعات المُنطلقة نحو العالمية، ومثال على ذلك ما نلمسه من تطور سريع وملفت في العديد من الدول كماليزيا. ويتمثل الهدف من المشروع الإستراتيجي للتعليم الجامعي في المملكة (آفاق) في الارتقاء بكفاءة نظام التعليم العالي (الكفاءة الداخلية والمواءمة الخارجية) بالمملكة، وذلك من خلال إعداد خطة مستقبلية طويلة المدى ذات رؤيا مستقبلية طموحة، ورسالة واضحة، ومعايير لتقويم الإنجاز تحدد احتياجات نظام التعليم العالي، وأنماطه، ونوعية مخرجاته، وأساليب تمويله، مع تحديد آليات تنفيذ الدراسات التي سيتضمنها مشروع إعداد الخطة، على أن تتضمن الخطة تفصيل الغايات، والأهداف، والإستراتيجيات المطلوبة لصياغة مستقبل هذا القطاع التنموي المهم لخمس وعشرين سنة قادمة. وقد وُضعت (8) محاور رئيسية للمشروع الإستراتيجي لتغطية مختلف القضايا ذات العلاقة بنظام التعليم العالي في المملكة والمؤثرة فيه، وكذلك (12) دراسة تختص بتناول مختلف الجوانب الفنية والجزئية المؤثرة في النظام. وفي سبيل تحقيق منهجية مشروع الخطة المستقبلية للتعليم العالي في المملكة - (1426- 1450ه) - كان هناك جانبان مهمان: 1- الجانب النظري وما يتعلق من مسح الأدبيات، والتعرف على التجارب العالمية ذات العلاقة. 2- الجانب العملي الذي يستند على تنفيذ مجموعة الدراسات لاستخلاص النتائج العلمية الموثقة، وصياغة التوصيات العلمية بما تتطلبه صياغة الخطة بكل جزئياتها، ولذلك يُعد توافر المعلومات الكافية خطوة أساسية أولية تعتمد عليها جميع مراحل إنجاز المشروع، بالإضافة إلى دقة وجودة تلك المعلومات (مشروع الخطة المستقبلية للتعليم الجامعي في المملكة العربية السعودية، الكتيب تعريفي). من أجل ذلك سيكون تنفيذ مشروع (آفاق) بمشاركة فاعلة من قبل كل مؤسسات التعليم العالي بالمملكة، حيث سيقوم فريق الدراسة المكلف بإدارة عملية تنفيذ المشروع والتنسيق لجميع مراحله وأعماله، بإعداد كل المتطلبات التنظيمية التي يحتاجها تنفيذ الدراسات المختلفة للمشروع، وأن يتم تدريب أكبر عدد ممكن من الأساتذة والمسؤولين على أسلوب التخطيط الإستراتيجي والإدارة الإستراتيجية وذلك لتنمية وتأصيل هذه الثقافة لدى مؤسسات التعليم العالي، وفي هذا السياق يذكر الدكتور فيصل المشاري: (من الضروري مشاركة المهتمين وأصحاب الخبرة وكذلك بيوت الخبرة في الخطة، وأن يكون الجميع إيجابياً، إذ إن من فوائد توسيع المشاركة كما تهدف إليه الخطة، أن تتم الاستفادة من جميع الخبرات وكذلك وضع الجميع في قالب واحد خصوصاً من لهم آراء وتطلعات في موضوعات التعليم العالي، ليحس الجميع بأبعاد المشكلات المختلفة وليشاركوا في اتخاذ القرارات. وهذه المشاركة ستكون من خلال المساهمة في الدراسات أو من خلال المشاركة في حلقات النقاش والندوات المتعلقة بالدراسات أو الخطة بشكل عام). (صحيفة الرياض، العدد). وعلى هذا المنوال كان هناك خمسة أُسسأساسية سيتم مراعاتها عند تنفيذ المشروع الإستراتيجي وهي: 1- توسيع قاعدة المشاركة في تنفيذ الدراسات التي ستوفر النتائج العلمية الموثوق بها، حيث ستدعى المؤسسات المعنية في القطاعين العام والخاص، والكفاءات الوطنية الخبيرة، وشرائح المجتمع ذات الخبرة في مجال التخطيط الإستراتيجي للتعليم، في تنفيذ الدراسات. 2- تجهيز موقع إلكتروني عام للمشروع على الشبكة العالمية للمعلومات http:// aafaq.kfupm.edu.sa لزيادة فاعلية المشاركة في إيجاد المعلومات واستطلاع الآراء والبيانات. 3- التأكيد على الجودة الراقية في كل جوانب تنفيذ الدراسات لضمان الحصول على نتائج علمية موثوق بها. 4- الاستناد إلى المرجعية العالمية، وعناصر الجودة المهنية، وأساليب التحكيم العلمي لكل الدراسات. 5- متابعة سير العمل في تنفيذ الدراسات من خلال تقويم تقارير الإنجاز الدورية، والعروض المرئية، والمناقشات أثناء اللقاءات المنتظمة التي سيتم عقدها مع مجموعات العمل المنتظمة، حيث ستتعهد هذه المهمة لجان إشراف ذات كفاءة علمية وخبرة عملية مهنية رفيعة المستوى (آفاق، نشرة دورية يصدرها الفريق الإعلامي بمشروع آفاق، العدد الأول - ذو القعدة 1426ه). وعن المراحل التي مر بها المشروع قال مدير الخطة المستقبلية للمشروع الدكتور محمد العوهلي: (إن الدراسات الأولية للمشروع طرحت في 21 من شعبان في المنتدى الأول للمشروع بالرياض للجامعات وبيوت الخبرة، بعد ذلك مررنا بشهرين لإعداد العروض وسلمت في 21 من شوال، وقد كانت المشاركة جداً إيجابية بدليل وصول أكثر من 86 عرض دراسة تقدمت بها الجامعات وبيوت الخبرة هو إشارة طيبة لمستوى التفاعل الذي حظي به المشروع، بعد ذلك بدأ تحكيم هذه العروض، ونحن الآن نشارف على نهاية التحكيم، وسوف تعلن نتائج التحكيم قبل 25 من ذي الحجة لعام 1426ه), (جريدة الجزيرة، العدد 12147). وفي نفس الاتجاه نريد من الجامعات السعودية التي تهتم بالجانب الإستراتيجي في دراساتها ومحاور أبحاثها في معظم الأصعدة والمؤتمرات ومثال على ذلك جامعة الملك عبدالعزيز والتي أرجو أن تبني التعريف بمشروع خطتها الإستراتيجية الطموحة، والتي يمكن تطويرها فيما بعد لتصبح خطة إستراتيجية وطنية (المعلقة الثانية) لإكمال المسيرة في استشراق مستقبل التعليم الجامعي في المملكة العربية السعودية، مع وجوب إعطائها الضوء الأخضر والدعم السخي من وزارة التعليم العالي، عندئذ نتطلع إلى أن نرى (معلقات إستراتيجية) تصنع من جامعاتنا في المملكة بحيث يتم ربط تلك المعلقاتالإستراتيجية برابط ثقافتنا وقيمنا الإسلامية التي نعتز بها، من أجل أن نُكون لَبنات قوية في جسد وطننا الغالي لنرتقي وننهض إلى مصاف الأمم والمجتمعات القوية،.... ليس هذا المقال (صورة كاملة) أو نهائية ل(آفاق)، ولكنه خطوط فيها ملامح من (آفاق). (يتبع). [email protected]