أقوم كل صباح، وأمشي في الدرب في إحدى ضواحي كوالالمبور من الشقة إلى محل بيع الفواكه، وكانت الفتاة الصغيرة (عديلة) بائعة الطيور (الببغاء، البلبل، الحمام) قد شدتني لمعرفة أخبارها. عفواً أيها السادة القراء نسيت أن أعرفكم بنفسي، فأنا عفيفة أبلغ من العمر ستين عاماً، جئت هنا إلى ماليزيا للعلاج من سرطان الدم، ولي حتى الآن ستة شهور. وقد سألت عنها فقالوا: مات أبواها في حادث سيارة أليم، وقد كفلها عمها صاحب متجر الطيور، وهي بائعة متجولة، تقوم بهذا العمل منذ سنتين. كانت عديلة تبيع الطيول للسائحين والزائرين، الذين يحبون الطيور الملونة (البنفسجي) الأحمر، الأخضر، الأصفر، وحين يأتي وقت الغداء، تميل إلى مطعم مجاور وتتناول الطعام وتطعم أيضاً طيورها الجائعة وتملأ الماء من النافورة القريبة من الحديقة. وذات يوم ذهبت لأشاهد عديلة ولكن أين هي؟ بحثت عنها هنا وهناك، إنها هناك في الحديقة، راقبتها وهي تصلي صلاة العصر، أربع ركعات باطمئنان وتؤدة وهدوء، ثم سلمت عن اليمين والشمال ثم وقعت إلى جنبها الأيسر، فركضت نحوها وكذلك انزعج الآخرون واجتمعنا حولها، ثم نقلناها إلى المستشفى، فجاء الخبر الأليم من الطبيب، ماتت عديلة بأنفلونزا الطيور. سقطنا على ركبنا من هول الصدمة، فقد كان الجميع يحبها، ماتت عديلة الصغيرة، ماتت عديلة بائعة الطيور، ماتت عديلة بعد أن صلت أربع ركعات، ماتت عديلة، وفقدها الجميع.