خامساً: المحور التربوي والتعليمي: قطاع التربية والتعليم وإصلاحه، مؤسسات ومناهج، أحد المحاور الأساسية لإنجاح أي هندسة اجتماعية للمجتمع من أجل مكافحة الإرهاب وحماية المجتمع للأسباب التالية: 1) أن التعليم أحد المؤسسات المرتبطة بشكل وثيق بالخطاب الديني مؤثراً ومتأثراً، وهو ساحة معركة بين مختلف التيارات، والجرعة الدينية قوية فيه، وتحتل مساحة كبيرة في مناهجه، وبالتالي، تحتوي على العناصر والإشارات التي يتكئ عليها الإرهابيون في أدبياتهم، مثل: الموقف من غير المسلمين، أسلوب التعامل معهم، الولاء والبراء، الجهاد، والتكفير، والموقف من الآخر، وغير ذلك من المفهومات الحساسة والمؤثرة، ولنا أن ندرك خطورة ذلك في قطاع يمثل أكبر وأخطر ناقل ومستهدف للإرهاب. 2) الطلاب والطالبات في قطاع التربية والتعليم هم الهدف والوسيلة المثلى للتجنيد من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية. 3) أهمية وخطورة قطاع التربية والتعليم تتمثّل في أنه يحتوي على (5) ملايين طالب وطالبة، يقوم على تربيتهم وتعليمهم (300.000) معلم ومعلمة، وهؤلاء يمثلون نسبة كبيرة من المجتمع السعودي تصل إلى (الثلث). 4) اتضح أن المعلم كان أهم أحد الأدوات الناقلة للخطاب الديني المتّشدد، وعليه، فنحن أمام قطاع واسع وعريض يحوي المؤثر والمتأثر، وبالتالي، فهو ذاتي التفريخ. 5) التعليم يمثل أحد نقاط الاحتكاك مع العالم الخارجي، وتتعرض المملكة لضغط شديد حوله، وحول المناهج التي تُّدرس فيه. 6) أن قطاع التربية والتعليم يحتاج إلى إصلاح حتى لأسباب غير مرتبطة بموضوع الأمن الفكري، فنظام التعليم العام يحتاج إلى إصلاح شامل لكي يُّعد الطالب والطالبة لمتطلبات الألفية الثالثة، وملاحقة التطورات الهائلة التي يشهدها العالم في مجال العلوم والطب والتكنولجيا والمعلومات وغيرها.. والسؤال المطروح هو: هل بهذا التعليم القائم، نظاماً ومناهجاً، نُّعد أبناءنا وبناتنا، بثقة، لمتطلبات سوق العمل، واللحاق بالعالم المتقدم من حولنا، وفي ظل انضمام المملكة لمنظمة التجارة الدولية؟! يكفي تصّفح (تقرير التنمية الإنسانية العربية) في إصداراته الأربعة لإعطاء صورة واضحة عن مدى ضعف استعدادنا لمتطلبات العولمة والدخول في منطقة التجارة العالمية.. ولذا، فإن من المهم إحداث نقلات نوعية في قطاع التعليم ومناهجه وأدواته، ومن ذلك: 1) النظر في تفعيل المجلس الأعلى للتعليم، وإعادة تشكيله برئاسة شخصية قوية ومؤثرة ومتفرغة من أحد أصحاب السمو الملكي الأمراء، ممن له اهتمام بالقضايا التعليمية والتربوية والفكرية، على غرار المجلس الاقتصادي الأعلى.. فالتعليم ليس أقل خطورة أو أهمية، في التأثير السلبي أو الإيجابي، عن قطاع الدفاع والأمن والاقتصاد والبترول.. 2) ضرورة إحداث (توازن) بين احتياجات الفرد والمجتمع من التعليم الديني مقابل التعليم الدنيوي، في مجالات العلوم والهندسة والطب والمعلوماتية.. ففي الوقت الذي يحتاج المجتمع هذه التخصصات، ويستقدم ملايين البشر من الشرق والغرب، نجد أن تشجيعاً وتركيزاً يميل بالاتجاه الآخر، مثل مدارس وحلقات تحفيظ القرآن، التي يُوجد بها أكثر من (500.000) طالب وطالبة سنوياً، ويجدون كافة أنواع التشجيع السياسي والاجتماعي والأدبي والمعنوي والمادي، فضلاً عن المكافآت الشهرية.. والسؤال المهم، هنا، هو: هل المجتمع بحاجة إلى هذه الأعداد الهائلة في الوقت الذي يعاني المجتمع من نقص شديد في أبسط التخصصات؟! وهو، أيضاَ، مجال واسع للاختراقات الإرهابية، وخاصة القابلية السريعة للتعاطف والتجنيد، باعتبار الملتحقين به شبابا صغارا، مُهيَّئين لتقبّل الأفكار الجهادية والتكفيرية دون عناء كبير.. لقد خرج على المجتمع السعودي شباب صغار من عباءة بعض النشاطات التعليمية والتربوية ممّن يُّحرمون السلام الملكي، ويُّحرمون الوقوف له، ويعتبرون العلم السعودي مجرد (خرقة)، وينظرون للحدود الوطنية لسيادة الدولة مجرد إتفاقية (سايكوبيكية)، ويحرّمون التعامل مع، والعمل في، البنوك، والوقوف عند إشارات المرور الحمراء المحاذية لها، ويحرّمون السفر للخارج، ويحرّمون الترفيه البريء، والوردة الحمراء، ولعب كرة القدم، ولبس العقال والبنطال، والبدلة العسكرية.. وهذه التوجهات لا تقتصر عليهم وحدهم بل، أيضاً، سوف تنعكس على أسلوب حياتهم، واختياراتهم لزوجاتهم، ونمط تربيتهم لأولادهم.. إن هؤلاء (بمجرد أعدادهم) الهائلة - فقط - قادرون على إحباط مشروعات الدولة الإصلاحية.. 3) تشجيع الترخيص لمؤسسات التعليم العالي الأهلية لمزيد من التنافس في التخصصات العلمية، وإتاحة المجال للراغبين من الطلاب والطالبات الذين تعجز مؤسسات التعليم العالي في الدولة عن استيعابهم.. 4) تحرير التعليم الأهلي من القيود الصارمة في المناهج التي تلزمه بها وزارة التربية والتعليم من أجل مزيد من الإبداع والتنوع في المناهج والخبرات، فضلاً عن تمكين التعليم الأهلي من إدخال تجارب تربوية حديثة يمكن عند نجاحها تطبيقها في التعليم الحكومي.. 5) إعادة تأهيل المعلمين عبر دورات تربوية متخصصة، واستحداث أنظمة خدمة مدنية تسّهل على وزارة التربية والتعليم إبعاد الذين يثبت حولهم شُبهة في حمل أفكار التشّدد لمواقع أخرى، والنظر في منح المعلمين (رخصة تعليم) لمدة معينة قابلة للتجديد، واستصدار ميثاق الشرف التعليمي للمعلمين.. 6) عدم السماح للمعلمين بالجمع بين الإمامة والخطابة في المساجد والتدريس، فقد اتضح من التجربة أن بعض الوعاظ المدرسين نقل الرسالة المتشدّدة للطلاب في قاعات الدرس والتحصيل.. 7) سد الفجوة الرقمية عبر خفض رسوم (الانترنت) وخدماته.. 8) تطوير المراكز الصيفية.. إذ لم يعد سراً أن المراكز الصيفية للطلاب قد تحولّت في السنوات الأخيرة إلى معسكرات إعداد جهّادية، متجاوزة بذلك حدود رسالتها وأهدافها التي أُنشئت من أجلها، وأصبحت أداة لحقن الطلاب بالأفكار الجهّادية، وصار الطلاب يتعلمّون فيها الولاء الأفغاني والشيشاني أكثر مما يتعلّمون فيها الولاء لوطنهم.. ويُقال: إن بعض هذه المراكز قامت بعمل معارض عن (صراعات العالم الإسلامي)، وتُّقدم الجهاد على أنه هو الحّل الأمثل لهذه الجراحات، هذا إضافة إلى القيام بعمل معارض للكتاب والشريط الإسلامي الذي لا يخلو من مواد جهّادية.. كما يتمّ في هذه المراكز اختيار قادة الجهاد كأسماء للأسر في المراكز الصيفية مثل: عزّام، أنس، أيمن، سيد قطب، ابن لادن،.. وكذلك إطلاق أسماء مناطق الجهاد مثل أفغانستان والشيشان.. أضف إلى ذلك الأناشيد الجهّادية التي تغمر أرجاء المراكز في وقت الأنشطة الرياضية، ومع كل حفل مسرحي.. وحتى الرحلات الطلابية التي تقوم بها المراكز لا تخلو من الرموز والإيحاءات الجهّادية حيث التمسّك بالزيّ الباكستاني طول فترة الرحلة، وكذلك التناوب على الحراسة الليلية، بل حتى (المقالب) التي يخطّط لها المسؤول عن الرحلة لغرض اختبار قوة وفاعلية الحراسة الليلية.. واختيار فتى يافع ليتّولى إمارة الرحلة لفترة يوم واحد بغرض تدريبه على الإمارة.. وهناك فئة أخرى من المجتمع ترى أن المراكز الصيفية مضيعة للوقت، عديمة الفائدة، فاقدة الجدوى، وبؤراً للانحراف وكسب العادات السيئة ونشرها بين الطلاب المشتركين، وهناك فئة ثالثة تعتقد أن المراكز الصيفية خالية من الإبداع، وتتّبع طرقاً تقليدية في برامجها، وأن الأفضل، برأيهم، أن تقوم الأسرة بنفسها بالترويح والتثقيف الذاتي لأبنائها خلال الإجازة الصيفية.. إن مصلحة الشباب تقتضي عدم التخلّي عن هذه المراكز، ولابد من تحليل أوضاعها، ومن ثّم تقديم رؤية جديدة لها مسّتلة من التجارب العالمية الناجحة، مع التوكيد على أن نجاح المراكز الصيفية يعتمد على ما يتوفر في برامجها من إبداع في تصميم البرامج، وإدخال عناصر التشويق والتنّوع والمرونة، كما أنه من الضروري أن تكون البرامج هادفة ذات أبعاد تربوية ومهّارية واجتماعية وعلاّقية واكتشافية، إلى جانب كونها ترويحية ترفيهية.. وبحيث تكون المراكز الصيفية بمثابة محاضن تربوية مثالية، تهدف إلى مساعدة الشباب الملتحقين بها على تطوير شخصياتهم ونموها، واكتشاف مواهبهم، واكتساب مهارات حياتية جديدة، ومقابلة أصدقاء جدد، مع التركيز على تعميق قيمة المواطنة وخدمة المجتمع وإشاعة روح المحبة والتفاؤل والثقة بين أكبر شريحة سكانية في المجتمع السعودي.. وهناك أمثلة عالمية للبرامج الناجحة مثل: * برامج المغامرات وتشمل، البرامج التي تتطلب قوة ومراساً لبناء الشباب مثل: صعود الجبال، الإبحار،الرحلات البرية، الفروسية، الصيد، سباق السيارات والدراجات، الرياضة المائية، مشي المسافات الطويلة. * برامج خاصة للموهوبين تشمل: حزمة خاصة من البرامج لتنمية الموهوبين. * برامج أكاديمية تشمل: الحاسب الآلي، الكتابة الإبداعية، فن الإلقاء ومواجهة الجمهور. * برامج خاصة تشمل: تصحيح سلوكي، خدمة مجتمع، معالجة مشكلات عاطفية تواجه الشباب، تخفيف الوزن. * برامج الزيارات وتشمل: رحلات داخلية في نفس المدينة والمنطقة، وداخل المملكة وخارجها.. وهذه من أنجح البرامج من حيث التشويق وإكساب المهارات الحياتية والاعتماد على النفس والتعرف على الوطن، أو على الأمم والشعوب والثقافات والمجتمعات الأخرى. * برامج اللغّات: ويهدف هذا البرنامج إلى إعطاء جرعات مكثفة في اللغات الأجنبية، حيث يتم الاتفاق مع مؤسسات عالمية على ابتعاث الطلاب والطالبات لمدة 6 - 8 أسابيع لتعلم اللغات العالمية وفق رغبات الطالب. ومن أجل أن تحقّق المراكز الصيفية أهداف رسالتها التربوية فيمكن النظر في التوصيات الآتية: (أ) أهمية أن تستفيد وزارة التربية والتعليم من التجارب الدولية في مجال المراكز الصيفية خاصة الدول المتقدمة التي لها تجربة متميزة في هذا المجال. (ب) ضرورة العمل على تبنّي أهدافٍ محددة ودقيقة لما تريده وزارة التربية والتعليم من المراكز الصيفية، ومن ذلك ما يأتي: * العمل على تطوير شخصية الطالب السعودي، وبتوازن عاطفي وسلوكي ووجداني وروحي مناسب. * إكساب الطالب مهارات حياّتية جديدة. * مقابلة أصدقاء جُدد. * اكتشاف مواهب الطلاب وهواياتهم وتطويرها. * استغلال وقت فراغ الطالب بما يعود عليه ومجتمعه بالمنفعة والفائدة. * إبعاد الطالب عن أصدقاء السوء والعادات والسلوكيات الخاطئة. * حماية الطالب من الأفكار الدخيلة والضّالة. * تعزيز قيم المواطنة وحب الوطن وخدمة المجتمع. (ج) العمل على إعداد خطة استراتيجية لخصخصة المراكز الصيفية، إذ لا يظهر أن وزارة التربية والتعليم قادرة على النهوض ببرامج النشاط الصيفي عبر المراكز بطريقة مبدعة ووفق المعايير والنماذج المطروحة عالمياً، وذلك بسبب ضعف الاعتمادات المالية المخصصة للمراكز، ووجود نسبة كبيرة من مرافق المدارس غير مهيأة لممارسة الأنشطة الضرورية لمثل هذه البرامج، لذا، فإن أقرب تصور واقعي لتحقيق هدف الوزارة هو تشجيع القطاع الخاص، والترخيص له بمزاولة هذا النشاط نيابة عن الوزارة، وفق نظام يحدّد البرامج المطروحة، والمعايير المقبولة للخدمات في المراكز الصيفية الخاصة، وتُقدّم هذه الخدمة مقابل رسوم يُتفق عليها مع الوزارة، يتمّ تحصيلها من أولياء الأمور،ويمكن في سبيل خفض الرسوم وتسهيلها على أولياء الأمور أن تساهم الوزارة بنسبة من الرسوم، وأن تسمح للمعلمين والمعلمات أن يعملوا في المراكز الصيفية الخاصة خلال فترة الصيف، كما تُتيح الوزارة للقطاع الخاص فرصة استخدام مرافق المدارس المهيأة، وكذلك إجازة الرئاسة العامة لرعاية الشباب استخدام مرافق الأندية وبيوت الشباب من قبل روّاد هذه المراكز. (ح) أهمية استحداث (مراكز صيفية للفتاة السعودية)، مع مراعاة خصوصيتها ومتطلباتها واحتياجاتها وفق الشريعة الإسلامية. (د) توسيع دائرة المستفيدين من المراكز الصيفية لتشمل الأطفال والصغار واليافعين، أي من سن (4) سنوات لغاية (17) عاماً. (خ) تشكيل لجان استشارية متخصصة على مستوى المناطق يكون من مهامها الإشراف والمتابعة، واقتراح ما يناسب تلك المناطق من برامج متنوعة للمراكز الصيفية لكل منطقة، وتكون اللجنة مرتبطة بمجلس التعليم بالمنطقة، أو بمدير التعليم مباشرة. (ه) ضرورة تجنّب النشاطات والبرامج التي أثبتت التجربة العملّية أنها تؤدي للاستخدام الخاطئ، أو الاستغلال السيئ من قِبل المتعاطفين مع الفئة الضّالة كالمحاضرات والندوات وحلق الإرشاد، والتركيز على البرامج التي تهتم ب (التدريب)، وتنمية (مهارات) سوق العمل والتدريب الصيفي، وبرامج التطوع وخدمة المجتمع. (و) النظر في استحداث برامج تعلّم اللغات (خارج المملكة) لمدة (6 - 8) أسابيع، وذلك بالترتيب مع معاهد عالمية، والبحث عن رعاة لهذه البرامج من رجال الأعمال والموسرين والشركات، ودعم مباشر من الدولة. (ن) النظر في أن يكون نشاط المراكز على (مدار العام)، وكذلك استحداث برامج تقدّم خلال إجازات نهاية الأسبوع والأعياد وإجازة الربيع من أجل إشغال الشباب فيما يفيدهم. سادساً: المحور الثقافي والإعلامي: الإعلام والثقافة ساحتان من ساحات الوغى والاحتراب والتنازع، مثلهما مثل قطاع التربية والتعليم، بين مختلف الفئات والأطياف الفكرية والاجتماعية.. فالملاحظ أن قطاعي التعليم والإعلام والثقافة تعرضّا إلى قدر كبير من (الاختطاف) في توجهات واتجاهات ليست لصالح المجتمع الكبير، ولابد من إعادة قدر من التوازن، تدريجياً، لهذه الميادين، ومن ذلك، فيما يتعلق بالإعلام والثقافة، ما يأتي: 1) ضرورة مراعاة التنوع والتمثيل المناطقي والثقافي والفني والاجتماعي والفكري لمختلف الأطياف الاجتماعية والفكرية في جميع مناطق المملكة في وسائل الإعلام، خاصة الرسمية منها (الإذاعة والتلفزيون)، وكذلك في توازن المواد (الوعظية) مع بقية المواد المعروضة، والتركيز على البرامج الحوارية والثقافية، والبرامج الموجهة للأسرة والمجتمع والشباب.. مع النظر في تطوير قناة شبابية منوعة. 2) المملكة تواجه مشكلة (علاقات عامة)P.R مع العالم الغربي، وحتى مع العالم العربي والإسلامي (غزو الكويت والاستعانة بالقوات الأجنبية، مثالاً)، ومن هنا، فالحاجة ماّسة إلى إعلام خارجي فعال، يستغّل موقع المملكة في العالم الإسلامي بالشكل المناسب الذي يُجلى صورة المملكة وحقيقة ما تمثّله وبما يتلاءم مع موقعها الروحي في قلوب المسلمين، مع العمل على إيجاد برامج مكثفة للتبادل الثقافي والفعاليات الثقافية والتظاهرات الإعلامية مع مختلف دول العالم، وفتح المجال واسعاً أمام زيارة المثقفين والإعلاميين والأكاديميين للمملكة.. ومن الأهمية بمكان النظر في فكرة إنشاء مؤسسة عامة للإعلام الخارجي تتمتع بصلاحيات مالية وإدارية فنية واسعة يُمكّنها من أداء رسالتها على الوجه السليم والمرن.. 3) التسريع في إصدار نظام (جائزة الدولة التقديرية) في مختلف التخصصات والمجالات العلمية والأدبية والثقافية والفنية والإنسانية والأمنّية. 4) منح المزيد من الحريات للكتابة في الموضوعات الحساسة، خاصة ما يتعلق بنقد الخطاب الديني المتشدّد، وكذلك بعض (المحرّمات الاجتماعية)، في الصحافة المحلية.. 5) رفع (الحداد) عن وسائل الإعلام المحلية في الفن والمسرحية الهادفة. 6) تشجيع إقامة الفعاليات الثقافية والفنية في المجتمع.. 7) النظر في صيغ مناسبة لدُور عرض عامة للفعاليات الثقافية والفنية تحت أسماء محلية لا تُثير حفيظة المحافظين أو الخائفين، خصوصاً في المدن المهيأة اجتماعياً وثقافياً لذلك.. 8) أهمية تشجيع إيجاد مؤسسات لقياس الرأي العام.. 9) النظر في إعادة البثّ التلفزيوني من المناطق، كما كان سابقاً، على الأقل لساعات معينة، من أجل بثّ برامج محلية تلائم ثقافة وفن كل منطقة، وتعكس خصوصيتها. سابعاً: المحور الإداري والمؤسساتي: 1) تشكيل (هيئة)، أو (مجلس أعلى)، أو (مركز وطني)، لمكافحة الإرهاب، أو تشكيل (فريق عمل متفرغ) (Task Force)، من (100) متخصص في شتى المجالات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، يكون له مجلس يمثل هذا الجسم الحكومي برئاسة سمو ولّي العهد، أو سمو وزير الداخلية، وعضوية عدد من أصحاب السمو والمعالي من ذوي العلاقة، بحيث يكون هذا (الجسم الحكومي) مرجعية إدارية وفنية وعلمية وتخطيطية واستراتيجية لملف الإرهاب، ويمكن أن يكون هذا (الجسم) مؤقتاً (10 - 20) سنة، أو دائماً، حسب ما يتضح للدولة من تقدم في جهود معالجة الظاهرة واجتثاثها من جذورها.. ويكون هذا الجسم (مرجعية إدارية وفنية) متقدمة تقوم بالوظائف التالية: تدرس، وتُحلّل، وتُوصي، وتُقرر، وتُتابع، وتُقوّم، وتراجع، وتُراقب، وتُعدّ التقارير لولاة الأمر، والجهات المعنية في الدولة، بشكل منتظم وعلمي عن ظاهرة الإرهاب، وتُّوضح لولاة الأمر مدى التقدم الرسمي والشعبي في جهود الدولة والمجتمع في السيطرة على الظاهرة ومكافحتها في المجتمع، فضلاً عن رصد العقبات والصعوبات والمعوقات - إن وُجدت - التي قد تعوق تقدم تلك الجهود. 2) إيجاد مركز أو تشكيل فريق استشاري للدراسات والقضايا الوطنية الاستراتيجية.. وكم هو ملفت للنظر أن دولة بحجم وثقل وأهمية المملكة العربية السعودية لا يُوجد بها مركز متقدم للدراسات الاستراتيجية، خاصة في مثل هذه الظروف التي تتطلب عقولاً وخبرات استراتيجية لتعين ولاة الأمر على اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. لقد بات ضرورياً دعم الدائرة المحيطة بصانع القرار في بلادنا ببيت خبرة استشارية من خيرة عقول هذه البلاد، علماً وخبرةً ودراية وتأهيلاً وتخصصاً، للتعامل مع قضايانا المحلّية والدولية، إذ ليس بخافٍ أن المملكة تواجه هجمة إعلامية وثقافية وسياسية شرسة، تستهدف الدين والقيادة والوطن والثوابت والهويّة، كما تعيش وسط أجواء إقليمية مضطربة، فضلاً عن قضايا وشؤون محلية ضاغطة، فرضتها طبيعة المرحلة، أو طبيعة الأحداث الجارية في المنطقة، جعلت المملكة تمرّ الآن في مرحلة من أدّق مراحل تطورها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ربما منذ تكوينها، الأمر الذي يتطلّب مواجهة حكيمة، ومعالجة برؤية علمية شمولية، ومنهجّية واضحة، وروّية وبعد نظر.. إن الاستعانة بالخبراء والمتخصصين تقليد اختطّه ودرج عليه مؤسس هذه البلاد - رحمه الله - عندما استشعر الحاجة إلى اصطفاء مجموعة متفرغة متخصصة تُعينه في صياغة القرارات المصيّرية في شؤون البلاد والعباد، ولم يجد غضاضة عندما عزّ وجود المواطن المؤهل أن يستعين بغير المواطن، وأحياناً غير المسلم، علماً بأن الأمور والقضايا، في ذلك الوقت، لم تكن بالتعقيد والتشابك التي هي عليه في وقتنا الحاضر.. والمملكة، وهي تواجه ظروفاً داخلية وخارجية بالغة التعقيد والخطورة، تفتقر إلى إحدى الأدوات الحضارية المهمّة للتعامل مع هذه المتغّيرات، وهي وجود مجموعة معتبرة من الأشخاص المؤهلين المتفرغين، قادرة على إبداء المشورة العلمية السديدة، وإسداء الرأي الصائب، وتقديم الخبرة المتخصصة، وإعداد التقارير المعمّقة، وإيصال المعلومة الناجزة، بشأن جملة من القضايا الوطنية الكبرى التي تواجه البلاد، في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ليستفيد منها ولاة الأمر عند صناعة القرارات المصيّرية ذات التأثير العميق في سياسة الدولة وحياة المواطنين، على غرار ما هو حاصل في الدول المتقدمة، حيث تبنّت أفراداً ومجموعاتٍ، اصطفتها للمشورة والرأي والتحليل والتخطيط واستشراف المستقبل، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وهو ما أُصطلح عليهم بمخازن الفكر (Think Tanks)، والمؤسسات الحاضنة لها مثل: (روكفلر، فورد، رند، كارنيجي، مجلس العلاقات الخارجية، بروكينجز، جماعة المشروع الأمريكي)، حيث تُنفق عليها الدول بسخاء، وتُفرّغها لمهمّات الدراسة والبحث والتحليل في شؤون الدولة، ذات الأهمية الاستراتيجية، في ضوء المتغيرات الحاصلة في الداخل والخارج، وعلى أساس معلومات موثقّة، وأبحاث علميّة رصينة، وإحصائيات دقيقة، ورصد إعلامي شامل، ومتابعة للأحداث.. وتُعدّ هذه المجموعات - باستمرار - تقارير عن الأوضاع، وترصد التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وتحلّل اتجاهات الرأي العام، وتُراقب توازن القوى الاجتماعية المتحّركة والساكنة والمتعارضة، مع قدرة فائقة على إعداد مشاهد (سيناريوهات) سياسية واجتماعية واقتصادية للدولة قبالة كل احتمال، كما تهّتم تلك الدول، عبر هذه المجموعات من المؤهلين والمتخصصين، بعقد الندوات والمؤتمرات والحلقات العلمية في الجامعات ومراكز الأبحاث وحضورها والمشاركة الفاعلة فيها.. وعلى أساس ذلك يتمّ تقديم الرأي والرؤية والمشورة، ووضع الخطط الاستراتيجية لجميع الاحتمالات التي يمكن أن تواجه الدولة في أي من المجالات الاستراتيجية، ثم تعرض تلك المجموعات المفكّرة ما لديها على صُنّاع القرار في بلدانهم، ويتبنّونها سياسة عامة، بعد أن يتم انضاجها من قِبل أصحاب العقول والفكر والخبرة، كل في مجال تخصصه.. هؤلاء الخبراء يقومون بدراسة كافة الاحتمالات والتطورات الممكنة، ويقدّمون مختلف التصورات، ويعرضون طيفاً واسعاً من المقترحات، في محاولة مستمرة للتوفيق بين الممكن والمحتمل والمستحيل، في ضوء المعطيات والحقائق والمعلومات المتوفرة لديهم.. وكم من مرّة نؤخذ على حين غرّة بهذه التقارير والمعلومات والرؤى، وبقدرتها الفائقة، نوعاّ وكمّاً، على الوصف والتحليل والاستنتاج، وتعلونا الدهشة لهذه الجاهّزية، والتوقيت المناسب، والسرعة التي تُقدّم بها المعلومات والرؤى للسياسيين ووسائل الإعلام.. ونستغرب ذلك - وقد نتهمّهم بالتآمر علينا لأننا - ببساطة لا نتوّفر على هذه الأدوات الحضارية والفكرية التي تفكر وتبحث وتحلّل، بحرية وهدوء، وبشكل مستمر وتراكمي، وتُقدّم منظومة متوازنة من الرؤى الشمولية للسياّسيين.. حتى إذا وُجد شيء من ذلك فإنه يظل الاستثناء، وغالباً ما تكون البنية الاستشارية وطبيعتها مبنّية على الثقة الشخصية أكثر من الجدارة والخبرة والتخصص، وضمن دائرة محدودة، ناهيك عن أن الاستشارة والرؤية التي تُقدّم لصانع القرار تعكس وجهة نظر أحادية لجهة بيروقراطية في جهاز الدولة التي ينتمي لها مصدر الاستشارة، أكثر من كونها رؤية علّمية حرّة مدروسة نابعة من رؤية شمولية واستراتيجية، ومجالها الوطن بكل رحابته.. ولتحقيق هذا الهدف فالوطن في حاجة إلى تفعيل دور (مركز الدراسات الاستراتيجية)، أو النظر في تكوين (هيئة استشارية) مرتبطة بولّي الأمر مباشرة، عبر استقطاب نخبة متميّزة من المؤهلين، ومن تخصصات مختلفة في الشريعة والسياسة والاجتماع والتربية والاقتصاد والإعلام والقانون والصحة والعلوم المعلوماتية والتنمية والموارد البشرية، وتكون هذه المجموعة من المستشارين متفرّغة، ومهّمتها: 1) تقديم المعلومة والرأي المستقل والطروحات المستنيرة في مجال تخصصها.. 2) تقرأ وتلخّص وتستنتج وتستقرئ وتبحث وتستشرف المستقبل.. 3) ترصد وتتابع ما يجري من أحداث في الداخل والخارج.. 4) تُقدّم التقارير، وتحدّث المعلومات ذات الصلة، وتشارك في المؤتمرات والندوات والحلقات العلمية المحلّية والعالمية.. إن الدولة تواجه قضايا ومسائل ومشكلات مصيرية في الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني مثل: الإصلاح بكافة أشكاله وصوره ومجالاته، الإرهاب، التطرّف، المشاركة الشعبية،الشفافية الإدارية، الحيوّية السياسة، حقوق الإنسان، الحريات العامة، التنمية، البطالة، تآكل الطبقة المتوسطة، العولمة، الفقر، قضايا الشباب، قضايا الأسرة، والمرأة والطفل، مشكلات الحج، التعليم والمناهج، العنف الأسري، المخدّرات والجريمة والانحراف، العمالة الوافدة والسعودة وتوطين الوظائف، الإسكان الميسّر واليسير للطبقة المتوسطة وما دونها، برامج الرفاه الاجتماعي، شحّ المياه، الإصحاح البيئي، توزيع خدمات الدولة مناطقياً، التنمية والتوازن المناطقي، الرسوم والخدمات، الإعاقة، غلاء المعيشة، الإعانات والدعم الحكومي، المواطنة والهوّية،انخفاض مستوى الدخول، السياسة الخارجية، المشكلات الحدودية، قضايا العمل الخيري والجمعيات الخيرية في الداخل والخارج، العمل الدعوي في الخارج مقابل الانكفاء على الذات، الإعلام الخارجي وصورة المملكة في الخارج.. وغيرها كثير من القضايا التي لم يُعد كافياً فيها الاجتهادات الفردّية أو العفوّية، بل تحتاج إلى فكر وخبرة وتخصصّ وتفرّغ ومتابعة، لكي تُعين وليّ الأمر على صياغة سياسات وأهداف وقرارات مستنيرة، ومحققّة للمصلحة العامة والعليا للوطن، في هذه القضايا وغيرها، بأقلّ قدر من الآثار والتبعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية..لعل مهّمات بهذه الخطورة والحيّوية، وموضوعات بهذا القدر من التنّوع والتأثير في حياة الفرد والأسرة والمجتمع، وفي سياق موقع المملكة الإقليمية والدولية.. لابد أن يضطلع بها، وبشكل مؤسسي، نخبة مُصطفاة متفرغّة من المتخصصين والمتميزّين، في المجالات التي يحتاج فيها ولاة الأمر إلى استشارة متخصصّة، ليبني عليها قراراً سياسياً أو سيادياً، أو سياسة عامة للدولة، أو أموراً تهّم المواطن وتؤثر عليه في حياته ومعيشته، ومستقبله ومستقبل الأجيال القادمة.. وينبغي في عضو المجموعة أن يكون من المشهود له بالولاء، والتوازن في الشخصية، والواقعّية في الطروحات والآراء، وعلى جانب من سعة الأفق، والقدرة على النظرة الشمولية، هذا فضلاً عن ضرورة التمّيز العلمي، وتوفر الخبرات العملّية، والقدرات التحلّيلية، وإجادة بعض اللغات الأجنبية.. إن بُنية استشارية بهذا التصور ضرورة ملّحة ما أحوج الوطن إليها حتى تتجنّب البلاد سلبيات الإدارة بالأزمات، وردود الأفعال، والمعالجات الوقتيّة والجزئية، في القضايا الكبرى التي تواجه المملكة. 3) تفعيل أدوار (مجلس الأمن الوطني) (National Security Council)، بما يتناسب مع المتطلبات العليا أو الأمن الوطني في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية. 4) إعادة هيكلة وزارة الداخلية (الأمن الداخلي - الحكم المحلّي)، والتحللّ من الأجهزة التي لا تصبُّ في العملية الأمنيّة مباشرة، بحيث تكون (وزارة للأمن الداخلي) فقط.