أسعدني التعقيب الذي سطره يراع الاستاذ ناصر الصالح العمري في العدد 10091 من جريدة الجزيرة الغراء الصادر بتاريخ 11/2/1421ه على مقالي في ذات الجريدة بالعدد 10043 الصادر بتاريخ 22/12/1420ه تحت عنوان صرخة من وادي الموت وما حمله ذلك التعقيب من إطراء مقرونا بملحوظات هامة تنم عن الأصالة الأدبية والتمكن اللغوي والغيرة الشرعية, ان مصدر سعادتي ليس التعقيب ذاته بل ان يحظى كويتب هاو مثلي بتعليق من استاذ ضليع في مجالات شتى، إن مثل ذلك يشجع على التواصل وحث من لهم باع في هذا المجال لفتح آفاق وكنوز اللغة من خلال تعليقاتهم وتصويباتهم فالحاجة ملحة لنشر لآلىء لغتنا الجميلة للحفاظ على مكانتها اللائقة حيث شَرُفت بأن نزل بها القرآن العظيم وبعث من الناطقين بها أشرف الأنبياء وخاتمهم، وذاك والله شرف لا يدانيه شرف. إن ما تفضل به استاذنا الكريم من ملحوظات كان بوسعه ان يخصني بها شخصيا فالوصل بيننا متصل ولكنه آثر وهذا من طبعه ان تعم الفائدة ومع ان احدا لا يود ان يخطىء إلا انني لم أجد أسفا فيما اعتبره محل نظر ما دام ذلك سيثير غيرته ويتحفنا بشيء مما لديه وحتى لا اتهم بالمجاملة سوف اعلق على بعض ما اورده من ملحوظات. لقد اشار ان الأطفال لا يصح ان يطلق عليهم تعبير الأبرياء لأن البراءة تأتي بعد ثبوت عدم ارتكاب جناية او جنحة وهو قول صائب، ولكن البراءة هنا ليس المقصود بها براءة من ذنب او زلة ولكنها براءة من نوع آخر فما يعاقب به اولئك الأطفال جاء بالتبعية إذ رأى الأعداء قيام الآباء بما لا يتفق ورغباتهم واهوائهم فوقع العقاب على الجميع. لقد أُخذ الأبناء بجريرة الآباء وهي وأيم الله جريرة ترفع الرأس وتثلج الصدر وسينقلها الآباء للأبناء والأجداد للأحفاد وسينتصر الحق بإذن الله. اما قوله إن قول جمال الدين وامعتصماه لا يصح إلا إذا كان ذلك من قبيل الرواية وحكاية الحال (ليس غير) فهذا قول حق، ولكن اوردت ذلك على لسان جمال الدين لأمور ثلاثة: أولها: ان هول المصيبة كما شدة الفرح يعطلان العقل احيانا فلا يميز بين الصواب والخطأ لذا اخطأ جمال الدين كما أخطأ الذي فقد راحلته ثم وجدها عند رأسه حيث قال اللهم انت عبدي وانا ربك أخطأ من شدة الفرح. ثانيها: حاجة أولئك المسلمين الى من يأخذ بأيديهم ويفقههم في دينهم الذي حيل بينهم وبينه امدا بعيدا. ثالثها: انهاض الهمم لعل الله ان يقيّض للملهوف معتصما جديدا يسمع ويرى ويهبّ للمساعدة فذلك فرض على كل مسلم قادر، فالمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا. وفي الختام ارجو لقلمه السيَّال تدفقا دائما، فكل منا على ثغر من ثغور الإسلام، وكل مطالب بحسب حاله وقدر استطاعته, والله ولي التوفيق.